مقالات

العالم قبل مجئ محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم

بقلم : محمد ابو السعود

قبل ستمائة عام من ميلاده صلى الله عليه وسلم وبعد أن رفع الله عيسى مكرماً إلى السماء أصبح العالم يتلاطم فى بحور لجية ويتشتت بين الف رقعة جغرافية كثرت القبائل وترعرعت العقائد الأرضية فلم تكن لعقيدة السماء مكانا لها في هذا الزمان، انقسمت خريطة العالم قبل مجئ محمد وتقطعت أوصالها ولم يكن هناك منهجاً دينيا أو سياسيا أو اجتماعيا اوحتى إقتصاديا يجتمع عليه العالم وبحسب كل كتب التاريخ والمؤرخين لم يشهد العالم كله فترة من الاضمحلال الحضارى أكثر من هذه الفترة وكان العالم قبل مجئ محمد له عدة خصائص كان أولها الانحراف العقائدي الكامل، حيث فسدت العقائد، وعبد الناس آلهة شتى من دون الله لا تملك لأنفسها -فضلاً عن أن تملك لهم- ضرًّا ولا نفعًا، فعبد العرب الأصنام، وعبد الصينيون بوذا، وعبد الفُرْس النار، وتخبَّط الرومان بين الوثنية والمسيحية المحرَّفة التي ابتدعوها

العالم قبل مجئ محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم
العالم قبل مجئ محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم

للمزيد من المقالات اضغط هنا

وثانية الخصائص هي الانهيار الأخلاقي التام، حيث انتشرت الفواحش، ولم يعد الناس يعرفون معروفًا أو يُنكرون منكرًا، بل انقلبت الأحوال حيث أصبح المنكر معروفًا يتداوله الناس جهرًا دون خشية، كما حدث مع الزنا والدعارة مثلاً، فصارت الداعرات ذوات بيوت مُشْهَرَة، كما صارت نسبة أولاد الزنا للزناة أمرًا شائعًا مشروعًا لا ينفيه أحد، ولا تُصيبه معرَّة بسببه.

وأما الخاصية الثالثة فهي التعاظم الشديد في القوة المادية، فقد كانت هذه الحضارات دنيوية صِرْفة، لا يهتم ملوكها وحكامها إلا بالقوة المادية التي تزيد في ملكهم، لذا فقد اهتمُّوا بزيادة قوتهم، وتكوين جيوش ضخمة يحاولون بها السيطرة على العالم واستعباد البشر.

العالم قبل مجئ محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم
العالم قبل مجئ محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم

إلى جانب هذه الخصائص التي ميزت هذه الفترة انقسم العالم إلى أربعة قوى رئيسية تمثلت فى دولة الفرس فى إيران والعراق والجزء الشمالى من آسيا واتسمت هذه الدولة بالاستبداد والطبقية وعبادة الملك الاله وعبادة النار، ودولة الروم وسيطرت على معظم أوروبا ومصر والشام وكانت ديانتها الرسمية المسيحية ولكنها كانت مجرد ديانة فقط لأرضاء الكنيسة إلا أن ملوكها قد سعوا فى الارض فسادا بل واضهدوا رجال الدين المسيحي وقتلوا الكثير منهم، ومافعلوه فى مصر هو أكثر شاهدا على ذلك، دولة الهند وكانت تحكمها الطبقية والجهل والعنصرية وعبادة الطيور والحيوانات والنباتات، واستيد ملوكها استبدادا لم يسبق فى البشرية أجمع واخيرا شبه الجزيرة العربية وكان فيها ماتبقى من دين إبراهيم عليه السلام حيث قطنها احفاد اسماعيل عليه السلام ولكن مع مرور الوقت تناسى الاحفاد عقيدة آبائهم فمنهم من ظل على دين إبراهيم ومنهم من صنع اصناما حول الكعبة للتبرك بها إلا أنها ومع مرور الوقت صارت آلهة تعيد من دون الله، وفى أطراف شبه الجزيرة العربية وفى اليمن كانت هناك ديانات شتى وملل مختلفة، إلى أن بعث الله نبيا من مكة بعدما كانت هذه الدنيا فى ظلام بائس ولقد اجتمعت كلمة المؤرخين عامة على أن العالم الإنساني قاطبة، والعالم العربي بصورة خاصة كان يعيش في دياجير ظلام الظلم والجهل، وظلمات الطغيان والاستبداد، تتنازعه الإمبراطوريتان الفارسية شرقاً، والرومانية غَرباً. ويؤكد هذه الحقيقة قول الحبيب-صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ-: “إن الله نظر إلى أهل الأرض فمقتهم, عربهم وعجمهم جميعاً إلا بقايا من أهل الكتاب” قال تعالى ” رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ ۚ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الحكيم”

وعنه صلى الله عليه وسلم قال ” نَعَمْ , أَنَا دَعْوَة أَبِي إبْرَاهِيم , وَبُشْرَى عِيسَى صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فهو الهادى البشير دعوة من ابراهيم وبشرى عيسى رحمة الله للعالمين …”

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

لديك مانع اعلانات فضلآ قم بتعطيله لتستطيع استخدام موقعنا