مقالات

استنزاف

بقلم/ أحمد صالح زغلول 

 

أن ترى الشمس في شفق تودع سمائها، وترى القمر جالساً مستقبلاً لها تتساءل حينها أكان على الشمس البقاء ونبقى في نهار دائم أم عليها المغادرة لـيبثُ نورها في مكان آخر، ونبقى حينها بين كفين القمر حيث الونس و الكمان و بيوت السلام .

خُلقنا وكل خرائط العالم جزءًا منا ، وإذا نظرنا حولنا سنجد أوتار الكمان بين اصبع السبابة لـ مايسترو واحد فقط؛ يحرك الألحان كيفما يشاء دون خلل دون زيف أو تضليل . أن تكون جزءًا من فرقة موسيقى ليس بالضرورة أن تكون أحدى العاملين بها ربما أن تكون المستمع المفضل لديهم وكل ما يتم من أجل إرضاء مزاجك الخاص؛ هكذا هي علاقة تجمع بين ذرات الطبيعة و ذرات الجسد الواحد .

 

أن نتعايش في طبيعة سُخرت من أجلنا فمن المؤكد بأننا على لقاء يجمع بين  الفاعل و المفعول به في جملة لا محل لها من الإعراب؛ فإذا نظرنا لطيات السحاب الكامنة لأمطار رعدية في ليالي فبراير الحزين، سنجد صورة مصغرة من هذا في طيات الحزن الكامنة في القلوب بعد رحيل محتوم في نفس ذاك الشهر ستجد الرحيل بلا أسباب رحيل ينقصها الأسباب كنقصان هذا الشهر .

 

ولكن سيظل مارس و إبريل حاملين عطر الورد والياسمين، ولفحات الريحان والنعناع لقلبك الطاهر 

وكأنها تعلن حالة من السلام إليك هكذا الطبيعية، هكذا أنت؛ ذرات خارجية تسبح في مدار داخلي لذرات داخلية ويبقى الإنسان والطبيعة في دوران مستمر ….

 

فإذا نظرنا لبركان ثائر سنجد خلق آدم نسخة كربونية منه عند الشجار، وإذا زلزلت الأرض فأنها صورة معكوسة له إذا كان في بلاء و هلاك وعند الانتصارات سنجد سلسلة من جبال إيفرست؛ شامخ الرأس، واثق النفس، عظيم الشأن و ……

 

وإذا نظرنا للبحار وتخبط الموج بالصخور  سنرى فيه حديث كحديث الروح بعد منتصف الليل، وانظر أيضًا لوحشية الغابات وقارن بينها وبين وحشية الاسياد، فالأمر أشبه بشخص ينظر في المرآة لا أكثر حُسم الأمر فها هي جلسة صدر حُكمها من قبل إتيان الطرفين ! 

 

أن العمر يقاس بما ندركه من مواقف ستعلم أن النجاح استنزاف للفشل، والحب استنزاف للـكُره، والزهور النيرة  استنزاف لأيام مالحة، وكل شئ استنزاف لمعكوسه، فلولا ضياء الشمس مكان للقمر وجود فكل ما حدث استنزاف ضوئها من أجل ضوء القمر، هكذا أنت في كل شيء في نجاحك، في فشلك، في حزنك، في فرحك، في لحظات التخلي ولحظات التمسك، في وقت القوة ووقت الضعف، في بناء العلاقات وفي هدمها، في كل شعور يولد بداخلك ما هو إلا مولد في رحم الاستنزاف 

هكذا أنت، هكذا الطبيعة، هكذا الحياة 

 

قهوتك استنزاف لرصيد البن 

حزنك استنزاف لدموع العين 

وقتك استنزاف لعداد العمر 

و……….فراغ ليك تكتب فيه كل استنزاف محتوم لعمر في الأصل كان استنزاف لرحيل محتوم فالحياة يا صديقي حرب استنزاف 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

لديك مانع اعلانات فضلآ قم بتعطيله لتستطيع استخدام موقعنا