مقالات

أغنوديس أول محاربة في تاريخ الطب 

✍ إيمان حامد

 

منذ العصور القديمة يتطرق إلى أذاننا أسماء الكثير من النساء العظماء التي تركن بصمة لامعة في التاريخ ومن بينهم كليوباترا أو جان دارك وغيرهن من النساء فقد كانت النساء تعتني بأفراد العائلة وتقوم على رعاية المرضى بالإضافة إلى جمع الأعشاب والنباتات الطبية والتحقق من قدرتها العلاجية.

 

كما كان  للنساء دورًا كمعالجات في العصور القديمة حيث استطعن إنقاذ عدد لا يحصى من الأرواح ورغم هذا منعت النساء من ممارسة مهنة الطب حتى نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين وهذا الأمر هو ما جعل تاريخ أغنوديس مدهش بشكل غريب، فهي تلك المرأة التي وجدت طريقة للتحايل على عادات ومتطلبات الوقت الذي عاشت فيه.

 

عملت أغنوديس كطبيبة ولدت هذه المرأة في أثينا في القرن الرابع قبل الميلاد لأسرة من المجتمع الراقي واستطاعت ممارسة مهنة الطب بحرية تامة بعد أن تنكرت في شخصية رجل لتصبح أول طبيبة نسائية في التاريخ وليس هذا فقط بل أثارت هذه المرأة ثورة نسائية وتمكنت من تغيير قوانين أثينا بأكملها .

 

 

وقد ذُكرت قصة أغنوديس في كتاب الكاتب اللاتيني جايوس يوليوس هيجينوس الذي عاش في القرن الأول قبل الميلاد، فقد تحدث عنها في كتابه “القصص” كواحدة من أوائل الطبيبات المتخصصة في أمراض النساء في التاريخ فبعد أبقراط منع المجتمع الأثيني النساء من ممارسة مهنة القابلات أو طب أمراض النساء بصفة عامة.

 

 وذلك بعد اتهامهن بإجراء عمليات إجهاض لذا كان اكتشاف أية امرأة تمارس الطب فإن عقوبتها الإعدام ولكن أغنوديس كانت لديها رغبة قوية في أن تصبح طبيبة بعد رؤيتها لكثير من النساء يتألمن بآلام المخاض، وكثيرًا ما كان ينتهي بهن الأمر إلى الموت هذه الحقيقة الصادمة والمؤلمة هي التي أشعلت رغبتها في مساعدة هؤلاء النساء على التخفيف من هذه الآلام كما أن شعور الكثير منهن بالخجل والحرج من الأطباء الرجال ساهم في ذلك الأمر.

 

ولهذا كانت أغنوديس قد قررت أن تساعد النساء على الولادة بطريقة أكثر أمانًا وأقل إيلامًا ودعمها والدها في مشروعها وانخرطت الأسرة بأكملها في وضع وتنفيذ الخطة اللازمة لإتمام هذا الأمر فقد قاموا بقص شعرها و ارتداء ملابس الرجال ثم انطلقت في طريقها إلى الإسكندرية لدراسة الطب على يد هيروفيلوس، عالم التشريح العظيم في ذلك الوقت .

 

وبعد الإنتهاء من تعليمها الطبي و عودتها لليونان كانت تسير في إحدي شوارع أثينا أذ سمعت صرخات امرأة بسبب المخاض و لم ترغب تلك المرأة في أن تلمسها أكنوديس رغم أنها كانت تعاني من ألم شديد  لأنها اعتقدت أنها رجل فقامت أكنوديس بخلع ملابسها  أمام المرأة كي تتأكد أنها ليس رجلاً  و ساعدتها على إنجاب طفلها.

 

وسرعان ما انتشرت القصة بين النساء و بدأت جميع النساء المريضات في الذهاب إلى أغنوديس  فازداد حسد الأطباء الذكور و اتهموا أغنوديس التي يعتقدون أنها ذكر مثلهم  بإغواء المرضى الإناث مما أدى إلى محاكمتها ، و حين مثلت أكنوديس أمام المحكمة و أثبتت أنها امرأة ، حُكم عليها بالإعدام بسبب دراستها للطب و ممارسة الطب كامرأة و خرقها للقانون.

 

ولكن ثارت النساء على الحكم  و خاصة زوجات القضاة الذين حكموا بالإعدام ، و أصررن إنه إذا أُعدمت أغنوديس سوف ينتحرون جميعًا و يموتن معها و بسبب عدم تحمل القضاة و الحكام ضغوط زوجاتهم تم رفع عقوبة الإعدام  و منذ ذلك الحين  سُمح للنساء بممارسة الطب  بشرط أن يتخصصن بأمراض النساء فقط وهكذا تركت أغنوديس بصمتها في التاريخ كأول طبيبة  نسائية يونانية .

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

لديك مانع اعلانات فضلآ قم بتعطيله لتستطيع استخدام موقعنا