
103 عام من آل قلاوون
103 عام من آل قلاوون
سلمى مندور
العاشر من نوفمبر يوافق ذكرى رحيل السلطان المنصور سيف الدين قلاوون، الذي قال عنه المؤرخ شمس الدين الذهبي “كان من أحسن الناس صورة في صباه، وأبهاههم وأهيبهم في رجوليّته، وكان على وجهه هيبة الملك، وعلى أكتافه حشمة السلطنة، وعليه سكينة ووقار”. ويُعد المنصور قلاوون مؤسس السلالة القلاوونية، التي كسر بها قاعدة الحكم لدولة المماليك بأن الحكم لمن غلب، وعليه حكموا مساحة شاسعة امتدت من مصر إلى الشام والحجاز واليمن وجنوب شرقي الأناضول وأجزاء من الديار العراقية وإفريقية.
لنتعرف أكثر على مؤسس سلالة بني قلاوون وحكامها اللاحقين
● المنصور سيف الدين قلاوون (1279- 1290)
• نشأته
هو المنصور سيف الدين قلاوون الألفي العلائي النجمي الصالحي، تعود أصوله إلى قبيلة من الترك في غرب آسيا، اخُتطف وهو صغير، وتم بيعه في أسواق الرقيق، أطلق عليه أحد تجار الرقيق اسم (آق ون) هو اسم تركي يعني بطه؛ لأن كان هناك تقوس في قدميه، وحرف بعد ذلك إلى قلاوون، وصل القاهرة بعد أن اشتراه الأمير الأمين علاء الدين آق سنقر الساقي العادلي بألف دينار لهذا لقب بـ قلاوون الألفي، وعندما توفي الأمير الأمين علاء الدين انتقل إلى خدمة الصالح أيوب الذي أعتقه فيما بعد، أصبح قلاوون ضمن المماليك البحرية، وترقى قلاوون سريعًا في المناصب حتى صار أميرًا وقائدًا.
• تأسيس دولة المماليك
عقب وفاة الملك الصالح نجم الدين أيوب أثناء تعرض مصر لحملة صليبية تولى ابنه توران شاه الذي تم قتله على يد قطز بالتعاون مع معلمه فارس الدين أقطاي الجمدار، وتم تنصيب شجرة الدر التي تنازلت صوريًا عن الحكم إلى المعز لدين الله أيبك أول سلاطين المماليك البحرية، والذي تم قتله و تعيين ابنه المنصور نور الدين علي بن أيبك، وتم خلعه فيما بعد، ونًصب المظفر سيف الدين قطز سلطانًا، والذي اغتيال سيف الدين قطز على يد السلطان الظاهر ركن الدين بيبرس عقب انتصار معركة عين جالوت ونصب سلطانًا.
• قلاوون في عهد الأسرة الظاهرية
عقب مقتل زعيمهم أقطاي، غادر مصر في عهد أيبك برفقة بيبرس و تنقلوا في خدمة الأمراء الأيوبيين، وعاد إليها في عهد بيبرس، الذي يعتبر المؤسس الفعلي لسلطنة المماليك، ، فأصبح أبرز رجال الظاهر بيبرس لهذا قام بتزويج ابنته غازية خاتون الملك السعيد ناصر، الذي تولى السلطنة عقب أبيه، الذي أجبره الأمراء على التنحي، وأشار عليه قلاوون بقبول التنحي، لكنه رفض السلطنة، وتم تعيين الابن الآخر لبيبرس بدر الدين سلامُش، وكان يبلغ 7 سنوات، وسعى قلاوون لأن يكون أتابكًا؛ مما مكنه من التخلص من جميع منافسيه، ثم جمع كبار المماليك وأخبرهم أن السلطنة بحاجة لسلطان ناضج يقودها، وتم خلع سلامش، وتنصيب قلاوون سلطانًا.
• توطيد حكمه
حارب قلاوون الخارجين عليه، لعل أبرزهم الأمير شمس الدين سنقر الأشقر، نائب السلطان في دمشق، وبعد أن خلع سلام، خرج عليه معلنًا استقلال بلاد الشام عن حكم قلاوون، كما احتل غزة، فأرسل إليه المنصور قلاوون جيشًا بقيادة الأمير سنجر، كما أرسل له جيشًا آخر وانضم له أمراء الشام، وارغمه على الاستسلام، ثم عفا عنه وولاه على أنطاكية وما حولها.
تعرض لثاني المؤامرات من مماليك الظاهر بيبرس الذين دبروا لقتله، كما راسلوا مغول فارس وأمراء الفرنجة في الشام، وقد أخبره أحد الأمراء بمخططهم، وعليه قام باستدعائهم وانعدام البعض منهم والبعض الآخر فر، عقب ذلك أنشأ عصبة جديدة من المماليك الشركس بدلاً منهم، وأسكنهم في أبراج القلعة، الذين عرفوا باسم المماليك البرجية.
• حروبه
لم تتوقف خطوات الجيش المغولي عقب معركة عين جالوت الذين في ذلك الوقت أقاموا دولة لهم في فارس والعراق(الاليخانين)، وذلك على النقيض تمامًا من علاقتهم الطيبة مع مغول القبجاق في جنوب روسيا، وقد تزوج منهم السلطان الظاهر بيبرس من ابنة ملكهم بركة خان، أيضًا لم يتوقف المماليك كذلك عن تهديد الوجود المغولي، واجههم في عدد من المعارك الفاصلة حيث حرك قائدهم اباقا خان جيشه باتجاه الشام، وأقام مجازر بحلب وانسحبوا المغول، وعليه حشد قلاوون أمراء الشام ومنهم الأمير سنقر الأشقر، لعل الأحداث تمت خلال معركة حمص الثانية في رجب 680 هـ، والتي جرت وقائعها بالقرب من مسجد خالد بن الوليد في مدينة حمص ممتدة شمالا حتى الرستن.
كانت أعداد قوات المسلمين تناهز 40 ألفًا، أما المغول 100 الفًا على أقل تقدير، بالإضافة إلى قوات أرمينية قادمة من آسيا الصغرى، وجورجيا، وفرسان الاسبتارية، وانتهت بانتصار الجيش المملوكي، ودخولهم دمشق، وقد أسفر القتال عن خسارة كبيرة في صفوف المغول، وإصابة قائدهم إصابة بالغة توفي متأثرًا بها بعد عام واحد.
عاود المغول الكرة، وعليه أرسل إلى أمراء عكا الصليبيين يحثهم على تجديد الهدنة التي عقدها مع الظاهر بيبرس معهم لتجنب مواجهة الطرفين في نفس التوقيت، وقد تضمنت الهدنة اعادة بعض الحصون والأراضي التي كان قد استولى عليها للصليبيين، كما قدم ضمانات لنصارى عكا بزيارة كنيسة الناصرة، وقد ألزمهم في مقابل ذلك بأمرين؛ الأول: أن يبلغوه بفسخ الهدنة قبل شهرين من قدوم حملات صليبية من أوروبا، والثاني: إبلاغه عن أي تحركات للمغول.
وقد بلغ عدد الهدن التي عقدها قلاوون معهم 7 هدن، ولكنه واصل جهاده ضد الصليبيين، واستولى على حصن المرقب الذي كان تحت سيطرة فرسان الاسبتارية، واسترد اللاذقية عقب حدوث زلزال قوي، وفتح طرابلس التي أقام بها الصليبين إمارة من الحملة الصليبية الأولى، وكان قد هيأها له سلفه الظاهر بيبرس، ثم تلتها بيروت وجبلة، وتجهز قلاوون لفتح عكا.
قمع العديد من التمردات منها تمرد مملكة النوبة التابعة لمصر، وتثبت النفوذ المصري في اليمن، بالإضافة إلى حملة تأديبية إلى أرمينيا الصغرى لتعرضها للحدود الشمالية، وعليه أرسلت العديد من الدول سفارات لتوطيد العلاقات معه.
• وفاته
عزم قلاوون على الحج، وفي نفس الوقت جاءته أخبار عن اعتداءات قام بها الصليبيون في عكا على تجار مسلمين، وبذلك انقضت الهدنة بين الطرفين، وقام بالاعداد للخروج ضدهم، فخرج من القاهرة إلى المخيم الذي أقامه، ولكن توقف مخططه مؤقتَا؛ حيث أن المنية قد حالت بينه وبينه، وذلك العاشر من نوفمبر 1290، ودفن في مدرسته التي أقامها في القاهرة القديمة حاليَا في منطقة بين القصرين شارع المعز لدين الله الفاطمى.
● حكام آل قلاوون
استمر حكم المنصور قلاوون لمدة 11 عامًا و3 أشهر، وعقب وفاته تسلم ابنه الاشرف خليل الحكم، ليستمر حكم أسرته حتى العام 1382م؛ عندما قام أمراء المماليك بقيادة برقوق بالإنقلاب على المنصور حاجي بن قلاوون وإنشاء سلالة المماليك البرجية، وإنهاء حكم السلالة القلاوونية التي تقلد فيها خمسة عشر سلطانًا من نسله، بخلاف ثلاثة من خارجها، وقد انتهى حكم أربعة منهم نتيجة وفاة طبيعية، وخلع سبعة، وقتل خمسة، وبعضهم خلع وعاد للحكم عدة مرات مثل الناصر محمد الذي أعيد للحكم واستمر حكمه في الفترة الثالثة له حتى توفي، اما الناصر حسن قد خلع، وأعيد مرة أخرى ثم قتل.
وجاءت قائمة حكام آل قلاوون كالآتي:
1 – المنصور سيف الدين قلاوون (1279- 1290)
2 – الأشرف صلاح الدين خليل بن قلاوون (1290-1293)
3 – الناصر ناصر الدين محمد بن قلاوون (1293-1294) – الفترة الأولى
4 – العادل زين الدين كتبغا (1294-1296) – مغولي الأصل
5 – المنصور حسام الدين لاجين (1296-1298) – ألماني الأصل
– الناصر ناصر الدين محمد بن قلاوون (1298-1308) – الفترة الثانية
6 – المظفر ركن الدين بيبرس الچاشنكير (1308-1309) – شركسي الأصل
– الناصر ناصر الدين محمد بن قلاوون (1309-1340) – الفترة الثالثة
7 – المنصور أبو بكر بن محمد بن قلاوون (1340-1341)
8 – الأشرف كجك بن محمد بن قلاوون (1341-1342)
9 – الناصر أحمد بن محمد بن قلاوون (1342-1342)
10 – الصالح إسماعيل بن محمد بن قلاوون (1342-1345)
11 – الكامل شعبان بن محمد بن قلاوون (1345-1346)
12 – المظفر حاجي بن محمد بن قلاوون (1346-1347)
13 – الناصر حسن بن محمد بن قلاوون (1347-1351) – الفترة الأولى
14 – الصالح صالح بن محمد بن قلاوون (1351-1354)
– الناصر حسن بن محمد بن قلاوون (1354-1361) – الفترة الثانية
15 – المنصور محمد بن حاجي بن محمد بن قلاوون (1361-1363)
16 – الأشرف شعبان بن حسين بن محمد بن قلاوون (1363-1377)
17 – المنصور علي بن شعبان بن حسين بن محمد بن قلاوون (1377-1381)
18 – الصالح حاجي بن شعبان بن حسين بن محمد بن قلاوون (1381-1382)







