
تعامد أشعة الشمس على وجه رمسيس الثاني في يوم ميلاده وتتويجه .. رمزية مزدوجة للحياة والخلود
تعامد أشعة الشمس على وجه رمسيس الثاني في يوم ميلاده وتتويجه .. رمزية مزدوجة للحياة والخلود
سلمى مندور
شهد فجر اليوم في منطقة آثار معبدي أبو سمبل، ظاهرة تعامد الشمس على قدس أقداس معبد الملك رمسيس الثاني، وهي ظاهرة فريدة تتكرر مرتين كل عام، في يومي 22 أكتوبر و22 فبراير، والتي تبرهن على عبقرية المصرى القديم، وتقدمه في علوم الفلك والهندسة.
لنتعرف أكثر على اكتشاف معبد أبو سمبل وظاهرة تعامد الشمس ودلالاتها الدينية في مصر القديمة.
● اكتشاف معبدي أبو سمبل
تعود رحلة اكتشافهم للعام 1813م، عندما عثر الرحالة السويسري يوهان لودفيج بوركهارت على بعض التماثيل الضخمة بارزة من الرمال خلال رحلته لشلالات النيل، وبعد عدة رحلات استكشافية، تمكن الباحثون من الكشف عن وجودهما، وواجهت عمليات التنقيب والترميم العديد من الصعوبات، ولكن بفضل جهود علماء الآثار والمهندسين تم الكشف عن هذا المعبد الذي ارتبط بظاهرة تعامد الشمس، والذي بناه الملك رمسيس الثاني من الأسرة التاسعة عشرة وتم قطعه كاملاً في الجبل، عام 1264 قبل الميلاد تقريبًا، ويشتهر المعبد بتماثيله الأربعة الضخمة جالسة والتي تزين واجهته، والتي انهار أحدها بسبب زلزال قديم ولا تزال بقاياه على الأرض.
ويقع إلى الشمال معبدًا آخر محفور في الصخور معروف باسم المعبد الصغير، مكرس للإلهة حتحور والزوجة الملكية العظمى لرمسيس الثاني، الملكة نفرتاري، وعلى واجهة المعبد الصغير، تقف تماثيلها الضخمة بنفس حجم تماثيل زوجها.
● اكتشاف ظاهرة تعامد الشمس
يعود الاكتشاف للعام 1874م، بواسطة الكاتبة البريطانية إميليا إدوارد التي كانت تقيم على مقربة من المعبد، عندها لاحظت أن أشعة الشمس تدخل فى يومين محددين حتى يصل إلى قدس أقداس المعبد، وقامت بنشرها في كتابها عام 1899م بعنوان “ألف ميل فوق النيل”.
● ظاهرة تعامد الشمس في المعبد الكبير
في تمام الساعة 6:21 صباحًا وفي مشهد مهيب اصطف آلاف السائحين من مختلف الجنسيات والبلدان لمشاهدة ظاهرة التعامد؛ حيث بدأ دخول المعبد قبل طلوع الشمس بأكثر من 3 ساعات لتجنب الزحام، وقامت الوحدة المحلية لمدينة أبو سمبل بمحافظة أسوان بتوفير شاشة عرض أمام ساحة المعبد لمشاهدة الظاهرة ونقلها.
وفي شموخ استمر بطول الزمان تقف تماثيل الملك الضخمة على جانبي الصالة الرئيسية المؤدية إلى قدس الأقداس، حيث تجلس أربعة آلهة: آمون رع، ورع حور آختي، وبتاح، ورمسيس الثاني بصفته معبودًا، وفي مشهد المهيب تدخل أشعة الشمس في المعبد تقطع خلالها نحو 60 مترًا حتى تصل إلى قدس الأقداس، وتتكرر الظاهرة خلال يومين في السنة هما 22 فبراير و22 أكتوبر، واللذان يوافقا يوم ميلاد وتتويج الملك؛ حيث تضيء أشعة الشمس الصالة الرئيسية، والتماثيل الموجودة في عمق المعبد إلا المعبود بتاح الذي اعتبره المصري القديم معبود الظلام والعالم السفلي، ولتستمر تلك الظاهرة لمدة 21 دقيقة حتى 6:42.
على هامش الحدث قامت الهيئة العامة لقصور الثقافة بتنظيم فعاليات مهرجان التعامد في الفترة من 17 إلى 22 أكتوبر، والتى انطلقت فى جميع المواقع الثقافية المفتوحة بمشاركة 8 فرق للفنون الشعبية المصرية، وجاءت المشاركات هذا العام من أسوان والأقصر وملوى وسوهاج وكفر الشيخ وبورسعيد والعريش والانفوشى، والتي قدمت عروضًا فنية في صحن المعبد خلال مشاهدة ظاهرة التعامد.
● توقيت حدوث الظاهرة قديمًا
كانت تحدث الظاهرة يومي 21 فبراير وأكتوبر، قبل أن تتغير إلى 22 ؛ حيث تم نقل المعبدين من موقعها الأصلي في عام 1968م بعد بناء السد العالي بأسوان، الذي هدد بإغراقها، وتم الانتهاء من عملية النقل بفضل الجهود الدولية التي قادتها اليونسكو، وتم قبول المعبد في قائمة مواقع التراث العالمي في عام 1799م.
● الدلالات الدينية للظاهرة في مصر القديمة
ارتبطت بإله الشمس رع، الذي كان يُعتبر مصدر الحياة والضوء، وكان المصريون يعتقدون أن تلك الظاهرة دليل على مباركة الإله رع لـ رمسيس الثاني، وعليه فإنه يمده بالقوة لحكم مصر، كما ارتبطت عند المصري القديم بأساطير دورة الحياة والموت والولادة من جديد، وكانت تقام احتفالات بتلك المناسبة.
● ظاهرة تعامد الشمس والترويج للسياحة
اعتبرت فرصة سنوية للترويج للسياحة في مصر؛ حيث أنها ظاهرة فلكية نادرة صنعت بفضل عبقرية المصريين القدماء قبل آلاف السنين ويحرص على مشاهدة لحظة التعامد آلاف السائحين والزائرين من شتى بقاع الأرض سنويًا، كما ينعكس ذلك على الاقتصاد الاقتصادي، بالإضافة إلى التأكيد على القيمة التاريخية والثقافية لمصر، وعلى عظمة الحضارة المصرية القديمة، وأيضًا دليل قاطع على قوة معرفة المصري القديم بحركة الشمس والكواكب، وتتويجها في مشهد صنعته حضارة آمنت بالنظام الكوني قبل آلاف السنين، في رسالة للعالم أن المصري في كل زمان قادرًا على إبهار العالم والإنسانية أجمع.







