
23 عام من مكتبة الإسكندرية الجديدة.. 23 عام من نور المعرفة
23 عام من مكتبة الإسكندرية الجديدة.. 23 عام من نور المعرفة
سلمى مندور
مكتبة الإسكندرية ذلك الصرح الثقافي العالمي الذي أثرى العالم بالمعرفة قديمًا، وحتى تلك اللحظة؛ بدايًة من جامعة الإسكندرية عام 1972، خلال محاضرة للدكتور مصطفى العبادي أستاذ التاريخ القديم والذي طالب فيها بإعادة إحياء مكتبة الإسكندرية، والذي كرّس سنوات طويلة من حياته لذلك، فكان يرى في المكتبة القديمة رمزًا عالميًا للمعرفة، وعليه اطلقت فكرته منذ سبعينيات القرن الماضي، حين طرح مشروع إعادة إحياء مكتبة الإسكندرية القديمة أمام اليونسكو، مؤكدًا أن مصر قادرة على أن تبعث من جديد منارة العلم التي أضاءت العالم القديم، وقد تبنت الفكرة رسميًا في منتصف الثمانينيات، وأصدرت منظمة اليونيسكو أول نداء دولي عام 1987 لدعم مشروع إحياء مكتبة الإسكندرية
لنتعرف أكثر على مكتبة الإسكندرية الجديدة، ومشروع إحيائها
● طرح فكرة إعادة إحياء مكتبة الإسكندرية
“إحياء مكتبة الإسكندرية ليس مجرد مشروع معماري، بل رسالة حضارية للعالم تقول إن مصر ما زالت قادرة على العطاء والتنوير” كلمة رددها رجل عظيم فى منتصف ثمانينات القرن الماضى ومن جامعة الإسكندرية؛ وهو أستاذ التاريخ اليونانى وحضارته الأستاذ الدكتور مصطفى العبادي صاحب فكرة إعادة إنشاء مكتبة الإسكندرية، وعليه قدم وزير التعليم حينذاك الدكتور أحمد فتحى سرور دعوة للمشاركة في لقاء فيينا الذي أعلن فيه العزم على إنشاء مكتبة الإسكندرية الجديدة فى نفس موقعها القديم تقريبًا في القرن الأول الميلادى.
● الاستعداد لإنشاء المكتبة الجديدة
وكانت البداية مع إعلان الرئيس الراحل مبارك إعلان أسوان عام 1990 لإحياء المكتبة القديمة، عليه أعلنت مصر عن فتح باب المساهمات العربية والدولية في إنشاء المكتبة باعتبارها تراثًا إنسانيًا؛ حيث بلغت تكلفة البناء 250 مليون دولار، تحملت الحكومة المصرية نصفها، والدول والمؤسسات المساهمة النصف الآخر.
تم عمل مسابقة دولية لتصميم المكتبة ومنحت الجائزة الأولى لمكتب للتصميمات المعمارية وهي سنوهيتا بالنرويج، وقد بدأت المجموعة مسيرتها المهنية في سبتمبر 1989م بالفوز بالمسابقة المعمارية الدولية لتصميم مبنى مكتبة الإسكندرية الجديدة، ولكن تأخر توقيع العقد، مما أتاح وقتًا لإجراء الاستعدادات الضرورية قبل أن يبدأ البناء عام 1992م، وقد شملت الدراسات الأثرية، ودراسة تربة الموقع، وعمل مسح أرضي، واختبارات للتربة وتحليلها، لضمان عدم تعرض المبنى للتلف أو الزلازل.
تم إعادة بناء مكتبة الإسكندرية على مقربة من الموقع الأصلي، وتم وضع حجر الأساس في 26 يونيو 1988، وفي مايو عام 1995م شيد أكبر جدار دائري في العالم، جدارية مكتبة الإسكندرية صممتها النرويجية جورن سانز، وهي جدار ضخم من الجرانيت الرمادي جُلب من محاجر أسوان، تبلغ مساحته نحو 6000 متر مربع، ويحمل نقوشًا ورموزًا من 120 لغة مختلفة، ونقشت يدويًا بعدما تم العمل عليها لعامين، وقد صُممت المكتبة بحيث تتخللها أشعة الشمس من السطح فقط، فجاءت واجهتها الخارجية بلا نوافذ، ويمتد المبنى حوالي 18 متر تحت مستوى البحر.
تضم المكتبة ملايين الكتب والوثائق النادرة، إضافة إلى مراكز بحثية متخصصة، ومتحف للآثار، ومركز للعلوم يضم القبة السماوية الشهيرة، كما أنشأت المكتبة منافذ بيع الكتب والهدايا الثقافية منذ عام 2002، أحدها في المدخل الرئيسي والآخر في مركز القبة السماوية العلمي، تقدم من خلالها مطبوعات وإبداعات محلية وعالمية، قاعة استكشاف ومركزَا للمؤتمرات، كما يضم هذا الصرح الثقافي: مكتبة تتسع لأكثر من ثمانية ملايين كتاب، ست مكتبات متخصصة، معرضين دائمين، ست قاعات لمعارض فنية متنوعة.
● افتتاح مكتبة الإسكندرية الجديدة
وفي يوم 16 أكتوبر عام 2002، افتُتحت مكتبة الإسكندرية الجديدة رسميًا بحضور شخصيات مصرية وعالمية رفيعة المستوى، لتعود المكتبة إلى الحياة على ضفاف البحر المتوسط كإرث معماري وثقافي خالد يجمع بين الأصالة والحداثة، منارة ترسل للعالم نور المعرفة من الإسكندرية إلى العالم.







