مقالات

قصة سيدنا نوح مختصرة

كتبت : إيمان حامد

تعد قصص الأنبياء مثال لمراكز التأهيل للدعوة إظهار الحق وإبطال الباطل كما أنها مدارس للتدريب على الصبر والجهاد من أجل إرشاد العباد إلى ما فيه صلاحهم في الدنيا، وفلاحهم في الآخرة وخاصة قصة نوح عليه السلام في القرآن الكريم فهي منارة للدعاة يستضيئون بهديها في طريق دعوتهم ومدرسة للمجاهدين في سبيل إعلاء كلمة الحق وإزهاق الباطل.

تعتبر مثالاً يحتذى للمضي قدماً في طريق الثبات على المبدأ وتحمل المشاق والصعاب من أجل نشره بين الناس وقد تكررت قصة نوح عليه السلام مع قومه في القرآن الكريم في سور عديدة، وبأساليب متنوعة، فجاءت في سورة هود أكثر تفصيلاً وجاء الحديث عنها في سور الأعراف، ويونس، والمؤمنون، والشعراء، والعنكبوت، والصافات، والقمر بشيء من التفصيل وجاءت إشارة إليها في سور الأنبياء والفرقان والذاريات و سورة سيدنا نوح عليه السلام، تحكي لنا ما دار بين نوح وقومه، وما قاله لقومه، وما ردوا به عليه.

بداية قصة سيدنا نوح عليه السلام :-

فقد عاش الناس بعد آدم عليه السلام على عبادة الله وطاعته، وبعد مرور آلاف السنين بدأت وساوس الشيطان إلى بعض الأجيال، وضلهم عن الطريق المستقيم، فأصبحوا إذا مات منهم رجال صالحون صوروا لهم تماثيل ليتذكروا هدايتهم بها ويتأسوا بهم، وكان من بين من صورهم ووضعوا لهم تماثيل خمسة رجال صالحون هم ود وسواع ويعوق ويغوث ونسر، وقد وسوس الشيطان إلى القوم بأن يعبدوا هذه التماثيل لأن أصحابها كانوا على الصلاح والتقوى، وأن عبادتهم لها تقربهم إلى الله.

دعوة سيدنا نوح عليه السلام :-

وأرسل الله نبيه نوحا فدعا القوم إلى دين الله وعبادته وحده، وترك عبادة الأصنام التى لا تنفع ولا تضر، ولم يؤمن بدعوة نوح إلا الضعفاء والفقراء أما باقى القوم فقد ظلوا على عنادهم وكفرهم، وقالوا لنوح أنه لا يؤمن به إلا الضعفاء والفقراء وطردهم خارج القرية حتى نؤمن بك ولكن نوحا عليه السلام رفض أن يطردهم وقال للقوم إن طردى الفقراء والضعفاء الذين آمنوا برسالتى لن يفيدكم بشيء فآمنوا بالله واعبدوه وأطيعوه خير لكم حتى لا يأتيكم عذاب أليم.

ولكن رفض القوم دعوة نبيهم نوح، وسدوا أذانهم بأصابعهم حتى لا يسمعوا له، وأخذ نوح عليه السلام يدعوهم بالإشارات فكانوا يرفعون ثيابهم على وجوههم حتى لا يروا إشارته فى دعوتهم، وظل نوح عليه السلام يدعو الناس سرا وعلانية وليلا ونهارا وهو يخشى عذاب الله الأليم إن ظلوا على كفرهم وأخذ يأمرهم باتباع دين الله وطاعته حتى يكونوا من الفائزين ولكن القوم ظلوا على شركهم برغم أن نبيهم نوحا كان يهب إليهم ولا ييأس من دعوته لهم.

بينما عاش نوح عليه السلام فى قومه تسعمائة وخمسين عاما، وقال له القوم لقد جادلتنا كثيرا، فأتنا بالعذاب الذى وعدتنا به إن كنت من الصادقين، فدعا نوح على قومه الكافرين قائلا: يا رب بل تجعل على الأرض من الكافرين أحدا، فأوحى الله اليه أنه لن يؤمن من قومه إلا من قد آمن، وأمره أن يصنع سفينة، وأعد ما يلزم لصناعة السفينة، وبدأ فى صناعتها بالصحراء، فكان القوم يمرون عليه ويسخرون مما يفعله.

وكان نوح قد ظل على صبره أمام القوم حتى أتم صناعة السفينة الكبيرة، فأمره الله أن يجمع فيها زوجين من كل انواع الطير والحيوان ومن آمن من أهله وقومه وبعد أن استقروا بالسفينة جاء أمر الله فتفجرت المياه من الأرض وانهمرت من السماء وبدأ القوم الكافرون يحاولون الهرب من الماء الذى أحاط بهم بدأوا يغرقون.

رأى نوح ابنه الذى لم يؤمن بدعوته وهو يحاول النجاة بنفسه من الغرق فناداه ليركب معهم ولكن الابن كافر لم يستجب له وقال سأصعد إلى جبل عال لينجو من الغرق ولكن لا يوجد نجاة للكافرين بعد أن أمر الله بهلاكهم، وغرق كل من كان يكفر بالله فى حين سار نوح بسفينته ومعه المؤمنون وهم يقولون الحمد لله الذى نجانا من القوم الظالمين، ثم جاء أمر الله السماء أن تقلع عن إنزال الماء، وأمر الأرض أن تبتلع ماءها، فعاد كل شئ إلى طبيعته بعد هلاك الظالمين وهبط نوح عليه السلام وهو ومن معه من المؤمنين على جبل الجودى بعد أن نجاهم الله وعاشوا فى طاعة الله وعبادته.

وهذه هي عاقبة الأمور فإن الله نجى نوحاً والذين آمنوا معه، وأغرق الرافضين لسبيل الحق، والمعرضين عن طريق الهدى، وجعلهم عبرة لمن بعدهم، {فأنجيناه ومن معه في الفلك المشحون * ثم أغرقنا بعد الباقين * إن في ذلك لآية وما أكثرهم مؤمنين} (الشعراء:119-121)، {قيل يا نوح اهبط بسلام منا وبركات عليك وعلى أمم ممن معك وأمم سنمتعهم ثم يمسهم منا عذاب أليم} (هود:48).

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى