
أسباب التعرق بدون مجهود
كتبت: رحمه نبيل
يُعتبر التعرق بدون مجهود من الحالات التي تثير القلق عند كثير من الأشخاص، إذ قد يحدث التعرق حتى في أوقات الراحة أو أثناء النوم، من دون القيام بأي نشاط بدني أو التعرض لحرارة مرتفعة. في هذا المقال سنستعرض جميع الأسباب المحتملة للتعرق بدون مجهود، ونوضح العوامل الصحية والنفسية والبيئية التي قد تكون وراء هذه الظاهرة، مع تقديم نصائح للتعامل معها.
ما هو التعرق ولماذا يحدث؟
التعرق عملية طبيعية يقوم بها الجسم من خلال الغدد العرقية بهدف تنظيم درجة الحرارة الداخلية. لكن في بعض الحالات، يحدث التعرق من دون وجود محفزات واضحة مثل المجهود البدني أو الطقس الحار، مما يشير إلى وجود خلل أو سبب آخر يستحق الاهتمام.
الأسباب الطبية للتعرق بدون مجهود
1-فرط التعرق الأولي (Hyperhidrosis):
التعريف: حالة مزمنة تتمثل بزيادة إفراز العرق في مناطق محددة مثل اليدين، القدمين، الوجه أو الإبطين.
السبب: عادةً لا يكون مرتبطًا بمشكلة صحية خطيرة، بل بزيادة نشاط الجهاز العصبي المسؤول عن تحفيز الغدد العرقية.
الملحوظة المهمة: يظهر غالبًا منذ الطفولة أو المراهقة ويستمر مدى الحياة.
2-اضطرابات الغدة الدرقية:
فرط نشاط الغدة الدرقية يؤدي إلى زيادة معدل الأيض في الجسم، ما يسبب ارتفاع حرارة الجسم الداخلية وبالتالي التعرق المفرط حتى في حالة السكون.
أعراض مرافقة: فقدان وزن غير مبرر، تسارع ضربات القلب، ارتجاف اليدين، قلق وتوتر.
3-انخفاض مستوى السكر في الدم:
نقص السكر (Hypoglycemia) قد يسبب تعرقًا مفاجئًا، خاصة عند مرضى السكري أو عند الأشخاص الذين لم يتناولوا الطعام لفترة طويلة.
يترافق غالبًا مع دوخة، ضعف شديد، وخفقان.
4-اضطرابات هرمونية:
انقطاع الطمث عند النساء (مرحلة سن اليأس) يرافقه هبّات ساخنة وتعرق ليلي بسبب التغيرات الهرمونية.
الرجال أيضًا قد يواجهون تغيرات هرمونية مرتبطة بانخفاض التستوستيرون تسبب تعرقًا غير مبرر.
5-أمراض القلب والأوعية الدموية:
التعرق المفاجئ قد يكون عرضًا لاضطرابات في القلب مثل الذبحة الصدرية أو النوبة القلبية.
غالبًا يصاحبه ألم في الصدر، ضيق تنفس، غثيان أو دوخة.
6-العدوى والأمراض المزمنة:
العدوى البكتيرية أو الفيروسية (مثل السل أو الملاريا) قد تسبب تعرقًا ليليًا شديدًا.
الأمراض المزمنة مثل السرطان (خاصة اللمفوما) تظهر أعراضها بتعرق ليلي مستمر مع فقدان وزن وحمى غير مبررة.
الأسباب النفسية والعاطفية للتعرق بدون مجهود:
1-التوتر والقلق:
عند التعرض لمواقف ضاغطة أو التفكير المفرط، يفرز الجسم هرمونات مثل الأدرينالين، مما يحفّز الغدد العرقية.
2-نوبات الهلع:
ترافقها أعراض مثل التعرق الغزير، تسارع ضربات القلب، ضيق في التنفس، وشعور بالدوار.
3-الاكتئاب:
بعض حالات الاكتئاب تتسبب بتغيرات هرمونية في الجسم تؤدي إلى التعرق المفرط خصوصًا أثناء النوم.
العوامل البيئية ونمط الحياة:
1-النظام الغذائي:
تناول الأطعمة الغنية بالتوابل، الكافيين، والمشروبات الساخنة قد يزيد من التعرق بدون مجهود.
المشروبات الكحولية أيضًا تؤثر على توسع الأوعية الدموية وتزيد من إفراز العرق.
2-زيادة الوزن:
الأشخاص الذين يعانون من السمنة غالبًا يتعرقون أكثر بسبب زيادة الجهد الذي يبذله الجسم لتنظيم حرارته.
3- الأدوية:
بعض الأدوية تسبب التعرق كأثر جانبي مثل:
مضادات الاكتئاب.
أدوية ضغط الدم.
بعض أدوية السكري.
متى يجب مراجعة الطبيب؟
مؤشرات تستدعي القلق:
تعرق مفاجئ مصحوب بألم في الصدر أو ضيق في التنفس.
التعرق الليلي المستمر مع فقدان وزن غير مبرر أو حمى.
ظهور التعرق بشكل مفرط في سن متأخرة دون سبب واضح.
تعرق يعيق الحياة اليومية ويؤثر على الثقة بالنفس.
طرق التشخيص:
1-التاريخ الطبي والفحص السريري:
يقوم الطبيب بجمع معلومات حول توقيت وشدة التعرق، العوامل المرافقة، والأدوية المستخدمة.
2-الفحوصات المخبرية:
تحاليل الدم لاكتشاف مشاكل الغدة الدرقية أو مستوى السكر.
اختبارات للكشف عن العدوى أو الالتهابات.
3-الفحوصات التصويرية:
أشعة الصدر أو الأشعة المقطعية للكشف عن أمراض القلب أو السرطان إذا كان هناك اشتباه.
كيفية التعامل مع التعرق بدون مجهود:
العلاجات الطبية:
أدوية مضادة للتعرق (تحت إشراف الطبيب).
حقن البوتوكس في حالات فرط التعرق الموضعي.
أدوية لتثبيط نشاط الغدد العرقية.
العلاج الجراحي في الحالات الشديدة (استئصال بعض الغدد العرقية أو قطع الأعصاب المحفزة لها).
تغييرات في نمط الحياة:
ارتداء ملابس قطنية خفيفة.
استخدام مزيلات العرق الطبية.
تجنّب الأطعمة الحارة والكافيين.
ممارسة تمارين الاسترخاء مثل اليوغا أو التأمل للتقليل من القلق.
نصائح وقائية للتخفيف من التعرق بدون مجهود:
1-التحكم في الوزن:
الحفاظ على وزن صحي يساعد على تقليل العبء على الجسم وتنظيم درجة حرارته.
2-شرب الماء بانتظام:
الإبقاء على الجسم رطبًا يقلل من ارتفاع الحرارة الداخلية.
3-النوم في بيئة مناسبة:
استخدام مروحة أو مكيف.
اختيار أغطية وملابس نوم خفيفة.
4-مراجعة الأدوية مع الطبيب:
إذا كان التعرق مرتبطًا بدواء معين، قد يقترح الطبيب استبداله بخيار آخر.
التعرق بدون مجهود ليس مجرد حالة مزعجة من الناحية الجسدية والاجتماعية، بل قد يكون إشارة مبكرة لمشكلة صحية تتطلب المتابعة. أسبابه متعددة تشمل فرط التعرق الأولي، اضطرابات الغدة الدرقية، انخفاض السكر في الدم، التغيرات الهرمونية، أو حتى أمراض القلب والأوعية الدموية. كما يمكن أن يكون ناتجًا عن أسباب نفسية أو بيئية بسيطة.
لذلك، من المهم عدم إهمال هذا العرض، خاصة إذا كان متكررًا أو مصحوبًا بأعراض أخرى. التشخيص المبكر والاهتمام بنمط الحياة يساعدان في التحكم في التعرق وتحسين جودة الحياة بشكل كبير.