أخبار الفن

حذرها الشعراوي.. مأساة الفنانة مها صبري في قبضة الزئبق الأحمر

كتبت: رويدا عبد الفتاح

في عالم الفن المصري، تتعدد القصص التي تحيط بالفنانين، لكن قلة منها تحمل الغموض والإثارة مثل قصة الفنانة مها صبري والزئبق الأحمر. من هي مها صبري؟ .. وما سر الزئبق الأحمر الذي ارتبط باسمها؟ .. هل كانت ضحية شائعات، أم أن هُناك أسرارًا أعمق وراء هذا اللغز؟
في سطور المقال التالي، سنكشف الحقائق حول حياة الفنانة المصرية الراحلة، ونستكشف علاقتها المزعومة بالمادة الغامضة التي أثارت جدلاً واسعاً.

من هي الفنانة المصرية مها صبري؟ .. حياة مليئة بالإنجازات

بداياتها المتواضعة وصعودها للنجومية

ولدت زكية فوزي محمود، والتي عُرفت باسم “مها صبري”، في 22 مايو 1932 بحي باب الشعرية في القاهرة. نشأت في بيئة شعبية بسيطة، حيث كانت تحلم منذ صغرها بأن تكون جزءاً من عالم الفن. في البداية، لم تكن تمتلك الفرصة لدخول السينما أو الغناء بشكل احترافي، لكن شغفها بالموسيقى قادها للغناء في الأفراح الشعبية. هناك، لفتت الأنظار بصوتها العذب وأدائها المميز، لتبدأ رحلتها نحو الشهرة.

أول انطلاقة حقيقية للفنانة “مها صبري” كانت مع أغنية “ما تزوقيني يا ماما” التي قدمتها في فيلم “منتهى الفرح” عام 1963. هذه الأغنية، التي أصبحت رمزاً للأفراح المصرية، منحتها لقب “دلوعة الغناء” وجعلتها صوتاً لا غنى عنه في المناسبات الشعبية. لم تكن مها مجرد مطربة عابرة، بل تحولت إلى أيقونة تركت بصمة في التراث الفني المصري.

مسيرتها السينمائية والتلفزيونية

بدأت مها مسيرتها السينمائية عام 1959، إذ اكتشفتها المنتجة ماري كويني وقدمتها للجمهور في فيلم “أحلام البنات” مع النجمين رشدي أباظة وعبد السلام النابلسي، حيث اختار لها الأخير اسم “مها صبري” ليكون اسمها الفني. منذ تلك اللحظة، بدأت مها رحلتها في السينما، حيث شاركت في أكثر من 25 فيلماً، منها “لقمة العيش” مع صلاح ذو الفقار، و”بين القصرين” المقتبس من رواية الأديب نجيب محفوظ. لم تتوقف عند السينما، بل دخلت عالم الدراما التلفزيونية من خلال مسلسلات مثل “ناعسة” عام 1970، مما عزز مكانتها كفنانة متعددة المواهب.

حياتها الشخصية: دراما وراء الأضواء

لم تكن حياة مها صبري الفنية فقط هي ما شغل الجمهور، بل كانت حياتها الشخصية مليئة بالأحداث الدرامية. تزوجت مها أربع مرات، وكل زيجة كانت محطة مهمة في حياتها. أول زواج لها كان من رجل يكبرها بسنوات، وأنجبت منه ابنها مصطفى، لكن الزواج انتهى بعد عامين فقط، ثم تزوجت من تاجر ثري أنجبت منه ابنتيها نجوى وفاتن، لكن هذا الزواج أيضاً لم يدم طويلاً.

أما زواجها الثالث فكان من اللواء علي شفيق، مدير مكتب المشير عبد الحكيم عامر، وهو الزواج الذي غير مسار حياتها، حيث طلب منها اللواء اعتزال الفن كشرط للزواج، ووافقت مها. لكن بعد نكسة 1967 واعتقال زوجها، واجهت تحديات كبيرة، منها العودة إلى الفن لتأمين حياة أسرتها. زواجها الرابع لم يحظَ بالكثير من الضوء، لكنه أكد أن حياتها الشخصية كانت مليئة بالتقلبات.

الزئبق الأحمر.. بين الحقيقة والأسطورة

تعريف الزئبق الأحمر في العلم والثقافة

الزئبق الأحمر هو مصطلح أثار جدلاً كبيراً في الثقافة الشعبية، لكنه يبقى لغزاً محيراً. من الناحية العلمية، لا يوجد شيء يُسمى “الزئبق الأحمر” في الكيمياء الحديثة. الزئبق العادي هو عنصر كيميائي معروف بخواصه السائلة والفضية، لكن “الأحمر” هو تسمية أُضيفت إليه في سياقات غير علمية، غالباً ما يُربط هذا المصطلح بالشعوذة والدجل، حيث يُزعم أنه مادة خارقة تمتلك قدرات سحرية، مثل جلب الثروة أو علاج الأمراض المستعصية.

الزئبق الأحمر في التراث الشعبي

في الشرق الأوسط، وخاصة في مصر، ارتبط الزئبق الأحمر بقصص خيالية وأساطير انتشرت بين الناس. يروي البعض أن هذه المادة تُستخرج من مصادر نادرة أو تُصنع بطرق سرية، لكن الواقع يؤكد أنها مجرد خدعة استخدمها المشعوذون للترويج لخدعهم واستغلال البسطاء. هذه الأساطير وجدت طريقها إلى حياة مها صبري، لتضيف طبقة أخرى من الغموض إلى قصتها.

الاستخدامات المزعومة للزئبق الأحمر

يُشاع أن الزئبق الأحمر يُستخدم في طقوس سحرية أو لأغراض علاجية، لكن لا دليل علمي يدعم هذه الادعاءات. في الواقع، أي مادة تُقدم على أنها “زئبق أحمر” غالباً ما تكون مركبات كيميائية أو أعشاباً سامة تُباع بأسعار خيالية للنصب على الضحايا. هذا الجانب سيكون مفتاحاً لفهم ما حدث مع مها صبري في سنواتها الأخيرة.

العلاقة بين مها صبري والزئبق الأحمر.. الحقيقة المذهلة

مرض مها صبري والبحث عن علاج

في أواخر حياتها، عانت مها صبري من تدهور صحي خطير، حيث أُصيبت بقرحة في المعدة ومشاكل صحية أخرى لم تجد لها حلاً في الطب التقليدي. في لحظة يأس، لجأت إلى الدجالين والمشعوذين بحثاً عن علاج بديل. هؤلاء أقنعوها بأن مادة تُسمى “الزئبق الأحمر” ستكون الحل السحري لمشاكلها الصحية. للأسف، كانت هذه بداية النهاية.

كيف أثر الزئبق الأحمر على حياة مها صبري؟

ما قدمه الدجالون لـ “مها” لم يكن زئبقاً أحمر حقيقياً، بل خليطاً من الأعشاب والمواد السامة التي زادت من تدهور حالتها الصحية. هذه المواد تسببت في تسمم حاد أثر على كبدها، مما أدخلها في غيبوبة. في 16 ديسمبر 1989، فارقت مها صبري الحياة نتيجة هذه المضاعفات، تاركة وراءها قصة مأساوية كشفت عنها ابنتها فاتن لاحقاً. أكدت فاتن أن والدتها كانت ضحية استغلال الدجالين الذين استفادوا من حالتها النفسية والصحية الهشة.

كيف أصبحت مها صبري ضحية للشعوذة؟

لم تكن مها صبري الضحية الوحيدة لهؤلاء المشعوذين، لكن شهرتها جعلت قصتها بارزة. في تلك الفترة، كانت الشعوذة منتشرة بين من يبحثون عن حلول سريعة لمشاكلهم، واستغل الدجالون جهل الناس للترويج لأكاذيبهم. مها، التي كانت تعاني من اليأس والألم، صدقت وعودهم الكاذبة، مما أدى إلى نهايتها المأساوية.

كشف الحقائق.. هل كان الزئبق الأحمر حقيقيًا؟

تحليل علمي يكشف الخدعة ويكذب الأسطورة

كما أوضحنا، لا وجود للزئبق الأحمر كمادة علمية. ما تناولته “مها صبري” لم يكن سوى مزيج من المواد السامة التي قدمها المشعوذون على أنها علاج. التحليل العلمي يؤكد أن هذه المواد تسببت في تسممها وتدهور أعضائها الحيوية، مما ينفي أي إمكانية لوجود مادة خارقة باسم “الزئبق الأحمر”.

دور الدجالين في مأساة الفنانة مها صبري

الدجالون لعبوا دوراً محورياً في هذه القصة. استغلوا حالة مها النفسية والصحية، وقدموا لها وعوداً كاذبة أدت إلى وفاتها. هذه الحادثة تسلط الضوء على مخاطر الشعوذة وأهمية التوعية بمثل هذه الخدع التي قد تكلف الناس حياتهم.

دروس من مأساة الفنانة مها صبري

قصة مها صبري ليست مجرد حكاية فنية، بل درس حياة مهمًا يحذر من الوقوع في فخ الخرافات. الاعتماد على العلم والطب الرسمي بدلاً من الدجل هو السبيل الوحيد لتجنب مثل هذه المآسي.

إرث خالد.. مها صبري بين الإبداع والمأساة

مها صبري، الفنانة التي أمتعت الجمهور بصوتها وأدائها، تركت خلفها إرثاً فنياً لا يُنسى، لكن نهايتها كانت مأساة تُروى عبر الأجيال. علاقتها المزعومة بالزئبق الأحمر لم تكن سوى خدعة أودت بحياتها، لتظل قصتها رمزاً للإبداع الذي اصطدم بـ الجهل والاستغلال.
من خلال كشف الحقائق، ندرك أهمية الوعي والابتعاد عن الخُرافات، تاركين لـ “مها” مكانة خاصة في تاريخ الفن المصري.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى