مقالات

من هم.. قباب السبع بنات في مصر القديمة

 إعداد/ حنان مرسي

على أرض بهنسا، في مركز بني مزار بمحافظة المنيا، تختلط الحقيقة بالأسطورة، حيث يُروى أن الرمال شربت دماء سبع فتيات حتى تلونت بالصُبغة الحمراء، قبل أن تعود بيضاء نقية، يترامى عليها الزائرون طلبًا للبركة والشفاء.

من هن السبع بنات؟

تدور الأساطير حول سبع فتيات يُقال إنهن استشهدن في معركة بهنسا، إحدى أشرس معارك الفتح الإسلامي لمصر، والتي وقعت في عام 21 هجريًا عندما أرسل عمرو بن العاص جيشًا قوامه خمسة آلاف مقاتل لفتح صعيد مصر من الحكم الروماني.

لكن الغموض يحيط بحقيقة هؤلاء الفتيات؛ فالبعض يعتقد أنهن كنَّ مسلمات مجاهدات شاركن في القتال إلى جانب جيش المسلمين، بينما يرى آخرون أنهن كنَّ راهبات مسيحيات وقفن ضد ظلم الرومان وساعدن الجيش الإسلامي في انتصاره.

رواية قباب السبع بنات

يذكر بعض المؤرخين أن الحاكم بأمر الله الفاطمي أمر ببناء سبع قباب في القاهرة، لدفن سبع بنات لوزيره أبي سعيد الحسين بن علي المغربي، وذلك بعد أن أمر بقتل عائلته انتقامًا منه عندما فرّ من مصر. لكن لاحقًا، شعر الحاكم بأمر الله بالندم، فقرر بناء القباب تخليدًا لذكراهن.

ويؤكد الباحثون أن القباب السبع تعود إلى العصر الفاطمي، ولم يتبق منها اليوم سوى أربع فقط، مما يزيد الغموض حول القصة الحقيقية وراء هذه القباب.

مقالات ذات صلة

أسطورة الكرامات والتبرك بالمكان

بغض النظر عن الحقيقة التاريخية، تحول موقع استشهاد السبع بنات إلى مزار يتوافد عليه الناس كل يوم جمعة، حيث يتمرغون على الرمال اعتقادًا بأنها تجلب الشفاء للمريض، وتحقق الأماني للعقيم، وتيسر الزواج للعازب. ويؤمن البسطاء بأن لهذه الأرض كرامات تفوق الطبيعة، رغم عدم وجود دليل ديني يثبت ذلك.

إهمال المنطقة وجهود الترميم

رغم الأهمية الأثرية والتاريخية لمنطقة قباب السبع بنات، إلا أنها تعرضت للإهمال والفوضى والعشوائية على مدار سنوات، حيث تراكمت القمامة بجوارها، وانتشرت الكلاب الضالة، وتسربت مياه الصرف الصحي إلى بعض أجزائها.

لكن مؤخرًا، أطلقت الدولة ومحافظة القاهرة جهودًا كبيرة لإعادة المنطقة إلى رونقها، حيث يتم رفع المخلفات، وترميم القباب المتبقية، وإصلاح السور المحيط بها بالتعاون مع هيئة الآثار، وذلك ضمن خطة تهدف إلى إحياء المواقع الأثرية المهمة.

التاريخ والدين… بين الإيمان والخرافة

تجسد هذه الظاهرة مزيجًا من التاريخ والروحانية الشعبية، حيث يمتزج الإيمان بالكرامات مع العادات المتوارثة. لكن يبقى السؤال الأهم: هل لهذه الطقوس أصل ديني أم أنها مجرد خرافات شعبية؟ فالإسلام يؤكد أن الله هو القادر على تحقيق الأماني دون وسيط، وقد قال في كتابه الكريم: “ادعوني أستجب لكم”.

تبقى قصة السبع بنات إحدى الحكايات الغامضة التي تضفي على بهنسا هالة من السحر والتاريخ، لكنها في النهاية تظل بين الحقيقة والأسطورة، بين الإيمان والخرافة، وبين الماضي والحاضر.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى