
من هو فرعون المجد والانتصارات؟ القائد الأعظم في تاريخ مصر القديمة
من هو فرعون المجد والانتصارات؟ القائد الأعظم في تاريخ مصر القديمة.
كتبته/ شهد سعد الجنيدي
رمسيس الثاني أحد أعظم ملوك مصر على مدار تاريخها الطويل، فقد تولى الحكم وهو في العشرين من عمره تقريبًا، واستمر ملكًا لمدة 67 عامًا، وهي واحدة من أطول فترات الحكم في مصر القديمة، ترك بصمته في السياسة والحرب والعمران، فاستحق عن جدارة لقب فرعون المجد والانتصارات..
كيف كانت طفولة رمسيس الثاني وصعوده إلى العرش؟
وُلد رمسيس الثاني حوالي عام 1303 ق.م، ونشأ في كنف والده الملك سيتي الأول، الذي أعدّه ليكون ملكًا منذ الصغر، فأشرف على تدريبه العسكري وعلمه أسس الحكم والإدارة. تدرج في المناصب حتى أصبح **ولي العهد**، وعند وفاة والده تولى العرش ليكون حاكمًا على واحدة من أقوى الإمبراطوريات في العالم آنذاك وعند توليه العرش، كانت مصر في اوج ازدهارها، فحافظ على استقرارها الداخلي، واثبت كفاءته كقائد سياسي وعسكري، وعمل على توسيع نفوذها في الشرق الأدنى، فصار يلقب حاكم الارضين وسيد القوة العظمى.
حملاته العسكرية ومعركة قادش:
كان عهد رمسيس الثاني مليئًا بالصراعات العسكرية، حيث سعى إلى حماية حدود مصر وتوسيع نفوذها. كانت أكبر تحدياته هي مواجهة الإمبراطورية الحيثية، التي كانت تسيطر على مناطق واسعة في بلاد الشام، وخصوصًا مدينة قادش الواقعة في سوريا حاليا.
قاد 6 حملات عسكرية ضد الحيثيين، وكانت المواجهة الحاسمة في معركة قادش عام 1274 ق.م، حيث واجه جيشا حيثيا يفوقه عددا، بقيادة الملك موتاللى الثاني، كادت المعركة ان تنتهي بكارثة على المصريين، بعد ان تعرض جيش رمسيس الثاني لخيانة من بعض الحلفاء، لكنه استطاع بمهارته القتالية إعادة ترتيب الصفوف وشن هجوم مضاد. وعلى الرغم من شجاعته وخبرته العسكرية، لم تكن المعركة انتصارًا ساحقًا لأي طرف، حيث انسحب الحيثيون إلى قادش، مما دفع الطرفين إلى توقيع أول معاهدة سلام مكتوبة في التاريخ.
أهم بنود معاهدة السلام مع الحيثيين:
إقامة علاقات ودية بين مصر والحيثيين.1
. التزام كل طرف بعدم الاعتداء على الآخر 2
تقديم الدعم والمساعدة في حالة نشوب خطر خارجي.3
احترام كل طرف سيادة الآخر.4
كجزء من تعزيز العلاقات بين الدولتين، تزوّج رمسيس الثاني من إحدى الأميرات الحيثيات، التي عُرفت باسم “ماعت حور نفرو رع”، مما ساهم في تحقيق استقرار طويل الأمد.
إنجازاته العمرانية والإدارية:
كان رمسيس الثاني عاشقًا للبناء والتشييد، فترك وراءه آثارًا ضخمة لا تزال شاهدة على عظمته حتى اليوم، ومن أبرز مشروعاته:
مدينة بر-رعمسسو: 1.
أنشأ مدينة بر-رعمسسو في شرق الدلتا، وجعلها عاصمة لمصر ومركزًا إداريًا وعسكريًا هامًا، لكنها لم تصل لمجد مدينتي “منف وطيبة”.
2.تشييد المعابد والاثار:
أكمل بناء بهو الأعمدة الكبير في معبد الكرنك، الذي بدأه الملك حور محب.
شيّد 9 معابد في النوبة، كان أبرزها معبدا أبو سمبل، حيث نُحتت تماثيله الضخمة في الجبل تخليدًا لانتصاراته.
أقام معابد ضخمة في منف وطيبة، وزيّنها بالنقوش التي تصوّر بطولاته في معركة قادش.
3 – تطوير الاقتصاد والبنية التحتية:
اهتم بتنشيط التعدين والتحجير في سيناء والنوبة والصحراء الشرقية، مما زاد من ثروة مصر.
طور شبكة الطرق لتسهيل حركة الجيش والتجارة.
دعم الزراعة وشبكات الري لتأمين مصادر الغذاء وزيادة الإنتاج الزراعي.
شجع التجارة الخارجية مع الممالك المجاورة، مثل بابل وفينيقيا وقبرص.
رمسيس الثاني والقوة الدينية:
كان رمسيس الثاني يُعتبر إلهًا حيًا في نظر المصريين، حيث حمل ألقابًا مثل “ابن رع” و”حبيب آمون”. حرص على تقوية نفوذ كهنة الإله آمون في طيبة، مما جعل المعبد مركزًا دينيًا وسياسيًا قويًا خلال عهده.
كما دعم بناء وتجديد المعابد المخصصة للآلهة المصرية في أنحاء البلاد، وخاصة في أبيدوس والكرنك.
الحياة اليومية في عصر رمسيس الثاني:
شهد عصره ازدهارًا اقتصاديًا وثقافيًا كبيرًا، حيث:
ازدهرت الصناعة، خاصة في مجال النسيج وصناعة الذهب..
توسعت التجارة الخارجية، مما أدى إلى تدفق السلع والموارد من الدول المجاورة..
كانت العاصمة بر-رعمسسو مركزًا نابضًا بالحياة، حيث عاش فيها آلاف العمال والجنود..
رمسيس الثاني في الأدب المصري القديم:
مجّدت النصوص المصرية بطولات رمسيس الثاني، خاصة في “قصيدة قادش”، التي نُقشت على جدران معابده، حيث صُوّر كقائد لا يُقهر. كما ازدهرت الفنون والأدب خلال عصره، واهتم بتوثيق إنجازاته على الأحجار والمعابد لضمان تخليد اسمه عبر الأجيال.
هل كان رمسيس الثاني فرعون الخروج؟
رغم أنه أحد أشهر الفراعنة، إلا أنه لا يوجد دليل تاريخي قاطع على أنه فرعون الخروج المذكور في قصة النبي موسى عليه السلام. بعض الباحثين يعتقدون أن الفرعون المقصود قد يكون من الأسرة التاسعة عشرة أو العشرين، لكن لم يتم تأكيد ذلك تاريخيًا.
وفاته ومكان دفنه:
توفي رمسيس الثاني عن عمر 90 عامًا، وهو عمر استثنائي في ذلك الزمن. تم دفنه في وادي الملوك، لكن بسبب عمليات النهب، نُقلت مومياؤه عدة مرات، حتى استقرت في المتحف المصري بالقاهرة، حيث لا تزال تُعرض حتى اليوم، شاهدة على عظمة واحد من أعظم حكام مصر.
كان رمسيس الثاني قائدًا استثنائيًا، استطاع أن يحافظ على هيبة مصر العسكرية، ويعزز نفوذها السياسي، ويبني إرثًا عمرانيًا خالدًا، وساهم في ازدهارها الاقتصادي، وخلد اسمه من خلال معابده الضخمة، سواء أكان أسطورة أو حقيقة، فإن اسمه لا يزال محفورًا في وجدان التاريخ كواحد من أعظم الفراعنة الذين حكموا مصر.