التاريخ والآثار

نساء غيرن تاريخ مصر القديمة

نساء غيرن تاريخ مصر القديمة

عبير فكري موسى

خلال فترة بداية الدولة الحديثة اكتسبت الملكات دورًا بالغ الأهمية. حيث لم تحصل الملكات على ألقاب جديدة فحسب، بل كان تأ ثيرهن عبر القطاعا ت السياسية والإقتصادية والدينية في المجتمع كبيرًا. ففي مجتمع نشأ من صراع عسكري؛ أصبحت ملكات مثل: تيتي شيري وأياح حوتب الأولى وأحمس نفرتاري أكثر أهمية على نحو متزا يد وأصبحت أدوارهن أكثر بروزًا مع تحول مصر إلى قوة مهيمنة.

يتضح هذا أولاً من خلال القطاع السياسي في المجتمع. فحتى عهد حتشبسو ت، لم تكن الملكات يتولين دور الفرعون؛ ومع ذلك، فقد احتفظن بتأ ثير عسكري كبير.


كانت الملكة أياح حوتب الأولى ابنة الملكة تيتي شيري، وربما كانت واحدة من أ برز الملكات في ممارسة السلطة السياسية، حيث تشير الأدلة إلى أن أياح حوتب الأولى ربما حكمت كوصية على ابنها أحمس، بعد أن مات كلا من زوجها سقنن رع تاعا الثاني وابنها الأكبر كاموس أثناء قتالهم الهكسوس.

ولعبت الملكة دورًا بالغ الأهمية خلال هذه الفترة المضطربة، حيث ساعدت في السيطرة على الجيش ويؤيد هذا الرأي النصوص الموجودة في لوحة تذكارية لأحمس في أبيدوس: “أنها هي التى رافقت الطقوس واهتمت بمصر لقد اعتنت بجنود مصر وقامت بحراستهم”، مما يوضح أن الملكات قمن بدور مهم للغاية من خلال تمتعهن بنفوذ سياسي قوي خلال فترة من النمو والتوسع الكبيرين لمصر.

وعلى نحو مماثل، أظهرت الملكة أحمس نفرتاري أيضًا أهمية دور الملكات من خلال تأثيرها السياسي خلال فترة المملكة المصرية الحديثة. وباعتبارها ابنة أياح حوتب الأولى؛ احتفظت أحمس نفرتاري بمكانة سياسية كبيرة حيث يشير المؤرخون إلى أنها ربما كانت وصية على عرش أمنحوتب الأول بعد وفاة زوجها، حيث ينسب إليها وإلى ابنها أمنحوتب الأول الفضل فى إنشاء قرية العمال في دير المدينة. مما يساهم في الإعتقاد بشكل أساسي بأن الملكات كن على قدر عالٍ من الأهمية؛ حيث حافظن على إستمرار الإمبراطورية من خلال قدرتهن على تولى منصب الوصى على العرش.

بالإضافة إلى ذلك؛ حملت أحمس نفرتاري ألقاب الملكات التقليدية مثل “زوجة الملك” و”ابنة الملك” و”سيدة مصر العليا والسفلى”، مما يشير إلى النفوذ السياسي الكبير الذى تمتعت به خلال هذه الفترة.

ولم يقتصر الأمر على هذا؛ بل حافظت أحمس نفرتاري على أهمية كبيرة من خلال أدوارها الدينية – والتى يراها العديد من المؤرخين مبتكرة للغاية في تلك الفترة – حيث كانت أول ملكة مصرية يمنحها زوجها أحمس لقب “زوجة الإله آمون” مما مكنها من خلال هذا اللقب الجديد من ممارسة نفوذ ديني واسع النطاق، ومنحها قوة جديدة من خلال الدين، ساعدت في ممارسة السلطة على قطاع كبير من المجتمع.

أهمية الملكات وأدوارهن وخاصة من الناحية الدينية خلال هذه الفترة أصبحت أكثر وضوحًا من أي وقت مضى، ويتضح هذا في حياة الملكة تيتي شيري التى حملت لقب “زوجة الملك” لسقنن رع تاعا الأول.

وتشير الدلائل من معبد أحمس الجنائزي إلى أن الملكة تيتي شيري حافظت على أهمية الدين في المجتمع أثناء قيام زوجها سقنن رع تاعا الأول بحملات ضد الهكسوس، حيث لوحظ ظهور اسم تيتي شيري في العديد من المعابد الجنائزية والمخطوطات الدينية في مناطق  مثل أبيدوس والكرنك والدير البحري، مما يؤكد بما لا يدع مجالًا للشك بأن نفوذ ملكات الدولة الحديثة اتسع وامتد حتى شمل الجانب الديني بالإضافة إلى الجانبين السياسي والإقتصادي.

وربما كانت الملكة تيتي شيري معروفة بشكل أكثربروزًا بأدوراها السياسية خلال الحروب ضد الهكسوس مما يشير إلي نفوذها السياسي القوي، وباعتبارها زوجة الملك فقد كان دورها هو تربية ملك محارب من أجل القضاء على الهكسوس؛ إلا أنها استحقت عن جدارة ذلك اللقب الذى أطلقه عليها المؤرخون ألا وهو: “أم المملكة المصرية الحديثة” من خلال نجاحها في الحفاظ على تأثير ونفوذ سياسي قوي من خلال دورها كأم و زوجة؛ حيث كانت قادرة على المساعدة في حكم مصر خلال هذه الفترة العسكرية المضطربة.

وليس أدل على مقدار الإحترام والتعظيم الذي حظيت به الملكة العظيمة تيتي شيري من تلك اللوحة؛ التى أكتشفت بمدينة أبيدوس ويظهر فيها الملك أحمس وهو يقدم القرابين لروح جدته الملكة تيتى شيرى.

ويقول النص المصاحب للمشهد على لسان الملك أحمس موجهًا حديثه لزوجته الملكة أحمس نفرتارى:

“لقد تذكرت أم أمى وأم أبى الزوجة الملكية العظيمة وأم الملك “تيتى شيرى”، إن مقبرتها ومعبدها الجنائزى يقفان الآن على أرض مدينة طيبة ومدينة أبيدوس؛ ولكن جلالتى يود أن يشيد لها هرمًا ومقصورة فى الأرض المقدسة أبيدوس بالقرب من صرحى (مقبرتى)، هكذا أمر جلالة الملك أحمس وقد تم تنفيذ أوامر جلالته”.

إلى جانب القدرة على إدارة شئون البلاد خلال فترات الصراع العسكري؛ كذلك لعبت الملكات دورًا إقتصاديًا بالغ الأهمية  فقد وجد اسم الملكة أحمس نفرتاري منقوشًا على محاجر الحجر الجيري في ممفيس حيث كانت تستخرج مواد البناء، كذلك تمتعت الملكة أياح حوتب الأولى بلقب “رفيقة حامل التاج الأبيض” والذى استخدمته للتمتع بنفوذ إقتصادي قوي، وبذلك يتضح أن الأدوار الإقتصادية للملكات خلال هذه الفترة مكنّت مصر من الحفاظ على إقتصاد مستقر.

وهكذا لعبت الملكات خلال هذه الفترة من خلال أدوراهن السياسية والدينية والإقتصادية، دورًا غير مسبوق كان ذا أهمية كبيرة حيث مكنّوا مصر من التقدم إلى عصرها الذهبي.

MEU

مقالات ذات صلة

‫2 تعليقات

  1. المقال أسلوبه سهل وجميل جدا ♥️♥️♥️ بالتوفيق وفي انتظار مقالات أخري ♥️♥️♥️

  2. مقال جميل وشرح مبسط وسهل
    الاسلوب جميل والسرد جميل
    تسلمي علي المقال ومنتظريين الجديد 🌹🌹

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى