
مدينة كوزكو الأثرية في بيرو
مدينة كوزكو الأثرية في بيرو
كتبت : إيمان حامد
مدينة كوزكو تقع في جبال الأنديز في البيرو وأصبحت في ظل حكم قائد الإنكا باشاكوتك، مركزًا مُدنيا معقدًا من حيث الوظائف الادارية والدينية المختلفة وقد كانت مُحاطة بمناطق محددة بدقة للانتاج الزراعي والحرفي والصناعي ولكن في القرن السادس عشر احتلها الاسبان وحافظوا على بنيتها بالإضافة إلى بناء كنائسَ وقصورًا باروكية على أنقاض مدينة الإنكا.
كانت هذه المدينة العاصمة الثقافية للبلاد و لكن تاريخها المهم يعود إلى ما هو أبعد من ذلك بكثير وباعتبارها أقدم مدينة مأهولة بالسكان في الأمريكتين، ظلت كوزكو مأهولة بالسكان بشكل مستمر لأكثر من 3000 عام وكانت العاصمة التاريخية لإمبراطورية الإنكا من القرن الثالث عشر إلى القرن السادس عشر حتى قام الغزو الإسباني وهي الآن وجهة سياحية رئيسية تستقبل ما يقرب من 2 مليون زائر سنويًا.
وهناك بعض الجدل حول متى بدأ تاريخ مدينة كوزكو فقد تثبت الأدلة أنها تعود إلى عام 1000 قبل الميلاد وبدأت الحياة عندما كانت ثقافة مار كافالي هي القوة المهيمنة حيث كانت المدينة التي يتكون سكانها من المزارعين والرعاة منظمة بشكل غير مستقر واحتلت بشكل أساسي الجانب الشرقي من كوزكو الحديثة وقد بدأت المرحلة الثانية من سكن كوزكو حوالي عام 800 قبل الميلاد عندما تطورت ثقافة تشاباناتا داخل المدينة وبحلول عام 600 بعد الميلاد، نشأت ثقافة كوتكالي وجاء معها أول نظام قائم للولايات الإقليمية.
قام الواري بغزو مدينة كوزكو في عام 750 بعد الميلاد، قادمين من شمال أياكوتشو الحالية و بغزوهم شيدوا المباني وما يعرف اليوم باسم بيكيلاكتا ونتيجة لذلك تم تشكيل ولاية كيلكي الإقليمية وقبل وصول الإنكا كانت المنطقة التي تُعرف الآن بكوزكو مأهولة بشعب كيلكي من عام 900 إلى 1200 بعد الميلاد وتكشف الأدلة علي ذلك من أنقاض المجمع المسور في ساكسايوامان، الواقع فوق وسط مدينة كوسكو، أن شعب كيلكي شيد هذا المجمع حوالي عام 1100 ” غالبًا ما يُوصَف بأنه “أطلال الإنكا” ثم توسع الإنكا واحتلوا المجمع بدءًا من القرن الثالث عشر.
كانت حضارة الإنكا في كوزكو حوالي عام 1200 بعد الميلاد وبنوا ما نعرفه الآن باسم مدينة كوزكو وقد تم تقسيمها إلى قطاعين، أورين وحنان، وقد تم ترتيب كل منهما بحيث يشمل اثنين من المقاطعات الأربع ” باسم سويوس، والتي تمثل الأرباع الشمالية الغربية والشمالية الشرقية والجنوبية الغربية والجنوبية الشرقية ” .
ثم دخلت مدينة الإنكا في فترة ثانية من النمو حوالي عام 1400 وتشير الأدلة الأثرية إلى نمو تدريجي قبل حكم باتشاكوتي ولكن تاريخ الإنكا في كوسكو ينص على أن الملك باتشاكوتي قاد هذه المرحلة التوسعية بداية تحول كوسكو من دولة مدينة نائمة إلى إمبراطورية شاسعة توانتينسويو ويعتقد الكثيرون أن التصميم الجديد للمدينة كان مخططًا له على شكل تمثال، مميزًا في شكل فهد، وهو حيوان مقدس في ثقافة الإنكا كما شكلت قلعة ساكسايوامان الرأس، وساحة هواكايباتا السرة، ونهر هواتاناي وتولوا مايو المتقاربان ذيلًا.
وسقطت المدينة في قبضة هواسكار بعد وفاة واينا كاباك ثم استولى جنرالات أتاوالبا على كوزكو في معركة كويبايبان في أبريل 1532، قبل 19 شهرًا فقط من الغزو الإسباني وفي قتال لا نهاية له ضد الإسبان والدعم الكامل من بقية دول أمريكا الجنوبية ، حصلت بيرو أخيرًا على استقلالها من إسبانيا في عام 1821 وبحلول عام 1933، أُعلنت كوزكو “العاصمة الأثرية لأمريكا الجنوبية”، وفي عام 1978 أُعلنت “تراثًا ثقافيًا للعالم” خلال المؤتمر السابع لكبار المدن العالمية في ميلانو بإيطاليا.
أما في عام 1983، منحت منظمة اليونسكو مدينة كوزكو لقب “التراث الثقافي للبشرية”، وأعلنتها بيرو “العاصمة السياحية لبيرو” و”التراث الثقافي للأمة” وعلى الرغم من الماضي الطويل و المأساوي لكن أحداث تاريخها جعلتها رائعة للغاية في الوقت الحاضر مع بقايا أكثر من 8 ثقافات وربما اكثر فإن كل جانب من جوانب مدينة كوزكو راسخ في التاريخ من مزيج العمارة الإنكا والإسبانية إلى الآثار التي يعود تاريخها إلى عصور ما قبل الإنكا فإن تاريخ كوزكو حي لكل زائر ليشهده .