
مدينة الزجاج المطفية..غارص بحيرة بايكال
مدينة الزجاج المطفية..غارص بحيرة بايكال
كتبت- كريمة عبد الوهاب
تعد بحيرة بايكال التي تقع في جنوب سيبيريا بروسيا، بين أوبلاست إركوتسك إلى الشمال الغربي، و بورياتيا إلى الجنوب الشرقي قرب مدينة إركوتسك، من أقدم البحيرات، حيث يُقدر عمرها 25 مليون سنة، وهي مدرجة على قائمة التراث العالمي لليونسكو، ويصل عمقها إلى 1637م منذ عام 1996، وتبلغ مساحتها 1700 متر، وطولها 395 ميلاً ومتوسط عرضها 3 أميال ويصب فيها 336 نهراً، حيث ينخفض سطح الماء فيها بمقدار 1281 متراً تحت مستوى سطح البحر، كما يصل حجم الماء في حوضها إلى ما يقارب 23 ألف كيلو متر مكعب، مما يعادل ذلك 20 من احتياطي المياه العذبة العالمي و90 في المئة من الاحتياطي الروسي وتحتل لقب أعمق بحيرة مياه عذبة في العالم بأكمله.
وتشتهر البحيرة بأنها موطناً لنباتات وحيوانات نادرة، حيث تتحول إلى أرض للعجائب في الشتاء القارص، حيث تتجمد المياه ويظهر في منتصفها تشكيلات الفقاعات داخل الجليد وما يشبهه البقع، لتبدو وكأنها خيوط بيضاء طويلة قد تصل إلى سطح البحيرة، وذلك كونها تمتلك 20% من المياه العذبة غير المجمدة في العالم.
كما تفيد تقارير وكالة ناسا بأن ظهور الفقاعات يكون عن طريق غاز الميثان، والذي يتم إطلاقه بواسطة الطحالب الموجودة أسفل البحيرة، حيث يتجمد عند الاقتراب من سطح الماء، كما تتشكل أيضاً الأمواج المتجمدة على طول الشاطئ، وتتراكم الأكوام الجليدية فوق نفسها، ما يخلق منظراً رائعاً وتأثيراً مذهلاً، ويذكر أن انخفاض درجات الحرارة إلى 30 درجة مئوية تحت الصفر، يكون طبقات جليد حيث يصل سمكها إلى 30 بوصة، لكن لا يُنصح بالسير عبر سطح البحيرة المتجمد من دون تصريح مناسب وذلك لأنه يتطلب تدريبات خاصة لدواعي الأمن والسلامة.
حيث تتحدى الأحجار الجاذبية على السطح البلوري لبحيرة بايكال، كما تتأرجح أيضاً على أعمدة رقيقة من الجليد، وتتخذ هذه الصخور منظراً جمالياً، حيث تبدو معلقة لا تطفو على الماء، وينجم توازنها عن البرد السيبيري ورياحين من البحيرة المتجمدة، كون الأحجار المصبوبة تكون باردة في البداية، ولا يختل اتزانها في المناخ السيبيري البارد.
وفي النهاية، تظل بحيرة بايكال سرًا من أسرار الأرض التي تأبى أن تُفصح عن كل خباياها وهي قصيدة كتبتها الطبيعة بحبرٍ من الماء العميق وجبالٍ تُعانق السماء ربما تمر السنوات، وتتغير الخرائط، لكن بايكال تبقى شامخة، تروي قصصًا للمغامرين وتُحيك أساطيرًا جديدة لكل من يجرؤ على استكشافها ولعل هذه البحيرة ليست مجرد مكان على الخريطة، بل هي رحلة إلى أعماق الروح، حيث تلتقي الطبيعة والإنسان في حوارٍ صامت، لكنه عميق.