
ما هو المسجد الذي يطفو على الماء في جدة ؟
ما هو المسجد الذي يطفو على الماء في جدة ؟
كتبت: سوده هنو
في مدينة جدة حيث يلتقي التاريخ مع الحداثة، يبرز معلم فريد يجسد التمازج بين العمارة الإسلامية وجمال الطبيعة “مسجد الرحمة”، المعروف بالمسجد العائم، يقف شامخاً على مياه البحر الأحمر، ليكون شاهداً على الإبداع البشري والتفاني في تجسيد الروحانية بطرق مبتكرة.
يعد المسجد وجهة سياحية وروحانية بامتياز، يجمع بين جمال الطبيعة المحيطة وروعة التصميم الإسلامي، مما يجذب الزوار والمصلين من جميع أنحاء العالم.

تاريخ المسجد وموقعه
تم بناء مسجد الرحمة في عام 1985م ليصبح أحد أبرز المعالم الدينية والسياحية في جدة، يقع المسجد في حي الشاطئ على كورنيش جدة الشمالي، وهو المكان الذي يعج بالحياة والجمال الطبيعي، يمتد المسجد على مساحة تبلغ حوالي 2400 متر مربع، مما يوفر له قاعدة قوية تحت سطح البحر، فيبدو وكأنه يطفو فوق المياه أثناء المد، كما أن الموقع المتميز يجعل المسجد مكاناً مميزاً للصلاة والتأمل في مشهد البحر الأحمر الرائع.
هذا المسجد لم يُبن فقط ليكون مكاناً للصلاة، بل ليكون أيضاً مزيجاً بين العبادة والفن المعماري الحديث. تصميمه المميز والبيئة المحيطة به يجعلان منه رمزاً للتوازن بين التراث الإسلامي واحتياجات العصر الحديث، مما يجعله محطة لا بد من زيارتها لكل من يزور جدة.
التصميم المعماري
يتميز المسجد بتصميم معماري فريد يمزج بين الطراز الإسلامي التقليدي واللمسات العصرية التي تجعله أكثر تميزاً، قبة المسجد الكبيرة، التي تتوسط السقف، تحيط بها 52 قبة صغيرة تضفي عليه مظهراً فريداً، أما المئذنة البيضاء الشاهقة، فهي رمز للسمو والارتفاع، تضفي على المسجد لمسة جمال إضافية يمكن رؤيتها من مسافات بعيدة.
التصميم الداخلي للمسجد يعكس الدقة في التفاصيل، حيث يحتوي على 56 نافذة مصنوعة من الزجاج الملون المصمم على الطراز الإسلامي التقليدي.
هذه النوافذ تسمح بدخول الضوء الطبيعي بشكل جميل، مما يخلق جوًا من السكينة والهدوء داخل المسجد، ويمنح المصلين شعوراً بالخلوة الروحية التي تميز أماكن العبادة.
الطاقة الاستيعابية والتقنيات المستخدمة
يستوعب مسجد الرحمة حوالي 2300 مصلٍ، مما يجعله من أكبر المساجد في المنطقة، ويوفر المسجد قسماً خاصاً للنساء، حيث يحتوي على مصلى خشبي معلق يتسع لـ500 مصلية، كما أن المسجد مجهز بأحدث التقنيات في أنظمة الصوت والإضاءة، ما يجعله مناسباً لاستقبال أعداد كبيرة من المصلين، خاصة خلال المواسم الدينية مثل شهر رمضان والحج، ولا يقتصر التميز على التصميم والتقنيات فحسب، بل يمتد إلى تجربة المصلين.
النظام الصوتي المصمم بعناية يوفر صوت واضح ومريح، يتيح للمصلين الاستماع إلى خطب الجمعة والصلوات الجماعية بوضوح، مما يجعل التجربة الروحية أكثر تأثيراً وعمق.
التجربة الروحية والجمالية
المسجد العائم ليس مجرد مكان للصلاة، بل هو تجربة بصرية وروحية متكاملة، يوفر موقعه الفريد على البحر مشاهد بانورامية رائعة، حيث تحيط المياه بالمسجد من جميع الجهات أثناء المد، مما يمنح الزوار شعوراً استثنائياً بالسكينة والاتصال بالطبيعة.
الهدوء المحيط بالمسجد يعزز من تجربة العبادة، حيث يشعر المصلون والزوار وكأنهم في مكان منفصل عن صخب العالم الخارجي، كما أن التصميم الداخلي، مع الزخارف الإسلامية والألوان الهادئة، يضفي على المكان أجواء روحانية تعزز من شعور الخشوع والطمأنينة.
أهمية المسجد السياحية والثقافية
بفضل تصميمه الفريد وموقعه الاستراتيجي، أصبح مسجد الرحمة من أبرز المعالم السياحية في جدة، يجذب المسجد الزوار من مختلف الثقافات والجنسيات، حيث يأتون للاستمتاع بجمال العمارة الإسلامية والهدوء الروحي الذي يوفره، كما يعتبر المسجد وجهة مفضلة للحجاج والمعتمرين الذين يتوافدون إلى جدة في طريقهم إلى مكة المكرمة، حيث يجدون في المسجد فرصة للراحة والتأمل، وأيضاً الزوار الذين يبحثون عن أماكن سياحية تجمع بين الجمال الطبيعي والتاريخ الثقافي يجدون في مسجد الرحمة تجربة لا تُنسى.
مسجد الرحمة في جدة هو أكثر من مجرد مكان للعبادة؛ إنه رمز للإبداع والتفاني في العمارة الإسلامية، وتجسيد للتمازج بين التراث والحداثة، حيث أن تصميمه الفريد وموقعه الساحر يجعلان منه محطة لا غنى عنها لكل من يزور جدة، سواء كانوا يبحثون عن روحانية المكان أو جمال الطبيعة المحيطة، زيارة المسجد العائم ليست فقط تجربة دينية، بل هي رحلة إلى عالم من السكينة والجمال الذي يأسر القلوب.