حرب التحرير من الهكسوس: بداية عصر جديد لمصر القديمة
حرب التحرير من الهكسوس: بداية عصر جديد لمصر القديمة
بقلـم/ريــم جمـال
كانت حرب التحرير أحد أهم الأحداث التي أعادت الحضارة المصرية القديمة لقوة عهدها بعدما شهدت مصر واحدة من أحلك الفترات التي مرَّت بها. حيث إحتلال الهكسوس، الذين غزوا مصر في نهاية الدولة الوسطى، وسيطروا على الدلتا وأجزاء كبيرة من البلاد، مما أثار الحاجة إلى توحيد الصفوف واستعادة الأرض الغالية.وقد حدث ذلك بقيادة الملك أحمس الأول مؤسس الأسرة الثامنة عشرة،الذي حمل لواء التحرير، واستطاع أن يُعيد لمصر مجدها.
من هـم الهكسوس وكيف وصلوا لمصـر
الهكسوس أو الرعاة قوم من قبائل مختلفة ولا يوجد بينهم أي رابطة، يرجع أصلهم إلى أواسط آسيا، وقد انحدروا غربًا يقصدون النهب والسلب أو الاستعمار ،فنزحوا إلى بلاد الرافدين، ثم استقروا وقتًا ما في سورية ولبنان وفلسطين وحكموها دون أن يكونوا من أهلها، ثم حدثتهم أنفسهم بأن يضموا إلى البلاد التي غزوها بلادًا أخرى طمعًا في خيراتها وهي مصـر.
الأوضاع في فترة الهكسوس
عندما اعتلى الهكسوس الحكم، كانت مصر تعاني من الانقسام والضعف.سيطروا على شمال مصر، بينما ظلت طيبة مركزًا للمقاومة ضدهم.تعاقبت على البلاد في ذلك الوقت الأسرات الرابعة عشرة والخامسة عشرة والسادسة عشرة، ولم تبدأ حرب الاستقلال إلا على يد الأسرة السابعة عشرة، ومن المحقق أن ملوك الأسرتين الخامسة عشرة والسادسة عشرة كانوا من صميم الهكسوس،ولذلك لا يصح إحصاؤها ضمن الأسرات المصرية.
قيام حرب التحرير ضد الهكسوس
تزعمت طيبة حركة المقاومة ضد من اغتصبوا الأرض الغالية مصـر وبدأت حرب التحرير على يد الملك “سقنن رع” ملك طيبة من ملوك الأسرة السابعة عشرة، وكان أبو فيس الملك الهكسوسي يحاول تحدي سقنن رع ومحاولة إذلاله، ولكن سقنن رع سارع إلى إعداد العدة لمحاربة ذلك المحتل وأعلن الحرب على الهكسوس، فحاربهم بمعاونة الشعب في كفاحه، وتملكت المواطنين الروح القومية الوثابة، واجتمعوا تحت علَم الثورة حتى جلاء المستعمر عن البلاد سنة ١٥٧٠ قبل الميلاد.
أحداث حرب التحرير ضد الهكسوس
في حين يحارب الملك “سقنن رع” الهكسوس حتى سقط شهيدًا في ميدان الجهاد، وبعد مقتله حمل الراية من بعده ابنه “كامس”فحاربهم واستولى على المدن الواقعة بين الأشمونيين وأطفيح.
ثم وقع أيضاً شهيداً في ميدان الكفاح، فقامت أحد أهم أبطال هذه الحرب ألا وهي زوجة الملك وأم الأبطال” إياح حتب” بدفع أخوه «أحمس»إلي ميدان الجهاد.
أحمس: القائد الشاب في مواجهة الهكسوس
تولى أحمس راية الكفاح بعد استشهاد شقيقه كامس وهو لا يزال شابًا. لكنه أظهر حنكة عسكرية وذكاءً استراتيجيًا مميزًا، واستغل أحمس الوقت لتقوية جيشه من خلال تطوير الأسلحة واستخدام عربات الخيل التي تعلم المصريون استخدامها من الهكسوس أنفسهم وأعاد تنظيم الجيش ورفع من روحه المعنوية.
وقاتلهم بسلاحهم فكان سقوطهم لامحالة منه،ومازالوا الهكسوس يجاهدون حتى ذهبوا إلى أواريس التي اتخذوها من عاصمة لهم وقتها، فحاصرهم فيها المصريون حتى استسلمت سنة ١٥٧٠ قبل الميلاد وتم تحرير البلاد.
أهمية حرب التحرير ضد الهكسوس
كانت حرب أحمس ضد الهكسوس مثالًا على الكفاح الوطني،واستطاع الشعب المصري وقتها بقيادته استعادة حريته وكرامته، ووضعت هذه الحرب نهاية فترة الاحتلال وأكدت وحدة مصر السياسية والجغرافية، كما مهدت الطريق لعصر الدولة الحديثة،الذي أصبحت فيه مصر قوة عظمى في العالم القديم.
حرب التحرير ضد الهكسوس لم تكن مجرد معركة عسكرية، بل كانت بداية جديدة للحضارة المصرية، أظهرت للعالم قوة الإرادة المصرية في مواجهة التحديات.وأصبح أحمس ليس فقط ملكًا محررًا، بل رمزًا للكرامة والصمود، وخلدت ذكراه في التاريخ كواحد من أعظم قادة مصر.
وبطولة المصريين في هذه الحرب جديرة بأن تكون مُخلَّدة في ملاحم من الشعر تحوي وقائع هذه البطولة وأسبابها ومراحلها وأطوارها، ولعمري إن بطولات المصريين في هذه الحرب أولى بالتخليد من بطولة اليونانيين في حرب طروادة.