الإسكندر المقدوني وعصر البطالمة في مصر
الإسكندر المقدوني وعصر البطالمة في مصر
بقلم الباحثة /إيمان سيد رمضان
“من هو الإسكندر المقدوني “
الاسكندر المقدوني هو ابن الملك “فيليب” ملك بلاد “مقدونيا” فى شمال بلاد اليونان (الإغريق)، هذا الملك استطاع توحيد بلاد الإغريق تحت زعامته، ومات قبل أن يهزم الفرس أعداء الإغريق الذين بدؤا بالاعتداء على الإغريق وحاولوا إخضاعها للملكة فارس. وقد تولى ابنه الاسكندر الحكم بعده عام 336 ق.م، وكان عمره لا يزيد على عشرين سنة، استخفت الولايات الإغريقية بالحاكم الشاب الجديد، وثارت عليه فى وقت واحد، ولكنه أخمد ثورتهم فى سرعة ومهارة. وكان الفيلسوف “أرسطو” قد باشر تربية “الإسكندر”، فنشأ متشبعا بمبادئ الحضارة الإغريقية ومتحمساً لها. استعد “الإسكندر” لغزو بلاد الفرس، فاستولى على ممتلكاتهم فى آسيا الصغرى وسورية وفينيقيا، ولم يبق أمامه سوى مصر.
عُرف “الإسكندر” بلقب “الأكبر” لأنه من أعظم الفاتحين، فقد غزا معظم أجزاء العالم.
” اغتيال والده فليب “
كان والده فيليب قد أخضع بلاد اليونان تحت سيطرته، واستعد فى عام 337ق.م للقيام بحملة على الفرس انتقامًا منهم بما فعلوه فى بلاد اليونان من تخريب، وبينما كان الاستعداد للحملة الكبرى قائمًا على أشده اغتيل فيليب بخنجر أحد ضباطه الغاضبين عليه فى عام 336ق.م، ولم يكن الإسكندر قد جاوز العشرين من عمره، حيث وجد نفسه ملكًا على مقدونيا، ولكنه لم يتهيب المخاطر وتولى ذلك العرش بمسئولياته فى هذه السن المبكرة.
ورث الإسكندر عن أبيه مملكة وجيشًا قويًا، إلا أنه واجه تمرد من جانب المدن اليونانية التى كانت لا تريد الاستمرار فى الخضوع لسيطرة مقدونيا، فواجه الإسكندر هذا التمرد بكل شجاعة وبسالة، وما كاد خريف عام 335 ق.م يقدم حتى كان الإسكندر قد أخضع بلاد اليونان بضربة واحدة، وانتزع لنفسه قيادة القوات اليونانية والمقدونية، وأصبح زعيمًا لا ينافس يفرض سلطانه على منطقة شاسعة ممتدة من البيلوبونيوس جنوبًا إلى حوض الدانوب شمالاً ومن جزيرة كوركيرا غربًا إلى البسفور والدردنيل شرقًا
وبحلول عامه الثلاثين، كان قد أسس إحدى أكبر وأعظم الإمبراطوريات التى عرفها العالم القديم، والتى امتدت من سواحل البحر الأيونى غربًا وصولاً إلى سلسلة جبال الهيمالايا شرقا
” سقوط الدولة الحديثة”
بسقوط الدولة الحديثة، تراجعت مصر من جميع النواحي الثقافية والاقتصادية، وفي هذه الحقبة سقطت تحت النفوذ الليبى ثم النوبى ثم الآشوري، في الفارسى. ظلت مصر تحت حكم الفرس حتى عام 332 ق.م، عندما دخلها ” الإسكندرالمقدونى”، وقضى على حكم الفرس، وضم مصر إلى إمبراطوريته .
“لقب ابن امون”
نجح “الإسكندر” فى فتح مصر بسهولة عام 332 ق.م، ورحب به المصريون، لأنهم اعتبروا أنه خلاص لهم من حكم الفرس، وبسبب معرفتهم للإغريق الذين عاشوا فى مصر ومعرفتهم بأخلاقهم اعتبروا ان الاغريق سيكونون أفضل على كل حال. التحق الكثير من المصريين بجيش الاسكندر كجنود مرتزقة. وشعر الاسكندر بتعاطف الشعب المصري معه، الأمر الذي شجعه على التقرب منهم، حيث زار معبد آمون فى واحة سيوة، وقدم القرابين، فمنحه الكهنة لقب “ابن آمون”.
“اعجابه الشديد بالحضارة المصرية “
كان الاسكندر معجبا بالحضارة المصرية والشعب المصري الذي استقبله بحماس، وعمل على بناء مدينة له فيها. لذلك قام “الإسكندر” بإنشاء ثغرا كبيرا في القسم الشمالى ً، يكون مركز إشعاع للحضارة الإغريقية، ليلتحم ويلتحق مع حضارة مصر والحضارة الفارسية العريقتين. حقق “الإسكندر” غرضه بإنشاء مدينة الإسكندرية، بأن ردم الماء بين جزيرة صغيرة قريبة من الشاطئ اسمها “فاروس”، وقرية صغيرة على الشاطئ اسمها “راقودة”، فتكون بذلك مرسيان جميلان، أحدهما شرقى والآخر غربى (يوجد بالإسكندرية الميناء الشرقى والميناء الغربي)، وبذلك تكونت مدينة الإسكندرية. وقد خططها المهندسون الإغريق على شكل شوارع مستقيمة ومتقاطعة. واتخذ “الإسكندر” من مدينة الإسكندرية عاصمة للحكم اليونانى فى مصر. ومع اجتياح الاسكندر المقدوني للملكة فارس القديمة جرى اختلاط وتلاقح حضاري واسع بين شعوب الممالك الشرقية ونتج عن هذا الانصهار نشوء الحضارة الهلنستية، حيث كانت عادات سكانها وثقافاتهم مختلطة ومتداخلة وتتعايش بسلام جنبا الى جنب.
“وفاة الإسكندر”
بعد أن استقر الحكم المقدونيين فى مصر، غادرها متوجها الى فارس حيث “الإسكندر الأكبر” قضى على الإمبراطورية الفارسية، ووصل إلى الهند. ولكنه مرض فعاد إلى بابل حيث مات عام 323 ق.م، وهو فى سن الثالثة والثلاثين، وحُملت جثته إلى مصر ودُفن بالإسكندرية.