الأبنية الخضراء: كيف تحول التكنولوجيا العمارة إلى صديقة للبيئة
الأبنية الخضراء: كيف تحول التكنولوجيا العمارة إلى صديقة للبيئة
كتبت- كريمة عبد الوهاب
يواجه العالم الكثير من التحديات البيئية حيث تعد تكنولوجيا المباني الخضراء واحدة من أكثر الحلول فعالية لتحقيق التنمية المستدامة وهذه التكنولوجيا التي تتضمن استخدام مواد صديقة للبيئة وتصميمات توفر الطاقة تعتبر أداة فعالة في التحول نحو مستقبل أكثر استدامة كما أن المباني الخضراء ليست مجرد مباني عادية فهي تحقق توازناً بين التأثيرات البيئية والاقتصادية والاجتماعية، فهي تهدف إلى تقليل الأثر السلبي على الصحة والبيئة خلال دورة حياة المبنى، بدءاً من التصميم والبناء، وصولاً إلى التشغيل، الصيانة، التجديد، وأحياناً الهدم وتقنيات البناء الخضراء تتضمن استخدام مواد بناء صديقة للبيئة، وتصميمات تحسن كفاءة الطاقة والماء، وتقليل الفاقد من الطاقة، وتحسين جودة الهواء الداخلي بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تشمل المبادرات الخضراء تحسينات في التخطيط الحضري.
مفهوم البناء الاخضر
ينطوي على تصميم وإنشاء وتشغيل المباني بطرق تقلل من التأثير البيئي حيث يتمثل الهدف الأساسي للبناء الأخضر في تحقيق الكفاءة القصوى في استخدام الطاقة، الماء، والمواد الأخرى المستخدمة في عملية البناء، مع الحفاظ على صحة السكان وزيادة الإنتاجية كما تتضمن العمليات البيئية المسؤولة في البناء الأخضر تصميم المباني بطرق تحسن جودة الهواء الداخلي وتقلل من النفايات، وتحسين كفاءة استخدام الطاقة والماء، وتقليل التأثير البيئي للمواد البنائية بالإضافة إلى ذلك، يشمل البناء الأخضر أيضًا اختيار المواقع بعناية لتقليل التأثير البيئي للبناء والتشغيل، وإدارة النفايات بطرق تحافظ على البيئة.
تطور البناء الأخضر
تطور البناء الأخضر على مر السنين من مجرد فكرة مثالية إلى أساس حيوي للتصميم والبناء في القرن الحادي والعشرين ففي الماضي، كان البناء الأخضر يتعلق بشكل رئيسي بتقليل الأثر البيئي للمباني عبر استخدام مواد بناء صديقة للبيئة وتقنيات توفير الطاقة ولكن اليوم، أصبح البناء الأخضر مفهومًا شاملاً يتضمن التصميم الذكي، التشييد الفعال، وإدارة الطاقة الاستباقية ومع تزايد الوعي بأهمية الاستدامة، ازداد اهتمام المجتمع بالبناء الأخضر، وبدأت الحكومات والشركات في تبني ممارسات البناء الأخضر في مشاريعها واليوم، تتضمن المباني الخضراء تقنيات متقدمة مثل أنظمة التهوية الطبيعية، والتحكم في الإضاءة الطبيعية، وأنظمة الطاقة المتجددة.
دور التكنولوجيا في البناء الأخضر
تلعب التكنولوجيا دورًا حاسمًا وكبيراً في تطور وتنفيذ ممارسات البناء الأخضر حيث تمكن المهندسين والمعماريين والمقاولين من خلق المباني التي تحترم البيئة والتي تعزز كفاءة الطاقة وتحسن صحة سكانها بدءًا من المراحل الأولى للتخطيط والتصميم، وصولاً إلى البناء والعمليات اليومية، تشكل التكنولوجيا جزءًا لا يتجزأ من كل جانب في مشروع البناء حيث تقدم التكنولوجيا الحديثة أدوات وتقنيات تساعد على استخدام الموارد بكفاءة وتقليل النفايات والتلوث كما تعمل تقنيات البناء الأخضر على توفير كميات هائلة من الطاقة التي يمكن استغلالها في مهام أخرى، مما يساعد على تقليل استهلاكنا للوقود الأحفوري بالإضافة إلى ذلك حيث تساهم التكنولوجيا في تطبيق مبادئ العمارة الخضراء وأيضاً تحقيق رؤية المباني الخضراء.
البناء المعياري والطباعة ثلاثية الأبعاد
يعتبر البناء المعياري وتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد جزءًا حاسمًا من تطور صناعة البناء، خصوصاً في المجال الأخضر والمستدام حيث يعتمد البناء المعياري على تصنيع مكونات البناء في مكان ما قبل نقلها للموقع النهائي، وهذا الأسلوب يُدخل الكثير من الكفاءة والدقة في عملية البناء وبفضل هذا النهج، يتم تقليل النفايات والأخطاء بشكل كبير، فقط المواد المطلوبة هي التي يتم قطعها وإنتاجها وكل هذا يوفر الكثير من الوقت والموارد، الأمر الذي يتوافق بشكل كامل مع مبادئ الاستدامة بالإضافة إلى ذلك، يعتبر البناء المعياري أكثر أمانًا بكثير من الطرق التقليدية حيث يتطلب عددًا أقل من العمال في الموقع، مما يقلل من الأخطار المرتبطة بالعمل في بيئة البناء وهذه الطريقة أيضًا تقلل من الزمن اللازم لإتمام المشروع، مما يعني أن المباني يمكن أن تكون جاهزة ومتاحة للاستخدام بشكل أسرع.
استخدام الطاقة المتجددة في البناء
أصبح استخدام الطاقة المتجددة في البناء أكثر شيوعًا وقبولًا خلال السنوات الأخيرة، حيث يساهم في تعزيز الاستدامة والحفاظ على البيئة وتشمل تطبيقات الطاقة المتجددة في البناء استخدام الألواح الشمسية والتوربينات الرياح، التي تعد من بين أبرز وأكثر أشكال الطاقة المتجددة انتشارًا كما أن الألواح الشمسية، مثلاً يمكن تثبيتها على الأسطح أو الجدران الخارجية للمباني لتحويل طاقة الشمس إلى طاقة كهربائية وكل تلك الألواح لا تستهلك أي نوع من الوقود ولا تنتج أي انبعاثات ضارة، مما يجعلها ذلك وسيلة فعالة وصديقة للبيئة لتوليد الطاقة.
الفوائد الاقتصادية للبناء الاخضر
١-توفير التكاليف: حيث يتيح البناء الأخضر استخدام تقنيات ومواد توفر الطاقة، مما يقلل من تكاليف فواتير الطاقة على المدى الطويل حيث تحسن العزل الحراري، واستخدام مصادر الطاقة المتجددة يسهم في تقليل التكاليف الشهرية للطاقة.
٢-تقليل تكاليف الصيانة: تصميم المباني الخضراء يشمل استخدام مواد ذات جودة عالية وتقنيات فعالة، مما يؤدي إلى تقليل حاجة الصيانة على المدى الطويل وذلك يقلل من التكاليف المستقبلية للإصلاحات والصيانة.
٣-تحسين قيمة العقار: يعتبر البناء الأخضر استثمارًا جيدًا لأنه يزيد من قيمة العقار وهذا يعكس التزام العقار بالممارسات البيئية والاستدامة إيجابياً على قيمته في السوق العقارية.
٤-تخفيض تكاليف التشغيل: يمكن للمباني الخضراء تحقيق تكاليف تشغيل أقل عن طريق استخدام تقنيات توفير الطاقة ونظم إدارة ذكية وذلك يشمل تحسين نظم التدفئة والتهوية وتكييف الهواء (HVAC) وتحكم في الإضاءة.
٥-تحفيز الابتكار والصناعات الجديدة: يشجع الاهتمام المتزايد بالبناء الأخضر على التطوير التكنولوجي والابتكار في صناعة البناء، مما يفتح أفقًا لفرص عمل جديدة وصناعات جديدة
٦-تحقيق الاستدامة المالية: حيث يُظهر الاستثمار في المباني الخضراء أنه يمكن تحقيق عوائد مالية جيدة على المدى الطويل، سواء كان ذلك من خلال توفير التكاليف أو زيادة قيمة العقار.
وتعلب تقنيات البناء الخضراء تلعب دورا حاسما في توجيه الصناعة نحو الاستدامة والابتكار وهذه التقنيات، التي تشمل كل شيء من العزل الحراري المتطور وأنظمة التهوية الطبيعية إلى استخدام الطاقة المتجددة والمواد القابلة لإعادة التدوير، تمثل نقلة نوعية في كيفية تصميم وبناء المباني وعلى الرغم من أن هذه التقنيات قد تكون أكثر تكلفة في البداية، إلا أن الفوائد المالية طويلة الأجل تكاد تكون لا حصر لها حيث يتم تقليل تكاليف الطاقة وذلك عبر تحسين كفاءة المباني، وأيضاً زيادة قيمة العقارات بفضل التصميمات الخضراء المرغوبة، وتحسين الصحة العامة وذلك من خلال خلق بيئات معيشة أكثر صحة وكل تلك عوامل تجعل البناء الأخضر استثمارًا جديرًا بالاهتمام.