أسيوط “صانعة الحضارة قبل التاريخ”
✍️كتبت/ريـم جمـال
بينما كان الإنسان يعيش حياة تقوم على الترحال والتنقل من مكان لآخر بحثاً عن مصادر غذائه، وكانت الطبيعة هى التى تعوله.
كانت أسيوط تنعم بحياة مستقرة تكونت فيها المجتمعات البشرية وظهرت فيها الزراعة والصناعة والمعتقدات الدينيـة.
أين ومتي بدأت حضارة أسيــوط؟
تمثلت حضارة اسيوط فى العصر الحجرى الحديث فى منطقة دير تاسا ،وفى العصر النحاسي فى منطقة البداري.وفيما يخص حضارة “البداري” ربما لا يبدو الأسم مألوفا بالنسبة للبعض، إلا أن تلك الحضارة تعد واحدة من أقدم الحضارات في التاريخ، وتعتبر دليلاً على تطور الزراعة في منطقة صعيد مصر قبل عصر الأسرات؛ ويُعتقد أن بداياتها تعود إلى عام٥٠٠٠قبل الميلاد، وسميت حضارة “البداري” بهذا الأسم نسبة إلى المنطقة التي قامت فيها وهي مركز “البداري” بمحافظة “أسيوط”.
بداية قيام حضارة أسيوط
قامت تلك الحضارة خلال الفترة ما بين ٤٥٠٠وحتى ٣٨٠٠قبل الميلاد، لكنها ازدهرت خلال الفترة ما بين عامي ٤٤٠٠ و٤٠٠٠قبل الميلاد، وتقع منطقة البداري في محافظة أسيوط على الضفة الشرقية لنهر النيل، وكانت هذه الحضارة من أولى المجتمعات التي عرفت الزراعة واستقرت في مصر.
اكتشاف حضارة أسيوط
كان أول من اكتشف تلك الحضارة عالما الآثار البريطانيان “جاي برونتون” وزميلته “جيرترود كاتون تومبسون”، وقاما خلال الفترة ما بين عامي١٩٢٢ و١٩٣١ بالتنقيب عن آثارها ومعالمها.
أبرز المقتنيات في حضارة أسيوط
من أبرز المقتنيات التي تم العثور عليها داخل المقابر والمواقع الأثرية التي يعود تاريخها إلى فترة ازدهار حضارة “البداري” الأواني الفخارية المصنوعة من أفخر أنواع الفخار، إذ أن الفخار البداري كان يعتبر الأفضل في التاريخ، ذلك بالإضافة إلى التماثيل المصنوعة من العاج والطين والأواني الحجرية.
العادات الدينية بحضارة أسيوط
كانوا قديماً بأسيوط يؤمنون بالبعث، ويدفنون موتاهم في الصحراء، بحيث تكون رأس الميت في اتجاه الجنوب وينظر إلى الغرب، وهو تقليد مشابه لذلك المتبع في عصر المصريين القدماء، لكن الفرق هو أن مقابرهم كانت أكثر بساطة، فكانوا يلفون موتاهم بالحصير، ويدفنونهم مع حيواناتهم المحببة أو بعض التماثيل لحيوانات أو نساء أو طيور؛ وكان وضع الأواني الفخارية داخل المقابر من أهم ما يميز الحضارة البدارية.
التماثيل والإكسسوارات التي ميزت حضارة أسيوط
عرف البدارين صناعة التماثيل الآدمية وعثر على مجموعة من تماثيل النساء مصنوعة من الصلصال والفخار والعاج وهى بداية لفن النحت الذي تطور في العصور اللاحقة حتى أصبحت مصر رائدة فن النحت فى العالم القديم كله.وعثر على عدد كبير جدا من القلائد والأساور والخواتم والأقراط والأحزمة والمآزر المزينة بالخرز الملون وكانت بعض هذه الأدوات مصنوعة من العاج وقشر بيض النعام والأصداف، ولم تقتصر أدوات الزينة هذه على النساء فقط بل كان يستخدمها الرجال والأطفال أيضاً.
ومن أبرز مظاهر أصحاب تلك الحضارة هي أنهم كانوا مرفهين يلبسون الثياب ويتزينون بالأساور والقلائد ويزرعون قوتهم ويصنعون أدواتهم بل وتعبر طريقة دفنهم لموتاهم عن معتقداتهم الدينية التي تؤمن بوجود حياة ثانية يحياها الإنسان بعد موته فى العالم الآخر ،وأن دفنه فى وضع الجنين هو إيمان منهم بأنهم سيحيون مرة ثانية كما يولد الجنين.
لقد كان عصرهم بالفعل البداية الحقيقية للحضارة المصرية القديمة التى أبهرت العالم ومازالت، فإذا كان الإنسان قد هبط على سطح الأرض وهو لا يملك إلا جسده فإنه زرع وصنع وبنى وعمّر وأقام حضارة بما آتاه الله له من عقل وفكر وبما سخره له من العالم حوله.