الجناح الاسطورى المصري بمتحف اللوفر
✍️بقلم الباحثة: إيمان سيد رمضان
يعتبر متحف اللوفر واحدا من اهم واعرق المتاحف العالمية ويعد الجناح المصري في اللوفر أبرز اجنحته، وبعد التوسعات الاخيرة التي وصفت بـ”الثورة” زاد عدد القطع المعروضة الي حوالي خمس وخمسين ألف قطعة اثرية، وتضاعفت مساحة العرض فبلغت أكثر من اربعة آلاف وخمسمائة متر، تمتد عبر تسع عشرة صالة في المتحف، ليصبح بذلك أجمل وأغنى المتاحف المصرية في العالم، لدرجة أنه وُصف من قبل المتخصصين بـ”الجناح الاسطوري”.
“البداية “
البداية جاءت فى الخامس عشر من مايو 1826، عندما أصدر شارل العاشر أمراً ملكياً بإنشاء “الجناح المصرى” فى اللوفر، وتعيين جان فرانسوا شامبليون أميناً عاماً له، تقديراً لجهوده الدؤوب ومناداته المستمرة بإنشاء متحف للآثار المصري
قبل 28 عام مضت، كانت الحملة الفرنسية على مصر بقيادة نابليون بونابرت 1798 – 1801، أولى محطات انتقال الآثار المصرية إلى فرنسا، اذ قام أفرادها بجمع ما استطاعوا جمعه من آثار مصر ليحملها إلى فرنسا، لكن حالفهم سوء الحظ هذه المرة، فسقطت كل هذه الآثار التى جمعوها بما فيها حجر رشيد الشهير، فى أيدى أعدائهم الإنجليز بعد هزيمة عسكرية مريرة، وانتقلت تلك الآثار إلى إنجلترا، والتى أسست بها واحداً من أروع أجنحة المتحف البريطانى فى لندن، وأعنى “الجناح المصرى
كان جمع القطع الأثرية أثناء الحملة الفرنسية على مصر بقيادة نابليون بونابرت “1798 – 1801″، حيث قاموا بجمع عدد من الآثار المصرية بما فيهم حجر رشيد والتى عثرت عليه الحملة فى مصر، ولكن بعد جمع عدد كبير من القطع وخلال طريقهم لباريس، سقطت فى يد أعدائهم الإنجليز بعد هزيمة عسكرية ساحقة، وانتقلت تلك الآثار إلى إنجلترا، ليتم تأسيس جناح كبير فى المتحف البريطانى بـ “لندن”.
ولكن بعد ذلك قرر شارل العاشر أمراً ملكياً بإنشاء الجناح المصرى، بمتحف اللوفر، وكان أولى القدع التى يتم وضعها بالجناح، من صديق نابليون وهو دومينيك فيفان، والذى عين مديرًا بعد ذلك للمتحف، واستمر زيادة عدد القطع من خلال عمليات الاستحواذ التي قام بها أوجوست مارييت، مؤسس المتحف المصري في القاهرة، وأعاد مارييت، بعد التنقيب في ممفيس، صناديق من الاكتشافات الأثرية بما في ذلك الكاتب الجالس.
القطع الأثرية الموجودة فى الجناح المصرى بمتحف اللوفر بباريس وهو الجناح الذى يشهد إقبالا كبيرًا من الزوار، يضم قطع أثرية تعود تاريخها 4000 قبل الميلاد إلى القرن الرابع الميلادي. تُعتبر المجموعة، من بين أكبر المجموعات في العالم، لمحة عامة عن الحياة المصرية في مصر القديمة، والمملكة المصرية الوسطى، والمملكة المصرية الحديثة، والفن القبطي، ومصر (مقاطعة رومانيَّة)، والمملكة البطلميَّة، والإمبراطورية البيزنطية..
ينقسم العرض فى اللوفر إلى قاعات تعرض موضوعات خاصة بالحضارة المصرية، وهى: النيل، الكتابة، الحرف والصناعات، الآثاث، الملابس والزينة، الموسيقى والألعاب، المعبد، الحيوانات والآلهة.
متحف اللوفر أهم المتاحف الفنية فى العالم والذى يقع على الضفة الشمالية لنهر السين فى باريس عاصمة فرنسا، كان بالأصل عبارة عن قلعة بناها فيليب أوغوست عام 1190، تحاشياً للمفاجآت المقلقة هجوما على المدينة أثناء فترات غيابه الطويلة فى الحملات الصليبية، وأخذت القلعة اسم المكان الذى شيدت عليه، لتتحول لاحقاً إلى قصر ملكى عرف فى ذلك الوقت باسم قصر اللوفر قطنه ملوك فرنسا
” المجموعة الأولي من الآثار المصرية”
جاءت أولى مجموعات الآثار المصرية إلى اللوفر من صديق نابليون الشخصي، وآخر مدير المتحف الإمبراطوري، الرسام الفرنسى المعروف فيفيان دينون، واشتملت على تماثيل ملكية عدة، ودخلت المتحف فى عام 1793، وتبعتها 16 قطعة أخرى فى عهد لويس السابع عشر.
وعندما اعتلى شارل العاشر العرش، عُرضت مجموعة ضخمة من التماثيل المصرية القديمة احتفاء بهذه المناسبة، واشتملت على تمثال المعبودة إيزيس الضخم من فيللا الإمبراطور الرومانى هادريان، وثلاثة من تماثيل الكتلة للنبلاء “آخ – آمون – رع” و”بادي – آمون – أوبت”، و”واح – إيب- رع”، والتمثال الجاثى للمدعو “ناخت – حور – حب” وتمثالين للملكين “نفرتيس الأول” و”أكوريوس” من الأسرة 29، كما أحضر الكونت دى فوربى التماثيل الجميلة الربة “سخمت” الممثلة في هيئة أنثى لها رأس لبوءة، وأهدى ابن تاجر الآثار بيير بول تدنى، دفن التابوت الحجرى الأول لـ”أيونا” إلى لويس الثامن عشر.
قبل إنشاء الجناح المصرى فى اللوفر، كان شامبليون يحاول كسب الرأى العام لصالحه من أجل الإعتراف الكامل بالفن المصرى القديم، فحاول قدر استطاعته أن يحضر روائع هذا الفن إلى باريس، وذلك كى يقنع المسؤولين الفرنسيين بجمال وعظمة الحضارة المصرية القديمة، التى هى، طبقًا لرأيه، أعظم حضارات الدنيا قاطبة.
فى العام 1824، فوض المتحف شامبليون شراء مجموعة “دوران” التي بلغ عددها حوالى 2149 قطعة أثرية، لتصبح بحق أولى مجموعات الآثار المصرية الضخمة التى تدخل اللوفر، ووصفها أمين الآثار المسؤول عن تقييمها الكونت كلار قائلاً: “يجعل تنوع وروعة هذه الآثار، والتى تشكل بمفردها معرضاً جميلاً، يظهر كل شىء يتعلق بمصر، منها مجموعة صالحة للفن والتعلم، وليست أقل أهمية من تلك التماثيل الضخمة التي تملأ اللوفر، فهي عن ذلك البلد المدهش المتفرد مصر”، ذلك بالإضافة إلي حوالى 1225 قطعة من التمائم والفنون الصغرى والمومياوات والأواني والحلي، اشتملت المجموعة على العديد من التوابيت المتميزة والمعروفة بـ”توابيت دوران”، ولوحات “سنوسرت”، و”أوزير – رع”، والتمثال النادر لـ”مرى آمون”، والتماثيل الصغيرة لـ”آمون – إم – أوبت”، و”تاموروت”.
صدّق شارل العاشر على أمر شراء هذه المجموعة فى الرابع عشر من ديسمبر 1824، وكانت لحظة فارقة فى تاريخ الجناح المصرى فى اللوفر، ونظراً لضخامة المجموعة وتميزها، اقترح التقرير الأولى المرفوع إلى السلطات الفرنسية، إنشاء جناح خاص للآثار المصرية فى اللوفر.
على أن يُطلق عليه اسم “متحف شارل العاشر”.
‘قدوم القنصل الفرنسي إلى مصر’
وعندما أقدم القنصل الفرنسي العام فى مصر وجامح الآثار الشراه، برناردين در وفتى على بيع مجموعته الخاصة الهائلة، والتى جمعها عبر سنوات عمله الطويلة فى مصر، رفضت فرنسا شراءها، نظراً مغالاته فى ثمنها، وعلى الفور، اشتراها ملك سردينيا شارلس فليكس، وعرضها فى متحف “كورين” فى إيطاليا، وندم شامبليون أشد الندم على ضياع هذه المجموعة من أيدى اللوفر، وعبر بحثه الدؤوب عن مجموعات أخرى، اكتشف شامبليون وجود مجموعة ضخمة فى ليفورنو فى إيطاليا، كونها أكبر لصوص الآثار المصرية في العصر الحديث، قنصل بريطانيا العام فى مصر هنرى سالت فى الفترة من 1819 – 1824، وكان سألت أعظم ناهبى الآثار المصرية، فنهب معظم جبانات الأقصر ومعابد الدلتا، فطلبها المتحف البريطانى، لما بها من مجموعة من التماثيل الضخمة والنقوش الجميلة، وكان ذلك فى العام 1818.
علي الجانب الأخر، شحذ شامبليون فصاحته، واستخدم ملكاته الخاصة للتأثير على شارل العاشر وحثه على شرائها، حتى يفوت فرصة الانتفاع بها على المتحف البريطانى، فكتب إلى الدوق دى بلاكا الذى دافع بدوره عن شامبليون وقضيته العادلة، مستغلاً صداقته للملك ومطالباً إياه بالآتى: “يجب علينا أن نحصل على معظم المجموعات الكاملة والآثار الكبيرة، إذ تستدعي متطلبات دولتنا دولة العلم أن ننشىء متحفاً حقيقياً للآثار المصرية شاملاً كل المدارس والأساليب والأحجام، وعلى فهذا، فإن مجموعة ليفورنو كاملة، وعما أعرفه عنها، أنها فرصة حقيقية لن تُعوض كى تكوّن فرنسا متحفاً مصرياً فى اللوفر”، ما شجع شارل العاشر فأصدر مرسوماً ملكياً بالشراء على الفور فى 23 فبراير 1826، وكوفئ شامبليون على جهوده بتعيينه أميناً عاماً للجناح المصرى الجديد فى اللوفر.
‘ قوائم اللوفر المعاصرة’
بمراجعة قوائم اللوفر المعاصرة، فإن مجموعة “سالت” من الضخامة بحيث اشتملت على 4040 رقم دخول، وكانت من الروعة والتنوع بشكل تصعب معه المفاضلة بينها، ومن أبرز محتوياتها، تمثال أبو الهول الضخم من تانيس فى شرق الدلتا المصرية، والذي يُعد من أبرز معالم الجناح المصرى فى اللوفر، و حوليات الملك تحتمس الثالث، وتمثال سوبك حوتب الرابع، و تمثال أمنحتب الرابع، أو إخناتون، والأشكال المتنوعة لعلاقة عنخ “الحياة” الهيروغليفية، والتصوير الساحر للسيدة ناى، بالإضافة إلي الطقوس الجنائزية المصورة بدقة على تابوت الملك رمسيس الثالث من الجرانيت الوردى، والآثار الخارجة من المقابر الأخرى، والعديد من مناظر الحياة اليومية المصورة على أدق الآثار وأصغرها حجماً، ولوحات مقبرة نسو الرائعة، وتمثل المجموعة، فى عمومها، لوحة بانورامية شديدة التفاصيل لفنون خصائص الحضارة المصرية القديمة.
ويبرر تنوعها وضخامتها لافتين حماسة شامبليون الزائدة اقتناصها من بين أنياب الإنجليز، وفى عام 1827، دخلت مجموعة القنصل در وفتى الثانية المهمة اللوفر، وأهدى شارل العاشر الناووس الجرانيتي الضخم للملك أحمس الثانى “أمازيس”، وباع له التابوت البازلت الضخم الآخر، وكان دور فتى قد جاء إلي مصر مرافقًا لنابليون بونابرت فى حملته الشهيرة على مصر، وأصبح قنصلاً عاماً لفرنسا فى مصر فى عام 1814، ومرة ثانية فى الفترة 1820 – 1829.
كان القنصل در وفتى جامعاً نهمًا للآثار المصرية، واستخدم فى ذلك الوسائل كافة، ومن بينها وسائل الحفر الحديثة، أكثر من معاصريه لصوص الآثار الآخرين، للتنقيب ونبش الآثار، وكان مساعده ومستشاره الرئيسي المثّال جان-جاك ريفو، الذي ساعدت موهبته الفنية وخبرته بالفنون در وقتى فى كثير من قراراته، ورفض لويس الثامن عشر مجموعته الأولى، واشترى فلك البروج “زودياك”، من سقف معبد دندرة فى جنوب مصر بثمن باهظ على الفور، بوصول هذا الأثر الفريد باريس، سار فى موكب هائل، كموكب الغزاة المنتصرين، وصار حديث المجتمع الأوروبى عموماً والباريسي على وجه الخصوص.
‘سعادة شامبليون الغامرة’
ازدادت سعادة شامبليون عند تلقيه خبر الشروع فى بيع مجموعة درو فتى الثانية عام 1827، فزلزل الأرض وهز السماء، ليحصل عليها الجناح المصرى بأى شكل وبأى ثمن، وفى أغسطس 1827، أهدى القنصل الماكر متحف اللوفر هدية مكونة من عدد من مجوهرات الفراعنة الساحرة، كان من بينها الخاتم الأروع المزين بالخيول الجامحة، ولم تستغرق عملية البيع وقتاً طويلاً، إذ تمت يوم 11 أكتوبر، وفى يوم 24 من الشهر نفسه، تسلم شامبليون الكنوز مشتملة على روائع الذهب والفضة، وكأس رمز المعرفة والحكمة المصرى المعبود تحوت، ودخلت البقية الباقية اللوفر فى سبتمبر 1828.وتم تعيين جان فرانسوا اميناً عاماً له.
ضمت مجموعة درفت الذهبية على تماثيل رمسيس الثانى، و سوبك حوتب الضخمة، ورأس صغير للملك أمنحتب الثالث والد اخناتون، وأوستراكات، أو ما يسمى بـ”شقفات فخارية” جميلة لوجه أحد الملوك الرعامسة، وتنتمي الأسرتان 19 و20، وعدد من تماثيل الأفراد الكبيرة الضخمة، وآلاف من لوحات المعبود حورس السحرية، وتوابيت “جد – خونسو – إيوف – عنخ”، وثلاثة توابيت حجرية ضخمة، تشكل فى مجملها بانوراما عامة عن الحياة الاجتماعية فى مصر القديمة….
اقرا ايضا:-
متحف اللوفر بباريس يعرض قطعة أثرية عظيمة