” إثارة الجدل حول أصول وعرق المصري القديم”
✍️بقلم الباحثة: إيمان سيد رمضان
الجدل حول أصالة الحضارة المصرية:
ارتبط عرق المصريين القدماء بنماذج من التسلسل الهرمي العنصري المعتمدة في المقام الأول على علم قياس الجماجم والقياسات البشرية وعلم الوراثة البشري.
وُجدت مجموعة متنوعة من الآراء المتداولة حول الهوية العرقية للمصريين ومصدر ثقافتهم. جادل بعض العلماء أن ثقافة مصر القديمة قد تأثرت باللغات الأفروآسيوية في شمال إفريقيا أو الشرق الأوسط، بينما أشار آخرون إلى التأثيرات القادمة من مجموعات سكانية مختلفة مثل النوبيين أو سكان أوروبا. استمر بعض الكُتّاب مؤخرًا في تحدي وجهة النظر السائدة، بينما ركز البعض على التشكيك في عرق أفراد بارزين محددين، مثل:
• الملك الممثل في تمثال أبو الهول
• الملك المصري توت عنخ آمون
والملكة المصرية تيي من الأسرة المصرية الثامنة عشر، والملكة اليونانية كليوباترا السابعة من البطالة..
“رفض وهجوم العلماء للفكرة “
يرفض علماء التيار الرئيسي فكرة أن مصر كانت حضارة «بيضاء» أو «سوداء». ويؤكدون أنه على الرغم من التنوع الظاهري للمصريين القدماء والحاضرين، فإن تطبيق المفاهيم الحديثة للعرق الأسود أو الأبيض على مصر القديمة أمر عفا عليه الزمن وغير دقيق. بالإضافة إلى ذلك، يرفض العلماء الفكرة المتضمنة في فرضية أن مصر كانت «سوداء» أو «بيضاء»، والتي تفترض أن مصر القديمة كانت متجانسة عرقياً. بدلا من ذلك، يختلف لون البشرة بين شعوب مصر السفلى، مصر العليا، والنوبة، والذين وصلوا في مختلف العصور إلى السلطة في مصر القديمة. علاوة على ذلك، «يعتقد معظم العلماء أن المصريين في العصور القديمة بدوا إلى حد كبير كما يبدون اليوم، مع تدرج في لون البشرة مع الاتجاه نحو السودان». في التاريخ المصري، على الرغم من الغزوات الأجنبية المتعددة، لم تتغير التركيبة السكانية بفعل هجرات كبيرة.
كانت أولي الأمثلة على الخلاف حول عرق المصريين القدماء من صنع الأوروبيين والأمريكيين في أوائل القرن التاسع عشر. ومن النماذج المبكرة على هذه المحاولات، مقال نُشر في مجلة نيو إنغلاند في أكتوبر من عام 1833، عارض فيه المؤلفون الإدعاء القائل إن «هيرودوت أعطاهم السلطة لكونهم زنوج». وأشاروا إلى لوحات المصريين القديمة كدليل: «قد يكون لُوحظ أن بشرة الرجال كانت حمراء بشكل دائم، وبشرة النساء كانت صفراء؛ لكن لا يمكن القول إن أيًا منهما لديه أي شيء في ملامحه على الإطلاق يشبه الأصل الزنجي».
كتب قسطنطين فرانسوا فولني في القرن الثامن عشر: «الأقباط هم التمثيل الحقيقي للمصريين القدماء «بسبب» بشرتهم ذات اللون اليرقاني الأصفر، والتي ليست يونانية ولا نيجيرية ولا عربية، شكل وجوههم الممتلئة والعيون المنتفخة، وشفاههم الثخينة… المصريون القدماء كانوا زنوجًا حقيقيين من نفس النوع مثل كل الأفارقة الأصليين».
“تصريح جان فرانسوا”
صرَّح جان فرانسوا شامبليون بعد بضع سنواتٍ فقط في عام 1839، في عمله مصر القديمة بأن المصريين والنوبيين مُثلوا بالطريقة ذاتها في اللوحات والنقوش، مُقترحًا: «في أقباط مصر، لا نجد أيًا من السمات المميزة للسكان المصريين القدماء، بالأقباط.
هم نتيجة التهجين مع جميع الدول التي سيطرت على مصر سابقًا بنجاح، ومن الخطأ البحث عن السمات الرئيسية للعرق القديم ضمن الأقباط». وأيضًا في عام 1839، طُعن في ادعاءات شامبليون و فولني من قبل جاك جوزيف شامبليون-فيجياك، الذي ألقى باللوم على القدماء كونهم السبب في نشر انطباع خاطئ عن أصل المصريين، قائلًا إن «الرأي القائل بأن السكان القدامى في مصر منتمين إلى العرق الأفريقي الزنجي، هو خطأ مقبول منذ فترة طويلة باعتباره الحقيقة… وإن استنتاج فولني فيما يتعلق بالأصل الزنجي للحضارة المصرية القديمة هو غير مقبول».
اشتد الجدل حول عرق المصريين القدماء خلال حركة الإبطالية في الولايات المتحدة خلال القرن التاسع عشر، إذ أكدت الحجج المتعلقة بتبريرات العبودية على الدونية التاريخية والعقلية والجسدية للسود. فعلى سبيل المثال، اعترض جون كامبل في عام 1851، مباشرةً على ادعاءات شامبليون وآخرين فيما يتعلق بالأدلة حول العرق الأسود لمصر، مؤكدًا: «هناك صعوبة كبيرة، وفي رأيي مشكلة لا يمكن التغلب عليها، وهي أن المدافعين عن أصل الحضارة الزنجية في مصر لا يحاولون معرفة، كيف ضاعت هذه الحضارة…. وكيف تقدمت مصر، ولماذا، لأنها كانت قوقازية».
لخص فوستر أوائل القرن التاسع عشر «الجدل حول إثنية المصريين القدماء» باعتباره نقاشًا حول النظريات المتضاربة فيما يتعلق بالحاميين. «في العصور القديمة، كان الحاميون، الذين طوروا حضارة مصر، يعتبرون من السود.» يصف فوستر لعنة حام التي تعود إلى القرن السادس الميلادي، والتي بدأت «في التلمود البابلي، وهي مجموعة من التقاليد الشفوية لليهود. أن أبناء حام لعنوا لأنهم سود.» قال فوستر«طوال العصور الوسطى وحتى نهاية القرن الثامن عشر، كان الأوروبيون ينظرون إلى الزنج على أنهم من نسل حام.» في أوائل القرن التاسع عشر، «بعد حملة نابليون إلى مصر، بدأ ينظر إلى الحاميين على أنهم قوقازيون.» ومع ذلك، «خلص علماء نابليون بونابرت إلى أن المصريين كانوا زنوج.» أشار زملاؤنا في نابليون إلى «الكتب المعروفة» السابقة التي كتبها قسطنطين فرانسوا فولني، ودومينيك فيفانت، والتي وصفت المصريين القدماء بأنهم «زنج». أخيرًا، يخلص فوستر إلى أنه «في هذه المرحلة أصبحت مصر محور اهتمام علمي وعلماني كبير، نتج عن ذلك ظهور العديد من المنشورات التي كان هدفها الوحيد هو إثبات أن المصريين ليسوا من السود، وبالتالي كانوا قادرين على تطوير مثل هذه الحضارات السامية》.
“القوقاز والعرق الزنجي “
أصبحت النقاشات المتعلقة بعرق المصريين مرتبطة بشكل أوضح بالنقاش الدائر حول العبودية في الولايات المتحدة مع تصاعد الحرب الأهلية فيها. بدأ يوشيا سي. نوت مع جورج غليدين في عام 1854 إثبات أن:
: «القوقاز أو البيض، والعرق الزنجي كانوا مختلفين للغاية في التاريخ البعيد، وأن المصريين كانوا قوقازيين». وصل الطبيب وأستاذ علم التشريح صامويل جورج مورتون، إلى نتيجة وهي: «رغم أن عدد الزنوج كان كبيرًا في مصر، إلا أن وضعهم الاجتماعي في العصور القديمة كان هو نفسه [الآن في الولايات المتحدة]، وهو موقع الخدم والعبيد». تحدث فلندرز بيتري في أوائل القرن العشرين وهو أستاذ في علم المصريات بجامعة لندن، بدوره عن الملكة أحمس-نفرتاري، التي كانت «السلف الإلهي للأسرة المصرية الثامنة عشرة». وقد وصفها جسديًا بأنها «امتلكت أنفًا معقوفًا، طويلًا ورفيعًا، وكانت تعاني من بروز الفك».
لم تكن مصر حضارة شعبية بوجود جميع الأميركيين من أصل أفريقي في ذلك الوقت، لأنهم غالبًا ما ربطوا مصر بالعبودية. وفي أواخر الستينيات، ربط مارتن لوثر كينغ وغيره من قادة الحقوق المدنية نضال اليهود المُستعبَدين في مصر بكفاح الأمريكيين ذو الأصول الأفريقية.
《تشويه الثوابت العلمية للحضارة المصرية 》
ويدعون أيضًا أن المصريين القدماء أصلهم يعود للزنوج الأفارقة، وهو ما رفضه علماء المصريات، هذا الرفض ليس معناه أن مصر تتبرأ من أصولها الإفريقية، لكن الرفض سببه محاربة تزييف وتشويه الثوابت العلمية التى سجلها ودونها المصرى القديم على جدران المعابد وفى البرديات وما تفسره المومياوات الفرعونية التى لا تزال محفوظة والتى تعتبر أصدق دليل على أن بناة الحضارة المصرية هم المصريون الذين سكنوا شمال القارة الإفريقية، وأن سماتهم الجسمانية تتوافق مع سمات المصريين الذين يعيشون الآن على أرض مصر، يميل معظم الجنوبيين إلى البشرة السمراء وتتفتح هذه البشرة كلما اتجهنا شمالًا.
“قناع توت عنخ آمون”
ادّعى اليهود أنهم بناة الحضارة المصرية القديمة، وأنهم بناة المعابد والأهرامات، وحاولوا بكل ما يملكون من ميديا تزييف التاريخ، لكن علماء العالم أجمع قبل العلماء المصريين تصدوا ودحضوا الادّعاء، وأكدوا بالدلائل والبراهين التاريخية أن اليهود فى مصر كانوا عبيدًا وخدمًا للمصريين.
فمؤخرًا، ووفقًا لما تداولته مواقع التواصل الاجتماعى ووسائل الإعلامي إن مسلسل الإهانات للحضارة المصرية والمصريين مستمر، حيث نظم المتحف الوطنى للآثار فى هولندا معرضًا للآثار المصرية، يعرض نماذج تدعم نظرية الأفروسنتريك المُعادية التى تعتبر شعب مصر من الغزاة، والأفارقة أصحاب الحضارة المصرية، وذلك بعرض مستنسخ “قناع توت عنخ آمون “فى صورة زنجية، مع الترويج إعلاميًا لديهم لهذا الفكر العنصرى.
وأشار الدكتور عبد الرحيم ريحان خبير الآثار ورئيس حملة الدفاع عن الآثار المصرية إلى أن المتحف الوطنى للآثار فى هولندا، عقب قيام شبكة نتفيلكس العالمية بإنتاج فيلم تسجيلي تدّعى فيه أن الملكة كليوباترا ذات الأصول الفينيقية أصلها زنجية سوداء،.
《عراقه وأصالة الحضارة المصرية 》
أفكارهم المشبوهة، يدعون أن العرب اغتصبوا الحضارة الأفريقية، واستولوا عليها في الماضي لتصبح حضارة مصرية، بل وطردوا الأفارقة منها، ولكن كُل تلك الأقاويل ليست لها أي أساس من الصحة”.
أن الحضارة المصرية عريقة للغاية، لذا يحاولون دومًا أن ينتسبوا إلى الحضارة الأعظم، كمحاولة منهم للرد على ما تعرضوا له من استعباد واضطهاد كبير داخل الولايات المتحدة الأمريكية، فقد تعرض ذوي البشرة السوداء للعنف طوال حياتهم، ويروجون حاليًا لأصولهم الأفريقية من خلال الاستيلاء على الحضارة المصرية.
ويتابع: “الحياة غير الإنسانية التي عاشها أصحاب البشرة السمراء في الماضي داخل الولايات المتحدة الأمريكية، منذ أن تم جلبهم من دول أفريقيا المختلفة، واستغلالها في زراعة القطن، والعمل داخل المزارع في الجنوب الأمريكي، جعلهم يشعرون بالاضطهاد طوال الوقت، ولم يجدوا حلول سوى الاعتماد على نسب أصولهم للحضارة المصرية القديمة.
“نسب الحضارة المصرية لجنوب السودان”
أما عن الأقاويل المتداولة بشأن نسب الحضارة المصرية لجنوب السودان، أن الحضارة المصرية القديمة نشأت في الدلتا وجنوب الوادي، أما الحضارة السودانية فهي جزء من الحضارة المصرية (النوبة)، فهناك جزئين للنوبة، النوبة السفلى التي تمتد من أسوان إلى وادي حلف، والتي تقع داخل الحدود المصرية، وأيضًا النوبة العليا التي تعتبر جزءًا من الإمبراطورية المصرية في عصر الدولة الحديثة..
مصر أمام مؤمرات كبيرة لسلب تاريخها وحضارتها ولتجفيف نيلها واللعبة قديمة ومستمرة…