جزيرة سهيل النوبية “سحر النوبة والعادات والتقاليد النوبية”
✍️كتبت الباحثة: أمل مصطفى أبو خاطره
لقد جذبت جزيرة سهيل النوبية العديد من الباحثين والسائحين لسحرها الفائق في الجمال والتناغم الذي يعيشه الزائر. سنتعرف معًا على جزيرة سهيل وطبيعة أهلها والعادات والتقاليد النوبية التي ما زالت محتفظة بها حتى يومنا هذا.
● أين تقع جزيرة سهيل النوبية؟
هي جزيرة تقع جنوب محافظة أسوان، وهي واحدة من أكبر الجزر النيلية عند الجندل الأول في أسوان، التي كانت موطنًا محاجر الجرانيت، لذلك كان الملوك يرسلون البعثات والجيوش إلى الجزيرة حتى أصبحت مرسى للسفن والطواقم البحرية، خاصة المتجهة إلى النوبة.
وهي تحتضن العديد من النقوش على صخورها الجرانيتية، وهي مخطوطات دينية أو اجتماعية. ومن أهم النقوش وأكثرها جذبًا هي المخطوط رقم (٨١)، والذي يُعرف باسم لوحة المجاعة.
● لوحة المجاعة في جزيرة سهيل النوبية
يحكي النص قصة مجاعة عن السبع سنوات العجاف التي حدثت في مصر في عهد الملك زوسر، وهو أحد ملوك الأسرة الثالثة. وكان ذلك نتيجة لانخفاض مستوى الفيضان. تروي القصة أن الملك زوسر رأى في الحلم الإله خنوم الذي يسيطر على منابع النيل، ولما استيقظ آمن بأن الإله خنوم هو المسؤول عن النيل ومنابعه. فأقر بتقديم القرابين له، وأوقف مساحات شاسعة من الأرض إلى معبده ، وسن الملك قانونًا يقتضي بفرض ضريبة لصالح خنوم على صائدي الأسماك والطيور، وعلى جميع من كان يعيشون من إنتاج النيل وعلى أصحاب مناجم الذهب و قادة القوافل الذين يمرون عبر طريق الفنتين من الصحراء. إن هذا الأمر تفسيره حديث عن المنحة الحقيقية التي قدمها الملك زوسر، ولم يكن كهنة إيزيس ادعت هذا حيث يوجد لوحة مماثلة لهذه في جزيرة فيلة . نستطيع أن نستنتج أن مجموعة الكهنة ليست سوى جماعة من المبالغين في طلباتهم، وأن الأرض والقرابين المذكورة لا تخص أيًا منهم. وإذا كان هناك خيار بين مجموعتين من الكهنة، فإن دعوى مجموعة الفنتين هي المفضلة، لأن عبادة الإله خنوم في الفنتين أقدم من عبادة الآلهة إيزيس في فيلة. وقد أجمع البعض على أن هذه الفترة تتزامن مع فترة وجود نبي الله يوسف في مصر.
● سحر جزيرة سهيل النوبية
تجذب قرى النوبة المطلة على النيل أسوان الآلاف من الزوار والباحثين عن المتعة والاستجمام بعيدًا عن المدن، بما تملكه من طبيعة أجواء ساحرة تروي فصولًا من حياة النوبة القديمة، والتي عُرفت باسم بلاد الذهب.
● سكان جزيرة سهيل النوبية
سكان جزيرة سهيل محترفي مهنة الإرشاد السياحي والصيد والتجارة مع الأسواق السودانية القريبة ولكن هذا لا يمنع تحول القرية على طبيعتها الساحرة فهي نموذج فريد للسياحة البيئية خصوصا وان غالبية العظمى من السكان احتفظوا بتراث الأجداد ولغتهم القديمة ايضا تنحصر في لهجتين الفاديكا والماتوكي : اللهجة الأولى يتحدث بها قبائل المنطقة الجنوبية الأكثر قربا من السودان . أما اللهجة الثانية يتحدث بها قبائل الكنوز .
و هما لهجات غير مكتوبة، أي أنه لم تُعرف لهما أي حروف خاصة مثل باقي اللغات، على الرغم من وجود المخطوطات النوبية القديمة التي عُثر عليها مدونة بالحروف اليونانية.
● بيوت جزيرة سهيل النوبية
تُشبه بيوت الجزيرة لوحة فنية تنعش الروح وتبعث الطمأنينة في النفوس المتعبة . تشتهر الجزيرة لأنها تُعتبر متحفًا مشهورًا يروي تاريخ النوبة، ويقدم للزائرين حكايات مملوءة بالحنين والشغف بالنوبين الأوائل الذين أسسوا حضارة امتدت حتى شمال السودان . تتميز بيوت القرية بأسمائها النوبية الأصلية، فجميعها مبنية على منحدرات جبلية، ولا تخلو من عناصر العمارة النوبية القديمة مثل الفناء الداخلي والزخارف الخارجية بالألوان الزاهية التي تروي ملامح الحضارة العريقة . و ما زالت الكثير من تلك البيوت تعمل على تربية التماسيح، وهذا ما يجذب الزائرين حيث يلعب السياح مع التماسيح, فإن التمساح حيوان أليف، ولكن عند بلوغه يتم التعامل معه بحرص شديد. وكان يتم وضع التماسيح في حوض زجاجي أو حوض مبني من الطوب المغطي بالسيراميك، وذلك للحفاظ على البرودة وتوفير بيئة مناسبة للتماسيح.
● العادات والتقاليد وتراث النوبة في جزيرة سهيل النوبية
تشتهر سيدات تلك الجزيرة بصناعة المشغولات اليدوية، وبنفس الطريقة التي اشتهرت بها قُرى النوبة القديمة في مصر، حيث تتراوح الصور بين الحلي، والأقراط، وأغطية الرأس، والسجاد، الذي يُصنع من قصاصات الأقمشة الملونة.
جميع المشغولات تتميز بالألوان الزاهية المعروفة. وكذلك تربية التماسيح تعتبر إحياء لتراث الأجداد .
وتعكس دقة الصناعة في هذه القرى الدور الكبير الذي تلعبه المرأة النوبية في الحفاظ على تراث الأجداد.
وستظل جزيرة سهيل النوبية متفردة عن باقي الجزر بسبب تمسكها بتراث الأجداد وإحيائه.