دور نتنياهو في تعطيل مسيرة السلام في غزة
كتبت: إيمان قاسم
يعاني الشعب الفلسطيني ويلات الحرب في غزة، وتسعى الدول العربية إلى تهدئة الأوضاع وعودة الاستقرار في القطاع، لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يقوض فرص السلام في غزة، وتقوم دولة قطر ومصر بدور الوساطة بهدف تقليل وإزالة الخلافات بين حماس واسرائيل والتوصل لاتفاق لحقن دماء الفلسطينيين في غزة وإيقاف الحرب وإحلال السلام الدائم.
مفاوضات الهدنة الأولى في غزة
لعبت كلا من مصر وقطر والولايات المتحدة الأمريكية دور الوسيط بين حماس واسرائيل، وتم التوصل إلى هدنة وتضمنت بنودها وقف إطلاق النار بين الطرفين، الإفراج عن الأسرى من النساء والقصر تحت سن ١٩ عام من جانب حماس، مقابل الإفراج عن ١٥٠ من المعتقلين الفلسطينيين لدى اسرائيل، دخول ٢٠٠ شاحنة إغاثية من بينهم أربع شاحنات محملة بالغاز والوقود.
ودخلت الهدنة حيز التنفيذ في الرابع والعشرين من نوفمبر الماضي عام ٢٠٢٣ وتبادل الطرفين إطلاق سراح الأسرى من الجانبين ١٣ أسيرًا اسرائيليا من الأطفال والنساء والمسنين، مقابل ٣٩ امرأة وطفلًا أطلقت اسرائيل سراحهم، وتولت اللجنة الدولية للصليب الأحمر في غزة استلام الأسرى ثم نقلهم عبر معبر رفح.
وتزامن تسليم الأسرى دخول شاحنات محملة بالمساعدات الإنسانية، وأخرى محملة بالوقود وتم توزيعها داخل قطاع غزة من قبل الأمم المتحدة والمنظمات الدولية، وفي اليوم الثاني للهدنة تم تسليم ١٣ اسرائيليًا من قبل حماس من بينهم أربعة أجانب، وأطلق سراح ٣٩ من الفلسطينيين المعتقلين في سجون اسرائيل.
واستمرت الهدنة خمسة أيام حتى أعلنت دولة قطر في السابع والعشرين من نوفمبر الماضي تمديد الهدنة يومان مع الإبقاء على شروط الهدنة دون تغيير، واستئنف القتال في غزة بعد انتهاء الهدنة في ديسمبر ٢٠٢٣.
جهود وقف إطلاق النار في غزة
أكد المتحدث باسم مجلس الأمن بالبيت الأبيض جون كيربي في يناير٢٠٢٤ معارضة الولايات المتحدة وقف دائم لإطلاق النار في غزة مبررًا أن وقف إطلاق النار يصب في مصلحة حماس، وقالت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا” أن الأطقم الطبية والمرضى والنازحون داخل المستشفيات وسط استمرار القتال في غزة، محذراً أنه إذا تم إيقاف التمويل لن نستطيع تقديم خدماتنا في قطاع غزة.
وقد أسفرت جهود مصر وقطر إلى موافقة اسرائيل وحماس على هدنة وتبادل الأسرى من الجانبين مدتها شهرًا، وكثفت الجهود لإبرام اتفاق إطلاق النار وانهاء الحرب، لكن حماس تشترط اتفاق ينص على الانسحاب الكامل من قطاع غزة ووقف دائم لإطلاق النار، مع تقديم ضمانات على اسرائيل لتنفيذ الهدنة، فيما اشترطت اسرائيل إنهاء الحرب مقابل خروج حماس من قطاع غزة وهو ما تم رفضه من قبل حماس، ورغم الضغوط التي تمارسها الولايات المتحدة وأعضاء داخل حكومة الحرب الاسرائيلية على رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو لقبول الهدنة، إلا أن نتنياهو أكد أنه لا نهاية للحرب بدون تحقيق النصر الكامل على حماس.
المقترح المصري لإنهاء الحرب في غزة
قدمت مصر اقتراح لإنهاء الحرب على غزة على ثلاث مراحل تبادل الأسرى من الجانبين، إدخال المساعدات الإنسانية وأخيرًا انسحاب الجيش الإسرائيلي من قطاع غزة.
في المرحلة الأولى تطلق حماس سراح كل المحتجزين لديها من نساء وأطفال ومسنين، وتطلق اسرائيل العدد المتفق عليه من المعتقلين الفلسطينيين مع السماح بإدخال المساعدات الإنسانية وعودة السكان إلى شمال قطاع غزة.
المرحلة الثانية إطلاق سراح المجندات الإسرائيليات المحتجزات لدى حماس، مقابل أن تطلق اسرائيل سراح عدد من المعتقلين الفلسطينيين، وفي المرحلة الثالثة وتتضمن إطلاق سراح جميع الأسرى لدى حماس، مقابل عدد من السجناء الفلسطينيين لدى اسرائيل، انسحاب كامل للجيش الاسرائيلي من قطاع غزة مع وقف إطلاق النار.
وتم رفض المقترح من الطرفين لتمسك حماس بانسحاب الجيش الاسرائيلي من قطاع غزة ووقف إطلاق النار، والمطالبة بخروج السجناء الفلسطينيين ورفض اسرائيل الانسحاب من قطاع غزة وانهاء الحرب.
مكتسبات الحرب على غزة
على إثر هجوم حركة حماس على اسرائيل في السابع من أكتوبر الماضي عام ٢٠٢٣، أعلنت اسرائيل الحرب على غزة حيث تضمنت أهدافها القضاء على حركة حماس، واعادة المحتجزين، إلا أنه وبعد مرور أكثر من عشرة أشهر على الحرب في غزة تكبدت اسرائيل خلالها خسائر في صفوف الجيش الاسرائيلي وتدمير لكامل قطاع غزة وجعله غير صالح للحياة، أما حركة حماس فما زالت متواجدة وقادرة على مواصلة القتال، حيث تعيد بناء قدراتها من جديد، واعتمد الجيش الاسرائيلي في غزة على القوة الهائلة والغير متناسبة واستهداف المدنيين وارتكاب أبشع المجازر، واتباع سياسة الاغتيالات والتي أدت إلى توترات مع حزب الله في لبنان، وإيران إثر اغتيال قادة بارزين في الحرس الثوري الإيراني.
وكما هو الحال بالنسبة لحماس فحتى الآن لم تجن إلا سقوط ضحايا مدنيين حيث تعدى عدد الشهداء ثلاثون ألف في قطاع غزة وإعادة احتلاله من قبل اسرائيل، لكن هذه الحرب أعادت القضية الفلسطينية إلى الواجهة، وطلبت دولة الجزائر منح العضوية الكاملة لدولة فلسطين في الأمم المتحدة، لكن واشنطن استخدمت “الفيتو” في مجلس الأمن، ومن ضمن مكاسب الحرب على غزة اعتراف دول أوروبية وهم أيرلندا وأسبانيا والنرويج بدولة فلسطين رسميًا.
الفيتو الأمريكي لوقف الحرب في غزة
في فبراير الماضي قدمت دولة الجزائر مشروع قرار لوقف إطلاق النار في غزة في مجلس الأمن، وينص المشروع على وقف انساني لإطلاق النار والإفراج عن جميع المحتحزين، وافق ١٣ من الدول الأعضاء في مجلس الأمن، بينما استخدمت الولايات المتحدة الأمريكية حق النقض وامتنعت بريطانيا عن التصويت.
مقترح بايدن لوقف الحرب في غزة
أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن مقترح جديد لإنهاء الحرب في غزة يتضمن المقترح ثلاث مراحل:
المرحلة الأولى: سوف تستمر لمدة ستة أسابيع مع وقف إطلاق النار وانسحاب الجيش الاسرائيلي من المناطق السكنية في غزة، وإطلاق سراح المئات من المعتقلين الفلسطينيين وعودة السكان إلى شمال قطاع غزة، مقابل أن تفرج حماس عن المحتجزين من النساء والمسنين لديها.
المرحلة الثانية: يتم فيها تبادل الرهائن الأحياء وانسحاب الجيش الاسرائيلي من قطاع غزة، وإدخال المساعدات الإنسانية بعدد ٦٠٠ شاحنة؛ والمرحلة الثالثة: تتضمن إعادة إعمار غزة.
وأبدت حماس مرونة مع هذا المقترح ووافقت عليه، أما نتنياهو فيتمسك بالبقاء الدائم في محور صلاح الدين “فيلادلفيا” ويبرر ذلك أنه يمنع تهريب الأسلحة إلى حماس عبر الأنفاق من مصر، وهو ما ترفضه مصر وتصر على انسحاب الجيش الاسرائيلي من محور فيلادلفيا، وأن ذلك يعد اختراق لمعاهدة السلام “كامب ديفيد” بين مصر وإسرائيل.
إقرأ أيضاً:-
تأثير الأزمات الاقتصادية على أسر اللاجئين