حصانة المبدعين في المنظمات
حصانة المبدعين في المنظمات
طالب غلوم طالب
كاتب وباحث إماراتيّ
من يغوص في بحور الإدارة يرى عالمًا غريبًا من الممارسات والتصرفات ، التي لا يمكن تسميتها بالتصرفات الإدارية الخالصة بل بالممارسات المُتعسفة لأنها تقوم على الأذى والبطش والكراهية وتحديدًا ضد موظفين مجتهدين مبدعين لأنهم يمتلكون عقلية فذة لا تُضاهى ولا تُقارن ،ولا يمكن امتلاكها أو شراؤها أو حتى استنساخها بسهولة..
لذا يلجأ بعض المديرين إلى مضايقتهم ليتركوا العمل بحجة أن إبداعهم لا يتناسب مع خططهم واستراتيجية المنظمة … ساء ما يحكمون!
وهؤلاء يُمارسون ضد الموظف المبدع مجموعة من السلوكيات والتصرفات التي تتجاهل أو تقلل من قيمة مساهماته في مكان العمل ، و قد يتضمن ذلك:
تجاهل الأفكار والاقتراحات : و عدم الاستماع إلى أفكار الموظف المبدع أو تجاهلها.
عدم منح الفرص : و حرمان الموظف من فرص التطور والنمو المهني.
عدم الاعتراف بالإنجازات: و عدم تقدير جهود الموظف وإنجازاته.
التحيُّز ضد الأفكار الجديدة : و رفض الأفكار الجديدة والمبتكرة خوفًا من التغيير.
التحيز الشخصي : معاملة الموظف بشكل غير عادل بسبب خلافات شخصية.
ولعل من أسباب تهميش الموظف المبدع: الخوف من التغيير فقد يشعر بعض المديرين الفاشلين بالتهديد من الأفكار الجديدة والمبتكرة، مما يدفعهم إلى تهميش الموظفين المبدعين. وأحيانا تسيطر على الموظفين الآخرين مشاعر الغيرة و قد يشعر بعض الزملاء بالغيرة من نجاح الموظف المبدع ، فيحاولون التقليل من شأنه. كما أن عدم التقدير الكافي للإبداع من أكثر عوامل التهميش الوظيفي فقد لا يكون هناك تقدير كافٍ للإبداع والابتكار في بيئة العمل ، مما يُؤدّي إلى تهميش الموظفين المبدعين.
ومن أهم أسباب التهميش البيروقراطية الشديدة و قد تعيق القدرة على تنفيذ الأفكار الجديدة.
يلجأ بعض المديرين ذوي الأفق الضيق الى تجميع الشلّة والبطانة لمضايقة الموظفين المبدعين بل منع الموظفين الآخرين الاقتراب منهم لتجنب العدوى …!…
طقوس التهميش والتطفيش تُمارس ضدهم لأن الإبداع الوظيفي والمؤسسي الذي يبتكره المبدع يُخوّفهم ويثير قلقهم من التغيير ولو كان إلى الأفضل…!..
وتهميش الموظفين المبدعين له عواقب وخيمة على الموظف وعلى المنظمة فهو يُؤدى الى فقدان المنظمة الموظفين الموهوبين : كما أنه يؤدى إلى استقالتهم والبحث عن فرص أفضل في أماكن أخرى.
و يؤدي إلى تراجع الإبداع والابتكار وتدني مستويات جاهزية الابتكار المؤسسي، إضافة إلى تدهور المُناخ المؤسسي العام للعمل
و يخلق تهميش الموظفين المبدعين جوًا من الإحباط وعدم الرضا بين الموظفين الآخرين . فقدان الفرص : تفقد المنظمة فرصًا للنمو والتطور بسبب عدم الاستفادة من الأفكار المبتكرة.
كما أن لتهميش الموظف المبدع آثار سلوكية على الموظف منها تراجع الأداء : فقد يتراجع أداء الموظف المبدع بشكل ملحوظ ، حيث يفقد الحافز لإعطاء أفضل ما لديه.
وتزيد أخطاؤه : قد يرتكب الموظف المبدع المزيد من الأخطاء بسبب انخفاض تركيزه وانخفاض تقديره لعمله ، ناهيك عن المقاومة السلبية: فقد يلجأ الموظف المبدع إلى المقاومة السلبية، مثل تأخير العمل أو عدم الالتزام بالمواعيد ، والبحث عن عمل آخر: قد يبدأ الموظف المبدع في البحث عن فرص عمل أخرى، حيث يشعر بأنه غير مُقدّر في مكان عمله الحالي.
ويُمكن تجنب تهميش الموظف المبدع من خلال تشجيع الإبداع والابتكار : و خلق بيئة عمل تشجع على طرح الأفكار الجديدة وتقديرها.
و التواصل بشكل مفتوح وصريح مع الموظفين المبدعين والاستماع إلى أفكارهم
توفير فرص التطوير: منح الموظفين المبدعين فرصًا للتطور والنمو المهني ، والتقدير والاعتراف: و تقدير جهود الموظفين المبدعين والاعتراف بإنجازاتهم.
البحث عن التنوع: تشجيع التنوع في الأفكار والخلفيات الثقافية. وتطوير القادة: تدريب القادة على كيفية التعامل مع الموظفين المبدعين وتشجيعهم.
ندرك أن للموارد البشرية عقلًا بل عقول مبدعة لا يمكن أن تقدر بثمن محدد
لذا لابد أن تسنّ قوانين وأنظمة تمنح حصانة قوية لحماية المبدعين حتى لا يتعرضوا للتهميش الجماعي من سلطة بعض المديرين الفاشلين الذي يخافون من إبداعاتهم لأن الموظف المبدع لا يمكن تحديد قيمته في أي منظمة وحصانته وحمايته واجب لا يمكن التهاون فيه أو السكوت عنه وهذا يأتي من تحديدهم بدقة متناهية لدى المنظمة بإشراف الوحدة المركزية للموارد البشرية لإعداد قائمة بالموظفين المبدعين في قائمة الوظائف الحرجة حتى تُصان من أي اعتداء إداري سافر سواء كان إقالة أو استقالة تحمل معنى الهروب من العمل الحالي لأن القائمة الحرجة للموظفين المبدعين تحمي الموظفين المبدعين من سلطة التهميش والتنفير والتطفيش وتمنع تكبد الدولة جراء استنزاف موظفيها المبدعين من بيئة العمل الحقيقية لهم .
ختاما فإن تهميش الموظف المبدع مشكلة خطيرة تؤثر على المنظمة والموظف على حد سواء ، و يجب على المنظمات أن تعمل على خلق بيئة عمل تشجع على الإبداع والابتكار وتقدر مساهمات جميع الموظفين.