جزيرة فيلة: جوهرة النيل ومعبد الأساطير في أسوان
بقلم/ أمل مصطفى أبو خاطره
جزيرة فيلة، هي جزيرة في منتصف نهر النيل وهي إحدى الحصون القوية على طول حدود مصر الجنوبية، وتفصل النيل إلى قناتين معاكستين في أسوان، كان بها معبد فيلة وانتقل من مكانه الأصلي على جزيرة فيلة وتم تجميعه على جزيرة أجيليكا، وذلك في أعقاب بناء السد العالي.
جزيرة فيلة هي أحد جزر أسوان الموجودة في الجنوب على مقربة من الجندل الأول وخزان أسوان القديم والسد العالي ، طول الجزيرة : 460م من الشمال للجنوب ، عرضها : 150م من الشرق للغرب، و هي عبارة عن كتلة من الجرانيت غطتها رواسب وطمي النيل على مدار العصور .
إن جزيرة فيلة حملت طابع الحضارات الثلاثة المصرية واليونانية والرومانية ، ومعابدها تتراوح ما بين ( عهد الملك نتختانبو ” أحد ملوك الأسرة الثلاثين”: عهد الإمبراطور هادريان). وتعتبر هذه الأبنية وما بها من أعمدة وتيجان التي تزداد جمالا بالنقوش والمناظر الجميلة تعد مصدرا للدراسات ، سواء في اللغة أو الدين أو التاريخ أو الفن العصرين البطلمي والروماني.
وأطلق على الجزيرة العديد من المسميات ومنها :
-القبر المقدس
-حصن المقدمة ( لوقوعها على الحدود)
-الصديقة والحبيبة
-الركن أو النهاية
-بولاق أبو أنس الوجود؛ وسميت أنس الوجود لربطها بأسطورة حدثت في ذلك المكان.
حيث تحكي الأسطورة أنه كان في أحد بلاط ملوك العرب شاب ذو خلق يسمى أنس الوجود أحب ابنة الوزير اسمها زهرة الورد ، فأحب كل منهما الآخر ولما علم الوزير بذالك اخاف من الفضيحة فأراد أن يبعد ابنه عن العاصمة في مكان أمان فأشار عليه بعض القوم بجزيرة فيلة ، فأسرع الوزير ووضع ابنته في معبد ايزيس في تلك الجزيرة . ثم ترك أنس الوجود البلاط وأخذ يبحث عن محبوبته في كل مكان حتى قابل في الصحراء أحد الرهبان الذي أخبره بأن عشيقته في جزيرة فيلة ، فأسرع الشاب تجاه الجزيرة حتى وصل إلى ضفة النيل وأخذ ينظر إلى الجزيرة والحسرة تملأ قلبه لعجزه عن الوصول إلى الجزيرة لوجود التماسيح في المياه ، فأشفق عليه أحد التماسيح الكبيرة وعرض عليه أن ينقله إلى الجزيرة وعندما وصل الجزيرة أخذ يبحث عن حبيبته في كل مكان حتى أخبرته الطيور بأن حبيبته غادرت المكان سراً فأخذ الفتى يندب على حظه وظل يتنقل من مكان لآخر حتى جمع الله بينهم وتوسط أهل الخير لهما حتى وافق الوزير على زواجهما وانتهت الأسطورة بزواج العشاق أنس الوجود وزهرة الورد.
هل جزيرة فيلة موجودة الآن؟
في الحقيقة أن جزيرة فيلة و آثارها تعرضت للغرق في مياه النيل الذي ارتفع منسوبه نتيجة لإنشاء خزان أسوان وذلك قبل بناء السد العالي. أصدرت مصر بيان لمنظمة اليونسكو و كل دول العالم لإنقاذ آثار النوبة من الغرق وجرى نقل المعابد من أماكنها إلى أماكن أكثر ارتفاعا. وقد تقدمت العديد من الاقتراحات لانقاذ جزيرة فيلة العريقة حتى جاء الاقتراح بنقلها إلى إحدى الجزر القريبة التي ترتفع فوق مستوى سطح المياه ووقع الاختيار على جزيرة أجيليكا القريبة منها.
قامت هيئة الآثار بتسوية 340.000مكعب من الصخور الجرانيتية في أجيليكا و ردم الجزء الشرقي منها لإيجاد مساحة إضافية لإعادة بناء معابد فيلة عليها، وتم إعداد التحديات الجديدة في جزيرة أجيليكا وأعيد التركيب لمباني فيلة فيها مرة أخرى .
إن فيلة تختلف كل الاختلاف عن جزيرة فيلة بالماضي ، حيث كانت جزيرة فيلة في الماضي تشمخ أمام أسوان في طريق النيل وضمت أرضها آثار مصرية ويونانية ورومانية والآن كل تلك الآثار موجودة في جزيرة أجيليكا وجزيرة فيلة الآن مغمورة في مياه النيل.
المعبود الرئيسي للجزيرة هي الإلهة ايزيس ابنه الإله جب ( رب الارض ) والإلهة نوت ( ربة السماء) وهي أخت و زوجة الإله اوزيريس الاله الطيب . وصارت ايزيس شخصية بارزة في مجموعة الآلهة المصرية حتى نهاية العصر الروماني وذلك بسبب أسطورة أوزير الشهيرة.
و تروي الأسطورة أن أوزير( إله الخير ) كان أخ الإله ست ( إله الشر ) و حقد الإله ست لأخيه لجلوسه على العرش فعمل ست على قتل أخيه وتقطيع جثته إلى أشلاء و هنا كان دور الإله ايزيس الزوجة المخلصة التي أخذت تبحث عن جثة زوجها وذلك بمساعدة نفتيس وجحوتي وأعادت له أنفاسه بجناحيها وأنجبت منه الإله حورس الطفل الذي سوف ينتقم من عمه لأبيه الراحل.
نالت ايزيس الشهرة في فيلة وكانوا المصريين منذ القدم يحيطون بها بكافة مظاهر التكريم طوال عهد الأسرات واستمرت عبادتها في جزيرة فيلة أثناء حكم البطالمة لمصر واختارها الكهنة كزوجة لا وزير-ابيس وأم حربوقراط ، وتشير إحدى البرديات التي وجدت في البهنسا والتي ترجع للقرن الثاني الميلادي تذكر أن عبادتها ذكرت في 68 مدينة بالدلتا و 55 مدينة خارج مصر وعمل الأباطرة على التقرب لعبادتها كما التفت قبائل البليمي والنوبيين حول عبادة الآلهة إيزيس في فيلة واستمرت محاولات ارضاء القبائل حتى أمر الإمبراطور جستنيان بغلق المعبد ونقل تماثيله إلى القسطنطينية وظهرت إيزيس فى الجزيرة باشكال حتحور وافروديت( إلهة القمر عند اليونان) وتوريس ( آلهة مرتبطة بالولادة ) وكان يطلق عليها سيدة فيلة التي تحمي أخاها على الجبل السري ، الزوجة الملكية لأوزوريس، آلهة الشمس على رأس دندرة ، واشتهرت بالقدرة على السحر و الدهاء حيث أطلق عليها السحرة عليها لقب ( سيدة السحر ) ومعنى اسمها المقعد أو الكرسي وكانت تصور بشكل سيدة كاملة ويعلو رأسها تاج عليه كرسي العرش .
● وصف معابد فيلة
نلاحظ أن آثار مصر العليا التي ترجع للعصرين اليوناني والروماني حيث لا تتميز معابد جزيرة فيلة بأسلوب موحد في البناء ويرجع ذلك لأن تنفيذ المعبد تم في فترات وأزمنة مختلفة وهناك أيضا توسعات ثانوية والتغيرات التي حدثت في المشروعات الأولى لهذه المنشأة والتي من المحتمل أنها جاءت نتيجة للأهمية المتزايدة التي اكتسبتها معبد الالهة ايزيس ، ويرجع صعوبة التعرف على أصل بعض المنشآت إلى اختفاء معظم الأجزاء.