مقالات

تأثير المتغيرات المجتمعية على دور الأسرة في المجتمع الحديث

تأثير المتغيرات المجتمعية على دور الأسرة في المجتمع الحديث

 

كتبت: إيمان قاسم

 

تعد الأسرة النواة الأساسية للمجتمع وأساس التنشئة السليمة للأفراد، وركيزة أساسية في صلاح المجتمع وحمايته من التفكك، وفي ظل التغير المتسارع الذي يطرأ على المجتمعات والأزمات الاقتصادية المتتالية، يضع الأسرة أمام تحدي في التأقلم والتكيف على المتغيرات.

 

التغيرات الاقتصادية

 

في الآونة الأخيرة يعاني المجتمع المصري من أزمة اقتصادية تحلى تأثيرها على الطبقة المتوسطة والتي بدأت في التآكل، وامتد تأثيرها على القوة الشرائية، حيث يؤدي الارتفاع المستمر للأسعار والخدمات إلى فقد جزء من القوة الشرائية، كما تسبب استنزاف مدخرات الأسر، موازنات الحكومات والشركات على الاستهلاك، وتقل قدرتها على الادخار والاستثمار في المستقبل، وقد تسببت ظاهرة التضخم في ضرر على الموظفين والعمال وذلك بسبب قيمة أجورهم الحقيقية والتي لا تتناسب مع الغلاء، في حين أن التضخم يصب في مصلحة أصحاب الثروات، وإن هذا التفاوت يعد حجر عثرة في طريق تحقيق الاستقرار الاقتصادي ودفع عجلة التنمية.

 

ومن الآثار السلبية لظاهرة التضخم على الأسرة والتي تتضح بصورة جلية في عدم قدرة الطبقة المتوسطة على تلبية احتياجاتها الأساسية وتدهور أوضاعها المعيشية، ونشوء الخلافات الأسرية المستمرة بسبب الغلاء والاستعانة وتراكم الديون دون سدادها، علاوة على انحراف بعض أفراد الأسرة قانوني وأخلاقي، وامتهان مهن مثل البلطجة والسلاح وإدمان المواد المخدرة.

 

التطور التكنولوجي

 

تلعب تكنولوجيا الاتصال الحديثة دورًا محوريًا في عملية التنشئة الاجتماعية، خاصة مواقع التواصل الاجتماعي والتي تعد الأكثر انتشارًا على شبكة الانترنت، نظرًا لما توفره من سهولة الاتصال بين الأفراد، وتقريب المفاهيم والرؤى مع الطرف الآخر، والتعرف على ثقافات الشعوب المختلفة.

 

فعلى الرغم من المزايا التي تقدمها التكنولوجيا للإنسان وتطويعها لخدمته ورفاهيته، إلا إنها أدت إلى تعميق أزمة الهوية الثقافية وازدياد موجة التبعية الثقافية، واستيراد نماذج من الحياة والثقافة الغربية، والتي أحدثت صدعًا بين فئات المجتمع بين أنصار الثقافة العربية ودعاة الثقافات الأخرى الدخيلة على المجتمعات العربية، وإن اطلاع المجتمع العربي على كل ماهو جديد دون وجود رؤية أو هدف، يؤدي إلى تفكك البنية الثقافية وازدياد التشتت الفكري، علاوة على هجرة الكفاءات العلمية والثقافية.

 

تأثير وسائل الإعلام

 

تساهم وسائل الإعلام في تشكيل الرأي العام لدى الجمهور، كما أنها يمكنها أن تغرس فكرة أو معتقد، أو تسلط الضوء على بعض القضايا باعتبارها أكثر أهمية من القضايا الأخرى، وتستخدم الدول غير الديمقراطية وسائل الإعلام كأداة لإحكام السيطرة على الرأي العام وتوجيهه نحو قضية والتعتيم على قضايا أخرى، تشتيت انتباهه حول قضايا أخرى لا يراد له التفكير فيها.

 

وقد أثبتت الدراسات أن لوسائل الإعلام القدرة على غرس رؤية معينة أو معتقد ما في أذهان الجمهور، وإن المتابعة المنتظمة لوسائل الإعلام يمكنها التغيير في معتقدات وسلوكيات الناس، كما يمكنها تقريب وجهات النظر حول موضوع معين، ويتأثر الجمهور بما يبث عليها كما تساهم في زيادة ثقافتهم ومعارفهم.

 

فرص التكيف

 

إن التغير الذي يطرأ على المجتمع يؤثر بالضرورة على الأسرة وعلى دور الأب والأم، وقد أدت ظاهرة التضخم في المجتمعات العربية إلى انخراط المرأة في سوق العمل لمجابهة ارتفاع الأسعار والقدرة على تلبية احتياجات الأسرة.

 

وتجلت والآثار السلبية للتغير الاجتماعي على الأسرة في انفتاح الأفراد على ثقافات أخرى واستقاء منها عادات وتقاليد وثقافات غربية لا تتماشى مع قيم المجتمع الإسلامي، وترتب على ذلك نشوء صراع بين الأجيال وتغير في الهوية داخل الأسرة، وإن هذا الأمر يتطلب حوارًا مفتوحًا وتبادل وجهات النظر وحل النزاعات، إلى جانب المرونة والقدرة على التكيف مع المتغيرات التي تحدث في المجتمع.

MEU

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى