أخبار مصر

الإدارة الإشرافية بالظل واقعاً له خطورته

الإدارة الإشرافية بالظل واقعاً له خطورته

طالب غلوم طالب
كاتب وباحث إماراتيّ

الإدارة الإشرافية بالظل هو مفهوم يشير إلى وجود أشخاص أومجموعات تُمارس سلطات إشرافية على عمل الآخرين دون أن يكون لديهم الصلاحية الرسمية لذلك.
بعبارة أخرى، هم من يُؤثّرون في القرارات الإدارية ، ويُسيّرون العمليات في الخفاء، دون أن يكون دورهم مُعترفًا به رسميًا في الهيكل التنظيمي.
و تزخر الإدارة بالممارسات العملية التي يُمكن تسليط الضوء عليها لأنها مثار اهتمام أو استنكار بعض الموظفين لكونها تحمل شيئًا غريبًا أو مستهجنًا يحدث في بيئة العمل …. الإدارة الإشرافية سواء كانت مديرًا أو رئيس قسم أو أو رئيس شعبة أو رئيس فريق أو مسؤولًا ، في الغالب هو من يدير دفة الوحدة التنظيمية التي يشرف عليها أو فريق العمل بصفة عامة ، ولديه وصف وظيفي معتمد ، وعليه إنجاز المهام والأعمال التي يمكنه من خلال تنفيذها تحقيق أهدافها التنظيمية والاستراتيجية وفق رؤية استراتيجية عُليا تُحدّدها المنظمة وهذا كله طبيعي ولكن غير المألوف هو أن يأتي موظف آخر (مدير الظل) ليحل محله خلسة ليدير ويصدر القرارات والأوامر باسمه بحضور هذا الإشرافي الحاضر الغائب وعلى مرأى ومسمع من جميع الموظفين في المنظمة ليصبح هذا السلوك الإداري الشاذ جزءا من الثقافة التنظيمية للمنظمة!
هنا تظهر المخاطر الإدارية جلية واضحة لأنها تبدو في مشهد مؤسسي مُدهش لا يمكن تفويته ..
فهذا الإشرافي ضعيف إداريًا وفنيًا ومهاريًا وغير قادر على إدارة وحدته التنظيمية و بـــ (ضعفه المُركّب) سحري يكلف موظفًا آخر ليمارس دوره ….
هؤلاء الإشرافيون الضعاء هم الخطر الحقيقي الذي تواجهه بعض المنظمات من الداخل ، كونهم تركوا مسؤولياتهم الوظيفية والأخلاقية في يد موظفين آخرين يديرون الوحدات التنظيمية بأهوائهم ورغباتهم دون اكتراث بمصلحة المنظمة أو إسعاد الموظفين والمتعاملين….إلخ.
والمفارقة عندما يكون إشرافيو الظل من صغار الموظفين فماذا عن توصياتهم وقراراتهم التي يصدرونها ويرفعونها إلى المدير الحقيقي الغائب!
أسباب ظهور الإدارة الإشرافية بالظل:
قد تنشأ الإدارة الإشرافية بالظل لأسباب متعددة، منها:
-الخبرات والكفاءات: قد يمتلك بعض الأفراد خبرات وكفاءات عالية تجعلهم مُؤثّرين على الرغم من عدم وجودهم في مناصب إشرافية رسمية.
-العلاقات الشخصية: العلاقات الشخصية القوية بين الأفراد -ومنهم : المدير و الاشرافي بالظل – قد تخلق شبكات نفوذ غير رسمية.
-الثقافة التنظيمية: في بعض الثقافات التنظيمية، قد يتم تفضيل العلاقات الشخصية والنفوذ غير الرسمي على الهيكل التنظيمي الرسمي.
-الفراغ القيادي: في حالة وجود فراغ في القيادة الرسمية، قد يتولى أفراد آخرون زمام الأمور بشكل غير رسمي !
إن الإدارة الإشرافية بالظل تُعدُّ كارثةً إداريةً وهي موجودة في بعض المنظمات و لا يمكن لأي عاقل حصيف تجاهلها في المشهد الإداري العام لبعض المنظمات .
الإدارة الإشرافية بالظل لها الكثير من السلبيات منها:
-ضعف الشفافية والمساءلة والحوكمة المؤسسية، وخلق صراعات ومنافسات داخلية، وإضعاف الهيكل التنظيمي الرسمي، وتقليل الدافعية لدى الموظفين الذين لا يتمتعون بنفوذ، وظهور الفساد الإداري…..إالخ.
كيف يمكن التعامل مع الإدارة الإشرافية بالظل؟
لتقليل الآثار السلبية للإدارة الإشرافية بالظل وتعزيز الهيكل التنظيمي الرسمي، يمكن اتباع بعض الإجراءات، مثل:
-تعزيز الشفافية: تشجيع التواصل المفتوح والشفافية في اتخاذ القرارات الإدارية الرشيدة.
-تقوية الهيكل التنظيمي: تحديد الأدوار والمسؤوليات بوضوح وتوضيح خطوط السلطة.
-تطوير القيادات الإدارية : بناء قدرات المديرين الرسميين وتمكينهم من ممارسة دورهم.
-تقدير الكفاءات الوظيفية : الاعتراف بالخبرات والكفاءات الوظيفية الموجودة وتوفير فرص للاستفادة منها.
-بناء الثقة: خلق بيئة عمل مبنية على الثقة والاحترام المتبادل بين الموارد البشرية.
ولكن السؤال الأهم هو : أين المدير العام للمنظمة ومدير الحوكمة والتدقيق الداخلي والموارد البشرية والجهات المركزية والرقابية لرصد هذه الإشكالية الإدارية أو الظاهرة الإدارية أو العلة الإدارية في وجود (المدير الظل ) وتكون الأوضاع أسوء بكثير عندما يكون مسؤولو الموارد البشرية والتدقيق الداخلي والحوكمة وغيرهم تحت سيطرة موظفي الظل و يبدو بلا حول ولا قوة ……
أخيرا فإن الإدارة الإشرافية بالظل هي ظاهرة مُعقّدة تتطلب فهمًا عميقًا للثقافة التنظيمية والسلوك البشري والتمرس الإداري ، والخبرة القانونية العميقة ، و من خلال التعامل مع هذه الظاهرة بوعي وحكمة وحنكة، يمكن للمنظمات الاستفادة من جوانبها الإيجابية وتقليل آثارها السلبية.

دبي – 30/7/2024م

MEU

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

لديك مانع اعلانات فضلآ قم بتعطيله لتستطيع استخدام موقعنا