التاريخ والآثار

حضارة الفيوم وعباده الإله سوبك

 

بقلم/ ملك ياسر

تُعد حضارة الفيوم من أقدم الحضارات التي تم ذكرها في التاريخ، ووفقًا لما ذكره علماء الجيولوجي، فإن تاريخ إقليم الفيوم يعود إلى حوالي 40 مليون عاما، وخير دليل على هذا وجود وادي حيتان بالفيوم، حيث إنه لا مجال للحيتان سوى في الماء ولكن عندما انحصرت المياه عند منخفض الفيوم ومع مرور الوقت تبخرت المياه إلى أن ظهرت فيما بعض الهياكل الخاصة بالحيتان لتشير إلى ما كان موجود، وتعد منطقة وادي الحيتان بالفيوم أفضل محمية طبيعية لدراسة تاريخ الهياكل والحيتان في العالم.

حيث أن الفيوم يعود إلى العصر الحجري الحديث يؤرخون جميعهم لتلك الفترة بالفيوم وجميعهم شمال وشرق بحيرة قارون ،وبحسب ما قام به عالما الآثار الإنجليزيين “ جاردنر و كيتون طومبسون” الذين قاموا بالتنقيب عن حضارة ما قبل التاريخ بالفيوم، فقد تم العثور على الكثير من الأكوام الأثرية التي تدل على وجود حياة مستقرة بإقليم الفيوم في هذه الفترة من التاريخ، وتم العثور على العديد من الآثار التي خلفتها حضارة الفيوم في تلك الفترة الزمنية مثل” أدوات للطهي وحوالي 240 حفرة قد استخدمت كمواقد، أدوات صيد مثل السهام والحراب، وأدوات الزراعة مثل بعض الفؤوس التي استخدم فيها الحجر الصوان، وبعض الحلي وأدوات الزينة من أعقاد للرجال والسيدات صنعت من الحجر الجيري وبعض الأقراط، بجانب بعض السلال،عثر العلماء أيضًا على مخازن غلال كانت تستخدم في العصر الحجري الحديث بالفيوم، حيث تم العثور على ما يقرب من 165 مخزنًا لتخزين الحبوب من القمح والشعير، وتم بناء تلك المخازن على مكان مرتفع بحوالي 800م عن سطح البحر وبعيدًا عن المنازل وكانت تلك الحفر أو المخازن مبطنة من الداخل بالخوص والفخار ويتم تخزين الغلال فيها حتى تكون بعيدة عن الرطوبة والتي تؤثر على الحبوب، وعندما نقارن مخازن الغلال القديمة بالفيوم والتي عثر عليها في بني سلامة نجد أن مخازن بنى سلامة تعد مخازن فردية أي كل منزل يحتوي على صومعة غلال خاصة به، أما مخازن غلال إقليم الفيوم فقد كانت جماعية، وهذا دليل على أن الزراعة لدي الفيوم في تلك الفترة هي الحرفة الثانية بعد صيد الأسماك وكان النشاط المجتمعي والحرفي الرئيسي هو الصيد وبعده الزراعة، لذا كانت المساحات المزروعة قليلة، فقرروا وقتها أن يتم حفظ الغلال الزراعية بطريقة جماعية وأن يتم توزيعها على أفراد المجتمع بنظام وبالتساوي.

وبذلك كانت حضارة الفيوم هي أقدم مجتمع يحوى نظام إداري في مصر، فقد كان مجتمع متحضر إدارياً واقتصاديا وزراعيا وقام باستئناس الحيوانات وقام بتطوير المنتجات المستخرجة من البيئة حوله، ومن ضمن ما تركه هذا المجتمع “سلة من الخوص، أدوات الصيد والزراعة مثل السهام والحراب والبلط، أواني فخارية بدائية، أدوات زينة من أعقاد للمرأة والرجل”، فقد ظهر التطور الحضاري للفيوم في تلك الفترة بشكل واضح وكانت تلك بداية إقليم الفيوم،فيما يشير عمر، إلى أنه من المعروف لدى الجميع أن الإله الخاص بإقليم الفيوم وحضارة الفيوم هو الإله سوبيك ويرمز له بـ”التمساح”، ولكن كيف تمت عبادة هذا الإله؟، إذ ترجع قصة عبادة سوبك إلى الملك مينا، فعند زيارة الملك مينا لأقليم الفيوم وزيارة البحيرة تعرض لهجوم من قبل الحيوانات المفترسة والذي أنقذه من تلك الحيوانات هو تمساح وقام بنقله من البر الشرقي للبحيرة إلى البر الغربي بسلام، ومن هنا أوصى الملك مينا بأن يكون التمساح هو معبود الإقليم، تلك القصة أيضًا تدل على أن الفيوم كانت محط أنظار الملك مينا وهو مؤسس الأسرة الأولى في مصر “العصر العتيق” فقد لعبت حضارة الفيوم دورا هاما حتى أن الملك مينا قد أوصى بتكريس معبود خاص لإقليم الفيوم وبدأ وضع قواعد أساسية لمعبد يتم فيه عبادة معبود الفيوم الخاص سوبك.

MEU

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

لديك مانع اعلانات فضلآ قم بتعطيله لتستطيع استخدام موقعنا