
مقالات
"متلازمة المُحتال " لــصٌ خفي قد يُصابُ بـه الإنسان
كتبت: ضحى محمود
هل سمعت من قبل عن متلازمة المُحتال ؟
تكمُن متلازمة المُحتال ( Imposter Syndrome) أو ظاهرة المُحتال بعدد من الشكوك التي لا أثاث لها من الصحة فيما يتعلق بتقدير الإنسان لذاته ، وكأن هناك صراعٌ يدور بين تخيُل وتصور الشخص لنفسه ونظرة الآخرين له ، ويُذكر أن عالمتي النفس “بولين روز كلانس وسوزان إيمز” هما أول من أعطى اسماً لهذه الظاهرة النفسية وذلك فى عام ١٩٧٨.

وهى ظاهرة نفسية شائعة وغامضة المعالم والأسباب ، فهي تجعل المصابين بها يعانون من الشك المستمر ، والدائم بأنفسهم وبقدراتهم ما يؤدي إلى شعور دائم بالنقص، حتى ولو كانوا أفرادًا منتجين ومبدعين ومن ذوي الإنجازات البارزة.
ولا يمكن اعتبار هذه المتلازمة مرضاً ولا حالة عقلية، لكنها سلوك مكتسب، وبالتالي يمكن التخلص منه وفقا لما أفاد به خبراء في علم النفس ، كما يمكن أيضا أن يعاني العديد من الأشخاص من متلازمة المُحتال بغض النظر عن طبيعة أدوارهم أو وظائفهم في المجتمع، بالإضافة أيضا إنها تؤثر على الأشخاص بمختلف الأعمار سواء في العلاقات الإجتماعية أو العلاقات العامه .
بحسب ما ذكره العديد من علماء النفس بأنه ليس هناك سبب واحد لمعاناة الفرد من “متلازمة المُحتال”، فالأمر مرتبط باجتماع عدة عناصر مثل بيئة الطفولة، وتعرض الطفل للضغط المستمر من الوالدين من خلال المقارنة بالآخرين والانتقاد المستمر للأخطاء البسيطة، بالإضافة الى ذلك، هناك سمات شخصية يمتلكها الفرد، مثل القلق والعصبية، والسعي المستمر نحو الكمال.

كيف يراك الآخرون؟ ذاك السؤال الحائر الشائك لإصحاب متلازمة المُحتال ؟!
أحد أهم السمات أو الصفات التي تتسم بها هذه الظاهرة النفسية هي تلك الفجوة بين الطريقة التي ترى بها نفسك والطريقة التي يراك بها الآخرون.
قالت إيزابيل عالمة النفس :-
“لهذا السبب قد يكون من المفيد أن ترى نفسك من خلال عيون الآخرين، وفي مرآة الآخرين”.
إن العديد ممن يعانون من ظاهرة المُحتال بحسب ما نشرته مواقع طبية يتميزون بالبراعة ، ويحظون بإعجاب الآخرين، ولا وجود لسبب حقيقي يستدعي شعورهم بالنقص أو عدم الكفاءة ، ويُقدّر أنَّ قرابة ٢٥_٣٠ ٪ من الأشخاص المتميزين والمحققون لأهداف كبيرة مصابون بمتلازمة المحتال، وأنَّ ٧٠% من البالغين قد يعانوا من متلازمة المحتال ولو لمرة واحدة في حياتهم .
مما لا شك فيه يعاني الكثيرون بـمتلازمة المحتال، تلك الحالة التي تلازمهم وتمنعهم من الاعتراف بإنجازاتهم وجهودهم ، وتقول “دولورز ليريا ” وهي طبيبة نفسية ونائبة عميد الجمعية الرسمية لعلم النفس في كاتالونيا فى حديثٍ لبي بي سي:- “متلازمة المحتال” هي الصعوبة التي يواجهها البعض في التعرف على مزاياهم الخاصة والتصور أو الخوف من أن الآخرين قد يعتقدون أن هؤلاء محتالون ، وربما يتعلق الأمر بالخوف من عدم الارتقاء إلى مستوى توقعات الآخرين .
قد تصيب هذه المتلازمة أي شخص، لكنها تنتشر أكثر بين النساء ، وقد يعاني أي شخص من هذه المتلازمة، لكنها أكثر شيوعاً بين النساء ويرجع الخبراء ذلك إلى قلة النماذج النسائية التي يحتذى بها وربما القوالب النمطية والتحيزات المتعلقة بالنوع (انثي – رجل) في اماكن العمل .
كما تصف الباحثة الرائدة في متلازمة المحتال دكتورة “فاليري يونغ” خمسة أنواع رئيسية من المحتالين في كتابها الصادر لها عام ٢٠١١ بعنوان “الأفكار السرية للنساء الناجحات لماذا يعاني الأشخاص القادرون من متلازمة المحتال وكيف يحققون نجاحات بالرغم من ذلك ؟! ”
المثاليون ، الخبراء ، العباقرة القطريون ، المنفردون ، العباقرة أو الابطال الخارقون ، وتعكس أنواع الكفاءات السابقه ، كما تسميها دكتورة يونغ، معتقداتك الداخلية حول ما تعنيه الكفاءة بالنسبة لك .
كما لا شك فيه أيضا بأن التربية تلعب دوراً أساسياً في تشكيل أنماط “متلازمة المُحتال” وخصوصاً التربية التي تمتد من عمر يناهز من ٣ إلى ١٨ سنة ، كما أن توقعات بعض الأهل تكون بأن يحقق أولادهم الكمال، ولذلك فإنهم يقومون بتأمين سبل المرافق لهم ، والحماية لهم بطريقة متمادية أكثر تؤدي إلى شعور الأطفال بأن كل ما يحدث معهم من أمور إيجابية هو نتيجة التدخل الخارجي والظروف المحيطة بهم.
كما أن هذا التمادي قد يُنشئ ثنائيات ما بين توقعات العائلة وقدرات الطفل، مما يُعزز لديه خوفاً داخلياً يؤدي إلى الإحساس بالفشل، ويدفعه بالتالي في حال تمتّعه ببعض الكفاءات إلى إبعاد صفة الاحتيال عنه، من خلال الاعتبار أن ما توصّل إليه هو عبر الحظ وليس عبر الكفاءة.
