كتبت/ منة الله محمد
رحلة عبر الزمن إلى قلب التاريخ المصري العريق
يشهد موقع ضريح الأغاخان غرب أسوان حدثًا استثنائيًا يُعيد كتابة تاريخ المنطقة، وذلك مع الكشف عن مجموعة من المقابر العائلية التي تعود إلى العصور المتأخرة واليونانية والرومانية. ويُعدّ هذا الاكتشاف الأثري بمثابة كنزٍ ثمين يُثري معلوماتنا عن تلك الحقبة الزمنية الغامضة، ويُتيح لنا فرصةً للوقوف على أسرار الحياة والموت في تلك المجتمعات القديمة.
مومياوات تروي حكايات الماضي
تُعدّ المومياوات المكتشفة داخل هذه المقابر بمثابة حاملات للذاكرة، حيث تُخبئ بين طياتها قصصًا وحكايات عن حياة أصحابها وظروف وفاتهم. وتشير الدراسات الأولية إلى أنّ ما يقارب 30% إلى 40% من الذين دفنوا في هذه المقابر قد وافتهم المنية في سن مبكرة، ممّا يُثير تساؤلات حول طبيعة الحياة وظروفها في تلك الحقبة.
أمراضٌ قديمة تكشفها الفحوصات
لم تقتصر أهمية هذا الاكتشاف على الجانب التاريخي فقط، بل امتدت لتشمل الجانب الطبي أيضًا. فقد أظهرت الفحوصات التي أجريت على المومياوات أنّ بعضها كان يعاني من أمراض معدية، بينما عانى البعض الآخر من اضطرابات عظمية. وتُعدّ هذه المعلومات بمثابة نافذةٍ نطلّ من خلالها على نوعية الأمراض التي كانت شائعة في تلك الفترة، ممّا يُساعدنا على فهم التطورات الطبية التي حدثت على مر العصور .
وايضا من هذه الاكتشافات استطاعتنا استنباط أن هذه الفترة في مصر كانت فترة سيئة فترة اضمحلال ودليل ذلك انتشار كثير من الأمراض بالإضافة لوفاة كثير من النساء و الأطفال والشباب في سن مكبر وجميعهم مصابين بالمرض .
تنوع معماري يعكس ثقافة غنية
تميّزت المقابر المكتشفة بتنوعها المعماري الفريد، حيث أنّ بعضها يتميز بوجود مدخل مقبي يتقدمه فناء مفتوح محاط بحوائط من الطوب اللبن، بينما تم نحت البعض الآخر مباشرة في صخر الجبل. وتشير هذه الاختلافات المعمارية إلى تنوع الطبقات الاجتماعية في تلك المجتمعات، حيث يُعتقد أنّ هذه المقابر قد دُفنت فيها الطبقة الوسطى من سكان جزيرة أسوان، بينما تم تخصيص الجزء الأعلى من الجبانة لدفن الطبقة العليا.
مُستقبلٌ واعدٌ للمزيد من الاكتشافات
تُواصل البعثة الأثرية المصرية الإيطالية المشتركة أعمالها في موقع ضريح الأغاخان، مُتطلعةً إلى الكشف عن المزيد من أسرار هذا الموقع الأثري الهام. وتُعدّ هذه الاكتشافات بمثابة شهادة حية على ثراء التاريخ المصري العريق، وتُؤكّد على أهمية الحفاظ على هذا التراث للأجيال القادمة.
ختاماً يُعدّ اكتشاف المقابر العائلية والمومياوات الجديدة في ضريح الأغاخان غرب أسوان حدثًا هامًا في مصر. وتُؤكّد هذه الاكتشافات على أهمية الاستمرار في أعمال التنقيب والبحث الأثري لكشف المزيد عن كنوز الحضارة المصرية العريقة.