ماذا تعرف عن الرئة الحديدية ؟
ماذا تعرف عن الرئة الحديدية ؟
كتبت / سلمي محمد
الرئة الحديدية هي شكل من أشكال أجهزة التنفس الاصطناعية والذي تسمح للشخص بالتنفس في حال خسارته التحكم الطبيعي بالعضلات أو عند تجاوز الشخص قدرته الطبيعية على التنفس.
وهي عبارة عن أسطوانة معدنية عملاقة محكمة الإغلاق يصل وزنها إلى 650 رطلاً (295 كغم) متصلة بمنفاخ، وتتطلب الرئة الحديدية من مرضى شلل الأطفال الانزلاق إلى داخل الجهاز. ويقوم وقتها المنفاخ المرتبط بمضخة بتدوير الهواء بشكل مستمر داخل وخارج الصندوق، مما يساعد ذلك المرضى على مواصلة التنفس عن طريق دفع الهواء إلى رئتيهم. ويُعرف هذا النوع من التنفس الاصطناعي باسم التهوية بالضغط السلبي الخارجي (ENPV).
في أوائل القرن العشرين، كانت حالات تفشي مرض شلل الأطفال منتشرة في جميع أنحاء العالم، وتنتقل عن طريق الأغذية والمياه الملوثة. وحتى لقاح عام 1955، كانت الرئة الحديدية هي الوسيلة الأساسية لعلاج هذه الحالات، وكانت تعتبر من أحدث التقنيات الموجودة في ذلك الوقت.
“إن اختراع الرئة الحديدية غيّر العلاقة بين البشر والآلات”، كما تقول هانا فونش وهي طبيبة الرعاية الحثيثة في قسم التخدير في مركز وايل كورنيل الطبي ومؤلفة كتاب “شبح الخريف”، وهو كتاب يتتبع كيفية عمل وحدات العناية المركزة والتهوية الميكانيكية و أساس الرعاية الطبية الحديثة.
وتقول: لأول مرة، تمكّن للفرد الذي يعاني من صعوبة في التنفس أن يتلقى الدعم، حيث تقوم الآلة بكل أعمال التنفس نيابة عنه.
يمضي بعض المرضى وقتاً قصيراً فقط في الرئة الحديدية، ربما أسابيع أو أشهر حتى تمكنوا من استعادة قوة التنفس مرة أخرى بشكل مستقل. لكن بالنسبة للمرضى الذين أصيبت عضلات صدرهم بالشلل الدائم، ظلت الرئة الحديدية هي مفتاحهم للبقاء على قيد الحياة.
على الرغم من أن هذا التطور منقذاً للحياة، إلا أنه كان هناك العديد من القيود المتعلقة بالرئة الحديدية لكل من المرضى ومقدمي الخدمات الطبية. حيث يشعر العديد من المرضى بأنهم محاصرون ومقيدون داخل جهاز الرئة الحديدية، وكان من الصعب على الأطباء الوصول إلى جسم المريض وتقديم العلاج لشخص مغلف بالرئة الحديدية. لكن مع ذلك الاختراع وضع أساس للعديد من التطورات الطبية المستقبلية.
وغالباً ما يُنظر إلى تطوير الرئة الحديدية على أنه علامة فارقة في تطوير أجهزة التنفس الصناعي الميكانيكية، والتي لم تكن تستخدم على نطاق واسع قبل تفشي مرض شلل الأطفال.
يقول بيتر جاي، طبيب الرئة والرعاية الحرجة “لقد تطور علم التهوية نتيجة اختراع الرئة الحديدية، وتم فهم فسيولوجيا تبادل الغازات بشكل أفضل بمجرد أتمتة حركة الهواء داخل وخارج الجسم” وذلك يرجع لوجود الرئة الحديدية.
إن أحد التطورات المبكرة في أجهزة التنفس الصناعي كان رائدها “بيورن آج إبسن”، ففي عام 1953 بدأ إبسن في تطوير ما وُصف بأنه “جهاز التنفس الصناعي بالضغط الإيجابي”. وعلى النقيض من الرئة الحديدية، التي تعتمد على التهوية بالضغط السلبي والتي تقوم بشفط الهواء إلى رئتي المريض، ويمكن لجهاز التنفس الصناعي ذو الضغط الإيجابي دفع الهواء إلى الرئتين عند توصيله بأنبوب التنفس.
ويضيف جاي أن تطوير تقنية الرئة الحديدية “خلق مفهوماً جديداً في أنه يمكن وضع مجموعة كبيرة من الأشخاص في غرفة واحدة ودعمهم بتبادل الغازات المنقذة للحياة التي يحتاجون إليها”، ومن هنا وُلدت فكرة جديدة وهي فكرة وحدة العناية المركزة.