
بيبي الثاني وارتباط اسمه بالكشوف الجغرافية
بقلم/ آيه أحمد حسن
تولي بيبي الثاني الحكم بعد وفاة مري إن رع أخاه من أم ثانية وهو نفر كا رع بيبي الثاني ، وقد صعد على العرش وهو يبلغ من العمر ست سنوات فقط ، وتعتبر فترة حكم هذا الملك من أطول فترات الحكم في تاريخ مصر القديم حيث بلغت أربعة وتسعين عاماً طبقاً لما ذكره مانيتون وتوفى عن مائة عام.
وبعد مرور عدة شهور على تولية العرش عاد حرخوف من حملته الرابعة من بلاد النوبة العليا حيث اصطحب معه قزم زنجي ، وأرسل الملك بعد ذلك أحد حكام أسوان يدعى بيبي نخت الذي قام أيضاً بعدة حملات فبعد مرور بضع سنوات قرر الملك حملة إلي بلاد بونت ، وخصص لهذا الغرض ، قوة من الجنود والبحارة والعمال لبناء المراكب على شواطيء البحر الأحمر ، وكان يرأس هذه الحملة أحد الضباط ويبدو أن أفراد هذه القوة قد تعرضوا لهجوم من مجموعات من بدو الصحراء الشرقيه وقضى عليهم ، وعندما وصلت أنباء هذه الكارثة إلي البلاط الملكي.
في ظل هذه الظروف أرسل الملك بيبي نخت بهدف معاقبة هؤلاء البدو والانتقام منهم والعودة ، بأجساد الذين قتلوا وخاصة إحضار الضابط المقتول ، وقام بيبي نخت بهذا العمل وقتل أعداد كبيرة من البدو ، ويذكر في نص آخر أن الملك قد أرسله لتأديب بلاد إرثت وتهدئة الحالة هناك.

وقد تابع الملك الأمور في النوبة من حيث استغلال مواردها وتأكيد النفوذ فيشير النص “ببي نخت”أن هناك ثورة نشبت في الجنوب وأن ملكية أرسله على رأس جيش كبير لإخمادها فعاد منها غائما الكثير من أبناءها.
ونتيجة لطول مدة حكم الملك ببي الثاني أدى ذلك العناء في سياسة مصر الخارجية من الخمول في فترة حكمة وفي مقابل ذلك أخذ يزداد نفوذ حكام الأقاليم الذين أخذوا يورثون مناصبهم لأولادهم ، واتجه معظمهم إلي أن يدفن في مقر حكمة بدلاً من الدفن حول المقبرة الملكية ، والدليل على ذلك ماتم تشييده من فخامة جبانات الأقاليم وانتشارها مثلما في الفنتين وادفو وأبيدوس.
وبزيادة ثراء حكام الأقاليم وازدياد ثراؤهم أن ضعف الحكم المركزي وقلت هيبة الحكومة وبدأ الزمام ينفلت من يدها وأصبحت في كثير من الأحيان شبه عاجزة عن تنفيذ أوامرها وممارسة تبعاتها وحقوقها ، وكانت مصر في هذه الفترة في حاجة إلى ملك قوي له من النفوذ والسلطان ما يكبح بهما جماح حكام الأقاليم الذين ضعف ولائهم للحكومة المركزية ، وأصبح لا هم لهم إلا الحصول على مزيد من السلطة والمال دون اهتمام بأحوال رعيتهم ، ولكن الملك” بيبي الثاني”لم يكن قوياً ، وبالتالي لم يكن قادراً على تصريف الأمور ، وأخذ حكام الأقاليم يسلبونه سلطاته ما أمكنهم ذلك.

على أية حال كان لطول مدة حكم الملك بيبي الثاني أثره في ضعف الأسرة فنجد أنه في النهاية ، بسبب كبر سنة كان غير قادر أن يكتسب طاعة أمراء الأقاليم الأقوياء الذين زادت سلطتهم ولم يدينون بالولاء للملك ولم يدفعوا الجزية للخزانة الملكية ، وظهرت المجاعة والمرض وظهر عدم استتباب الأمن وانتشرت العصابات في كل مكان وهاجر الناس من البلاد ، وقطعت كل العلاقات مع العالم الخارجي ولم تصل أخشاب الأرز من لبنان وأيضاً الزيوت اللازمة للمراسيم الجنائزية ومنتجات اللوحات اللازمة لطقوس المعابد.

وأصبحت البلاد عرضة للغزو الخارجي وسادت الفوضى في كل مكان وأهملت القوانين وأصبح من المستحيل تحصيل الضرائب أو معرفة من المالك أو صاحب الأرض ومن المغتصب ونهبت المقابر الملكية وتوقفت الطقوس الدينية وأنهار الصرح الاجتماعي ، وطرد الموظفون من وظائفهم.

وفي الختام أود أن أوضح للقارئ أن في ظل هذه الظروف عمت الفوضى أرجاء البلاد ، ولم يكن هناك من ضحية سوى العامل والفلاح ، والذين ذاقوا الأمرين ، وما أن اتتهم الفرصة للتعبير عما تجيش به صدورهم ، حتى قاموا بثورة اجتماعية عارمة ، رافضين كل ما في المجتمع من ظلم و فساد.








