جنوب أفريقيا تأخذ بالثأر من إسرائيل
جنوب أفريقيا تأخذ بالثأر من إسرائيل
بقلم / السيد غباشي
الجميع يتساءل لماذا دولة جنوب أفريقيا هي الدولة الوحيدة بالعالم التي أقدمت على دعوة ضد
اسرائيل امام محكمة العدل الدولية ؟
فعلا امر غريب دولة تقع في الوسط الأفريقي بعيدة كل البعد عن حدود فلسطين وما يحدث بها من إبادة جماعية وبالأخص لأهل غزة
وخصوصا كونها لا دولة عربية ولا اسلامية
هل هناك ضرر ما يقع على دولة
جنوب أفريقيا
ولا تستطيع تحمل هذا الضرر
اسئله محيره يفكر بها الكثيرون
وللإجابة على هذه الأسئلة علينا العودة لفترة السبعينات
من القرن الماضي وبالأخص لفترة حرب الكرامة
والنصر والعزة حرب أكتوبر المجيدة عام 73
ونعود سويا بعجلة الزمان لنفهم ما هو السر
في موقف دولة جنوب أفريقيا
ونبحث عن الإجابات سويا
بعد انتهاء حرب أكتوبر المجيدة مباشرا
أصبح جميع القادة بإسرائيل لديهم خوف من منصب
وزير الدفاع والجميع يتهرب من هذا المنصب
بسبب هزيمة جيش الاحتلال
وحالة الإحباط واليأس التي سيطرت على الجيش
والخوف من مرحلة ما بعد الحرب
وسخط الرأي العام على القادة
وبالاخص منصب وزير الدفاع
وتم اختيار (شيمون بيريز) لهذا المنصب
وكان يحمل في هذا التوقيت رتبة رائد بالجيش
وهذا المنصب يعتبر منصب كبير بالنسبة لرائد
وافق ( بيريز) وأطلق عبارته الشهيرة
( إن هذا المنصب خطأ ساندم عليه )
كانت إسرائيل في هذا التوقيت تعاني الكثير
من الازمات
حالة من الإحباط تسيطر على الجميع
الجيش والقادة
والشعب والرأي العام
اقتصاد شبه منهار
عجز قوي في ميزانية الدولة بسبب الحرب التي تكلفت
الكثير
توقف حركة السياحة الداخلية والخارجية
ارتفاع حاد في نسبة البطالة
حالة من الركود والكساد تسيطر على الاقتصاد
بسبب توقف عجلة الانتاج اثناء الحرب
وخوف الكثير على مستقبل ودائعهم البنكية والذهبية
حتي العقارات والأراضي
وايضا استعدادهم العوده لاوطانهم الأم أن تطورت
الامور
وعادت الحرب لاندلاع مرة اخرى
وخصوصا أن جميع المواطنين في صفوف الاحتياط
وتم استدعاء الكثير منهم اثناء الحرب
المهم
تأثر مفاصل الدولة بالكامل
وبالتالى عند استلام (شيمون بيريز) لمنصبه
كان أمامه عدة محاور لمواجهة هذه المشاكل
التي تهدد منصبه الجديد
المحور الأول
إعادة بناء الجيش ورفع معنوياته ونسيان ماحدث
من صدمة اربكت الجنود والقادة
المحور الثاني
ادخال الجيش في الاقتصاد بصناعات مختلفه والتركيز
على الصناعات العسكرية
والمحور الثاني كان له بالغ الأثر على الاقتصاد الإسرائيلي مباشره
فتح المصانع العسكرية يتطلب أيدي عاملة كثيرة
إعطاء الفرص للكثير من الخريجين في تخصصات
مختلفة
استغلال العقول المبتكرة في هذه الصناعة
إنعاش لحالة الاقتصاد وضخ الأموال بالأسواق
جذب للمستثمرين من الداخل والخارج
فتح أسواق بالعالم لبيع الاسلحة الاسرائيلية
استطاع ( شيمون بيريز) تحقيق أهداف المحاور
مما كان له بالغ التأثير المباشر على الاقتصاد
(لكن هناك نقطة ضعف قوية في هذه المحاور
وهي التركيز على الصناعات العسكرية فقط)
بدأت الحكومة تنظر لهذه الصناعة وتقدم كامل الدعم
لمتطلباتها
وتسخير كل شي لصالح هذه الصناعة
ولم تهتم لمن تبيع تلك الاسلحة الجميع متساوي
ببساطة
(شمعون التاجر اليهودي سعيد فقط بالمكسب لا فرق لديه ما يبيع أو لمن يبيع)
الجميع متساوين أمام المكسب جماعات متطرفة
او منظمات او حركات تمرد
او حركات قمعية أو عنصرية
(وخلينا في آخر تعبير.. العنصرية)
في هذا التوقيت كان أهم عميل لدى إسرائيل هي دولة
جنوب أفريقيا
الدولة التي يقتل ابناءها على يد نظام الاحتلال القمعي العنصري
الذي اتخذ اللون لتوزيع الحقوق لدى أبناء الوطن
كانت القارة الإفريقية في هذه الفترة
تعاني معظم دولها
من الصراعات سواء لنيل الاستقلال والتحرر من الاستعمار
أو حركات تمرد انقلابية
أو اضطهاد عنصري
والاخير كان عنوان الصراع الجنوب افريقي
كان المحتل الإنجليزي يسيطر على مقاليد الحكم
والثروات التي تميزت بها جنوب افريقيا
مثل الذهب واليورانيوم والموارد النادرة
غالية الثمن
وده اللي ميز جنوب افريقيا عن اى عميل آخر لشراء الأسلحة من تل أبيب
بسبب كثرة الأموال وحجم الشراء
وعقود الأسلحة التى لا تتوقف
نقدر نقول أن مصانع الأسلحة باسرائيل تعمل لصالح
النظام الجنوب افريقي
وبسبب الاضطهاد العنصري الذي يعاني منه شعب جنوب أفريقيا تم فرض عقوبات من المجتمع الدولي
على نظام الحكم ومنع أي دولة من بيع الاسلحة لهذا
النظام العنصري
(ولكن التاجر شمعون لا يستطيع البعد عن المال ورائحتها التي تسحر عقله )
ظلت إسرائيل تبيع الأسلحة رغم العقوبات
وبطرق ملتوية شرعية وغير شرعية
وأصبحت هذه الأسلحة هي دليل على العنصرية وقتل
اللون الابيض اللون الاسود
جورج بوش الأب
عندما تولى الرئيس الأمريكي (جورج بوش الأب )
قام بالضغط على الكيان الاسرائيلي المحتل وبشده لوقف بيع الأسلحة لجنوب افريقيا
والالتزام بالقوانين الدولية
وفي أواخر الثمانينات وبعد ضغط دولي قوي على النظام الجنوب افريقي تم الإفراج عن أشهر مناضلي التاريخ
المناضل ( نيلسون مانديلا)
الذي قضى الكثير من السنوات خلف القضبان دفاعا
عن ابناء وطنه وكافح ضد العنصرية
وتم إصدار الدستور والتشريعات التي تتيح الحق
لكل مواطن بحقوقه
ولا تمييز للون الجميع متساوي
الحقوق واحده للجميع
وبعد أشهر قليلة أمام الضغوط الدولية تم إجراء أول انتخابات حرة بعد فترة طويلة من الاضطهاد العنصري
وفي اول نسخه لهذه الانتخابات فاز بها
( حزب المؤتمر الوطني الأفريقي ) باكتساح
والذي أسس الحزب ويرأسه هو المناضل
(نيلسون مانديلا )
وأصبح هذا الحزب ينظر الى اسرائيل انها كانت
وراء موت الالاف من ابناء الوطن
بسبب استمرارها في بيع الأسلحة للنظام السابق
العنصري
رغم رفض المجتمع الدولي
وأيضا بسبب أن إسرائيل كيان محتل
يعانى منه الفلسطنيين
كما عانى الشعب الجنوب افريقي من الاحتلال
الانجليزي وذاق مرارة الاضطهاد العنصري
على أرض وطنه
وعلى الجانب الآخر تنظر إسرائيل أن نضال
نيلسون مانديلا افقدها أهم عميل لديها
عميل كان له الفضل في استقرار الاقتصاد الاسرائيلي
وأنه السبب في وقف العمولات ووقف تدفق الأموال إلى خزينة الدولة
نيلسون مانديلا
أيقونة التحرر في العالم أجمع
أصبح هذا المناضل رمز الحرية والكفاح لكل الأقليات
والدول التي تعاني من الاستعمار وتبحث عن استقلالها
وتهافتت أكبر وكالات الأنباء والصحف والقنوات
والمؤتمرات لاستضافة نيسلون مانديلا
والاخير لم يترك مناسبة إلا وتحدث عن حق الفلسطينيين
في وطن حر وزوال المستعمر عنه
وأشار في كل لقاءاته الى الزعيم الراحل المناضل
( ياسر عرفات)
وأطلق عليه زميل الكفاح والنضال
وأخذ يناشد العالم في الحق الفلسطيني
المغتصب عن طريق الاحتلال
وزاد الغضب الاسرائيلي اكثر فاكثر
الأول بسبب كفاحه الذي أضاع على الاقتصاد الكثير
والكثير من الأموال
وثانيا
بفضحهم دوليا ومطالبة المجتمع الدولي بحل القضية الفلسطينية
و عودة اليهود إلى الشتات كما كان حالهم قبل الاحتلال
تكررت اللقاءات بين المناضلين كثيرا
ياسر عرفات ونيلسون مانديلا
إلى أن جاء يوم الخامس من ديسمبر عام 2013
وتم إعلان خبر وفاة المناضل الكبير نيلسون مانديلا
وخلال حفل التأبين لوداع المناضل الراحل سافر معظم
ملوك ورؤساء وأمراء العالم الى جنوب افريقيا
لتوديع المناضل ( نيلسون مانديلا)
وكان على رأسهم الرئيس الأمريكي في هذا الوقت
(باراك أوباما)
وعلى الجانب الآخر في دولة الاحتلال
أعلن رئيس الوزراء آنذاك
( بنيامين نتنياهو) ومعه ( شيمون بيريز )
الذي تحدثنا عنه في البداية
إن هذه الرحلة لجنوب افريقيا تتكلف ما يقرب
من (7 ملايين شيكل) وان هذا المبلغ سيكون عبء على خزينة الدولة ودافعي الضرائب
ملحوظة
(هذا التصريح اهانه ضمنية للمناضل الراحل وأنه لا يستحق دفع هذا المبلغ من أجله )
وانقسمت الآراء داخل المجتمع الإسرائيلي إلى فريقين
الاول
يرى التغاضي عما مضى وفتح سبل وآفاق جديدة للتعاون مع جنوب افريقيا
والفريق الثاني
يرى أن ما فعله نتنياهو هو التصرف والرد الطبيعي على رحيل المناضل( نيلسون مانديلا)
ودفاعه عن الحق الفلسطيني
ولازال ( حزب المؤتمر الوطني الأفريقي )
والذي أسسه نيلسون مانديلا وزرع به أفكاره ومبادئه
هو الحزب الحاكم بجنوب إفريقيا حتى الآن
ولكن تحت قيادة الرئيس (سيريل راما فوزا)
لذلك لم يتأخر الحزب ورئيسه برفع قضية الابادة
الي محكمه العدل الدوليه
ولن ينسى الحزب دعم اسرائيل لقتل الآلاف من أبناء وطنهم
ولا الإهانة التي وجهت إلى رئيسهم وأيقونة التحرر
لدي العالم واشهر مناضل عبر التاريخ
( نيلسون مانديلا )
لذلك تحاول جنوب افريقيا
احياء الثأر القديم
بقلم
السيد غباشي