مقالات

الـعـالـمُ من حَــولـِنا هــا هو بات اليَـومُ يحتضر

كتبت: ضحى محمود

أنحنُ ضحايا ذلك الزمان أم نحن ابرياء ؟!
قال “الإمام الشافعي “:-
نَعيبُ زَمانَنا وَالعَيبُ فينا
وَما لِزَمانِنا عَيبٌ سِوانا
وَنَهجو ذا الزَمانِ بِغَيرِ ذَنبٍ
وَلَو نَطَقَ الزَمانُ لَنا هَجانا
وَلَيسَ الذِئبُ يَأكُلُ لَحمَ ذِئبٍ
وَيَأكُلُ بَعضُنا بَعضاً عَيانا

هكذا اخذتنا الأيام ، واخذت منا احلي اللحظات اعطتنا دروساً مؤلمة واخري موجعه ، وقليلٍ من الدروسِ المستفادة .
كَـبرنـا ، وكَـبُـر فينا الصمتُ، واستولت علينا الرغبةُ في العُزلةِ بل الإنعزال .

الـعـالـمُ من حَــولـِنا هــا هو بات اليَـومُ يحتضر
الـعـالـمُ من حَــولـِنا هــا هو بات اليَـومُ يحتضر

اتُهمنا بالتعقيد وعُقولُنا بأنها لسيت اسوياء ، وأن ذلك الزمان يحتاج عقولاً ليست عقولنا بل عقول هؤلاء السُفهاء ، اطفهوا بأيديهم ذلك النور الذي يشع بالأمل من قلوبِ هؤلاء الأبرياء ضحايا الحرب، والسلام ، أشعلوا فتيل الفتنه فى كل مكان ، أغلقوا الابواب فى وجوه العلماء ، واسرعوا مُهرولين نحو النخبة الناطقه بالعولمة ، وعوَالمُ القومَ ، والسفهاء .

وها  نحنُ سرقنا الزمان فأضعنا طُـفـولتنا بالتزيُن بأشياء ، واحلامِ الكبار ، ولم نُدرك أن الطفولة هي براءتنا ، وبراءة ذلك الزمان من الغدرِ ، والاحتيال واغتصاب برائتنا بل ، واحلامنا نحنُ هؤلاء الصغار .

اصبح حديثُنا بداخِلُنا أكبرَ مما يتفوَّه به لساننا مع الناسِ من حولنا ، باتت أفواهنا مُـكمة غشية اتهامُنا بأننا نحنُ السُفهاء من القوم .

وهـا نحنُ أيضا قد ايقنا أنَّ مساحاتِ الاختلاطِ تؤذينا أكثرَ مما تنفعُنا ، وأن كلما تطلعُنا على نافذة ذلك العالمُ المُـتـعُولم لم نري إلا الغدر ، والخسة ، واغتصاب الأرض والحقوق والأعراض ، بل رأينا فيه من القُبحِ ، والتعري من كُلِ القيم ، والأخلاقيات.

اصبحنا ، وباتت انفُسنا لا تقوى ، ولاتتحمَّل مزيداً ومزيجـًا إضافيًّا من الأذي النفسي بل ، والمادي الذي يُحاط بنا من ذلك العالم ، وذاك الزمان .

صارت قلوبنا هشه على مجاهدة انفسنا في ذلك الزمان ، باتت انفاسُنا تتصارع ضرباتُها من كثرة الصراعات ،وتناقض الآراء وانعدام القيم والمبادئ وتدني الفكر ، بل وانعدام الأخلاقيات .

إن جهاد المرء لِنفسه هو الجهاد الأكمل، قال تعالى:

{وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى}[النازعـات:40].

ويقع بمنع النفس عن المعاصي، وبمنعها من الشبهات، وبمنعها من الإكثار من الشهوات المباحة لتتوفر لها في الآخره مسارات ودرجات للفوز بالجنة .

إن اصعب مُجاهدة فى الحياة هى مجاهدة النفس عن هواها ، إن النفس إذا هوت غوت وغرقت ، أما إذا استبصرت بنورِ ، ومقام الحق أضاءت واستضاء القلب بنورٍ من الرحمن .

الـعـالـمُ من حَــولـِنا هــا هو بات اليَـومُ يحتضر
الـعـالـمُ من حَــولـِنا هــا هو بات اليَـومُ يحتضر

كلما كبر الإنسان ومر برحلته فى ذلك الزمان كبر معهُ مفهوم إنه يستحق حياة مريحة، ليس فيها توتر ، ولا ضغوطات ولا صراعات ، ولا اوجاع بالقلب ، كذلك النفس تستكين لمن هو جميلٌ ليس بشكله إنما بعشرته ، وحسن وصدق نوايا، ذاك الذي نـكُن معه فى مأمن وأمان ليس فقط بل مأمن من غدر ذلك الزمان الذي استباح الأرض والحقوق وأُنتُهكت معه كل العهود ، والمواثيق والاتفاقيات .

إن عالمنا الإنساني اليوم أصبح مُنهكًا بالعديد من الصراعات واشدُها واشرسُها الصراع الأخلاقي ، والعبث فى المبادىء ، والقيم والحضارات ، بل أصبح أيضا مجتمع يشبوبه التفتت والتوحد .

أما آن الوقت وحان الأوان أن نطل على نافذة الأمل فى أن يعود لنا الزمان ببرهةٍ من مجتمع يسُودهُ المحبه ، والسلام ، يسُودهُ الضمير والصدق وراحة البال تلك المحبة التي نتمنى ونأمل أن نعيش فيها بكل الأطياف ، التي فطرنا الله علينا عندما أمر نوحً عليه السلام أن يأخذ على السفينه معه من كل الأجناس.

فها هــا فلنبدأ ، وليُفكر كُـلًا منا كيف يعمل على مُجاهدة نفسهُ عن هواها ، وأن يكفيه دائرتُه التي يأمنُها ويرتاحُ لها، وأنَّ عليه نفسَه وخاصتَه فقط ولا ينظر إلي ما فى يده غيره لكي لا يستبيح لنفسه وهواها اغتصاب الحقوق وانتهاك الحريات ، وتدنيس الأخلاق تحت مُسمى وشعارات حقوق الإنسان .

ليدركَ الإنسانُ أنَّه لا سبيل ولا خالص سوى عودته إلى برائته وأخلاقه التى فطرها الله ، وليدرك أيضا أنَّه لا شيء يساوي بابًا مُغلَقًا عليه بجوارِ أحِبَّتِه، ووسط أرضه ، ووطنه فى مأمن وأمان عن ذلك العالم المُحتضر بإنسانيته .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى