إتقان الأقباط لفن صناعة وتشكيل وتطريز الأخشاب
بقلم/ آيه أحمد حسن
اشتهر المصريون من قديم الأزل بإتقان أشغال النجارة بأنواعها علاوة على اختيارهم لكل نوع منها ما يلائمه من أصناف الخشب المتين الذي كانوا يستوردون أغلبه من الخارج مثل الصنوبر من جبل لبنان والأبنوس من السودان وأخشاب الصاج من الهند؛ هذا إلى جانب خشب الجميز والنبق اللذين تنمو أشجارهما بكثرة في البلاد المصرية، وكانوا يبذلون أقصى جهدهم في تهوية الأخشاب وتجفيفها قبل تفصيلها.
وراثة الأقباط عن الأجداد سر فن الصناعة الخشب
وقد ورث الاقباط عن أجدادهم سر هذه الصناعة واحتكروها، كما احتقروا الصباغة والنسيج إلى أواخر القرن ١٨م(هجري)، حتى يكاد يكون كل نجاري القرى المصرية وصياغتها من الأقباط إلى يومنا هذا، وللأقباط أربع طرق صناعية لزخرفة الأخشاب:
١-الزخرفة بالنقوش البارزة.
٢-الزخرفة بتعشيق الخشب وتطعيمه بالعاج.
٣-النقش بطريقة التفريغ.
٤-استخدام طريقة الخرط في الزخرفة.
إتقان الأقباط لتطعيم الأخشاب
وكانت لهم طريقة خاصة في التطعيم بالعاج والصدف، وذلك بأن يتم تقطيع قطعة العاج أولا على انفراد، ثم يثبتونها في إطار من الخشب قبل تركيبها في الموضع المعد لها، وابتداءً من القرن ١٧م(هجري)، كان الخشب يطعم بالسن البسيط غير المنقوش.
براعة الأقباط في فن النقش على الخشب
وقد برع الأقباط في فن النقش على الخشب والتطعيم كأجدادهم القدامى خاصة في نقش التحف الذهبية وتطعيمها، وتتعدد التحف الخشبية بالكنائس والأديره، وهناك التطعيم بالعاج للأبواب التي ورد عليها صور القديسين وعلامة الصليب.
كان(المصريون) يختارون في غالب الأوقات الأخشاب ذات الرائحة التي لا تتحملها الحشرات والسوس وغيرها وبهذه الطريقة كانت ما يصنعونه يقاوم الأجيال، ويكفي أن نفحص الكراسي والأسره وتوابيت الموتى المنقوشة المزخرفة بالألوان المشرقة المؤشاه بالذهب المحفوظة بشكلها ورونقها كأنها صنعت اليوم، وأيضاً الأحجبة الخشبية بالكنائس القبطية والمنابر في الجوامع والأبواب والمشربيات بالمنازل الخاصة.
براعة المصريين في صنع الأخشاب
كل هذه الأدوات كانت تصنع من آلاف قطع الخشب الصغيرة المعشقة مع بعضها البعض؛ ورغم مرور مئات السنين عليها وعدم العناية بها نجدها حافظها لشكلها تماماً، ولم يلحق بها الأذى الذي سببته لها يد الانسان.
وجود الرسوم والمناظر على الأحجبة
ولقد تميزت الأحجبة بوجود كثير من الموضوعات الإجتماعية كمناظر الموسيقي والرقص والشراب ومناظر الصيد والحمالين والواقفين والجالسين ومناظر الصراع ، فضلاً عن مناظر رسوم أشكال الحيوانات والطيور المختلفة بمعظم أنواعها.
وفي الختام أود أن أوضح للقارئ مدى براعة الأقباط في فن الأخشاب وقد أبدى القبطي مدى إتقانه فنه وقد أوضح ذلك في الكنائس والأديرة وخير مثال على ذلك هو كنيسة مصر القديمة ولعل الحشوات الخمس التي مازالت موجودة على جانبي حجاب الهيكل الأوسط بكنيسة أبو سرجة والمؤرخة بالقرن العاشر الميلادي وهي حشوات الميلادي والعشاء الأخير والقديس مورقوريوس والقديس مارجرجس والقديس ديمتريوس.