دور الزكاة والصدقات في تعزيز الترابط الاجتماعي

دور الزكاة والصدقات في تعزيز الترابط الاجتماعي

كتبت-كريمة عبد الوهاب

تعد الزكاة ركن من أركان الإسلام وشعيرة من شعائره، كما أنها تعني في دلالتها اللغوية طهرة ونماء، وهذه هي حقيقتها، والزكاة في دلالتها الاصطلاحية استقطاع مالي جبري من أموال المكلفين، حيث يعاد توزيعه على مستحقين، وعرفها الفقهاء بأنها فريضة مالية مخصوصة تجب في الأموال بشروط مخصوصة وبمقادير معينة وتوضع حصيلتها في مصارف مخصوصة وليس من أهداف هذه السطور أن تمعن في تعقب الدليل الفقهي للزكاة الذي فصل هذه المخصوصات، حيث سيوجه ذلك الحديث على النحو الذي يلزم لتجلية آثار الزكاة الاقتصادية والاجتماعية، وما ينبغي فعله لتعظيم هذه الآثار ولذلك سوف نقوم بعرض دور الزكاة في تعزيز الروابط الاجتماعية.

١-تقوم الزكاة بتعظيم الرفاهية وذلك لأنها تعظم المنفعة الكلية للمجتمع، حيث تعتبر المنفعة وحدة النقد في يد الفقير المحتاج أعظم من منفعة وحدة النقد ذاتها في يد الغني كما يقرر قانون تناقص المنفعة الحدية، وبالتالي فمن حساب المقاصّة بين وحدات المنفعة التي يفقدها الأغنياء الذين يدفعون الزكاة، ووحدات المنفعة التي يكسبها الفقراء، حيث يلاحظ أن الرفاهية الاجتماعية تكون بوضع أفضل مع تطبيق الزكاة.

٢- تلعب الزكاة دور كبير في تحقيق التجانس في التركيب الاجتماعي كما أنها تقلل الفوارق الطبقية بين أبنائه إذ غالباً ما تنقسم المجتمعات إلى طبقات حسب مستويات الدخول، والزكاة أداة مستمرة وذلك لردم الفوارق الطبقية بين الأغنياء والفقراء، كما عملت الزكاة تاريخياً على تحرير الرقيق من خلال سهم الرقاب، وعملت أيضاً على وقاية الفقراء والمساكين والغارمين وأبناء السبيل من ولوج عتبة الرق.

٣- تعمل الزكاة على تحقيق الأمان الاجتماعي وتخفيف تكاليف محاربة الجريمة بما توفره من فرص عمل وتوظيف ومن ثم كفاية لأفراد المجتمع؛ هذا موضوعياً، وذاتياً من خلال استلال دواعي الحسد والضغينة من نفوس الفقراء حين يرون أن خير الأغنياء واصل إليهم، فهي إذاً آداة مهمة للغاية لتعزيز التكافل الاجتماعي وتقبر الصراع الطبقي.

٤-تعمل الزكاة على محاربة الجهل وتعزز التعلم وشروطه؛ فالزكاة تصرف لمن يعوّزه تفرغه لطلب العلم ولا تصرف للمتفرغ للعبادة، وقد تقرر فقهاً إن وسائل العلم من تمام كفاية طلابه، فهي إذاً ركيزة من ركائز الاستثمار البشري.

٥- تعمل الزكاة على محاربة العزوبة والعنوسة، فالفقر أو تخوف الفقر شبح يجثم على صدور الشباب من الجنسين، وفي الزكاة تأمين عملي من هذا الهاجس، إذ إن الزواج من تمام الكفاية ومن أسس صلاح المجتمع، وقد أمر عمر بن عبد العزيز رحمه الله حين رفع إليه أمر الفائض من الزكاة، أمر بعتق الرقاب وتزويج الشباب وفي الزكاة تأمين نفسي من هذا الهاجس أيضاً.

٦- تعتبر الزكاة ركيزة مهمة للتأمين الاجتماعي ضد النوازل، فلا يتصدى لها الأفراد إنما تهب الهيئة الاجتماعية للمشاركة في تحمل أعباءها، وبذلك يخف وقعها على الناس.

٧-تقوم الزكاة بتعزيز وحدة المجتمع الإسلامي حيث تتجاوز الجغرافية السياسية لبلدانه، إذ أن الأصل في الزكاة المحلية توزع على فقراء البلد الذي تجبى منه، لكن ذلك لا يمنع جواز نقلها وفي ذلك إشعار للمسلمين بوحدة أمتهم و ذمتهم أيضاً.