الأثر الروحي للعبادات الرمضانية على المسلمين
الأثر الروحي للعبادات الرمضانية على المسلمين
كتبت-كريمة عبد الوهاب
نستقبل دائماً شهر رمضان سنوياً وذلك بنية الصيام وأمنية الإتمام بفضل الله وتيسيره وهدايته، وهنا تبرز في هذه المناسبة مصاديق الإيمان وعمل الخير والالتزام الديني والانساني والأخلاقي بصورة أبهى مما كانت عليه خلال أوقات السنة الأخرى، حيث يتخلل تلك الأجواء المفعمة بأحاسيس الصبر والقناعة والرضا بأمر الله تعالى آمالاً عريضة للمؤمنين، بإحقاق الحق وتحقيق العدالة والعيش الكريم وترسيخ مفاهيم الإسلام السمحاء وتصحيحها بعيداً عن انحرافات التطرف والتحلل والضَلال ومن جانب آخر، فإن العادات السيئة من اخطر سلوكيات الانسان لأنها تمنعه من التقدم والكمال، فالمبتلى بكثرة الأكل والنوم تفوته الكثير من فرص النجاح، والمبتلى بعادة التسويف لا يوفق الى التوبة والمبتلى بالكذب يفقد ثقة الناس وقد يصير الإنسان عبداً لعاداته كما هو حال المدمنين على المخدرات، فقد روي عن الإمام الحسن عليه السلام: (العادات قاهرات، وبما أن الصيام في شهر رمضان وبقية الايام يعد فرصة ذهبية لتقويم السلوكيات الاجتماعية والحياتية التي يشوبها بعض الخطأ او التجاوز او السوء
بناء روحي وخلقي
يعتبر شهر رمضان مدرسة لبناء الإنسان روحياً وخلقياً، فالله تبارك وتعالى أراد للإنسان ومن الانسان ان يتسامى ويتكامل ليصل الى مراتب القرب الالهي، فجعل له محطات يقف عندها ليعرج منها الى ربه ويشعر بفقره وحاجته اليه تعالى, ومن هذه المحطات شهر رمضان المبارك، شهر الله تعالى دعا فيه المؤمنين الى ضيافته، والله اذا دعا الناس الى موائده وعطائه فانه يبالغ في ضيافتهم، فما هي هذه الموائد التي دعانا الله تعالى للتزويد منها والوصول من خلالها الى مراتب عالية من الكمال إلا دروس نصل من خلالها الى رضاه، والى بناء انفسنا وقتل شهواتنا الشيطانية، ولكن ليس كل من صام وصل، الصائم ليس من كف عن الطعام والشراب بل الصائم من صامَتْ جوارحه والجوارح تتحرك بوحي الجوانح فإذا صام القلب واستشعر الطاعة والقرب من الله والاطمئنان خضعت له الجوارح.
ويعد من تلك الشروط في حال الصيام هو حسن الخلق والسلوك وحسن الخلق يعتبر الركن الأساسي والمهم في كل مجالات حياتنا اليومية فضلاً عن أيام الصيام، لذا فان النبي الأكرم صلى الله عليه وآله جعل أجر من ضمن خلقه الجواز على الصراط والصراط من اصعب العقبات يوم القيامة ولابد أن يكون الصائم في شهر رمضان على مستوى من الخلق من الرحمة للآخرين وكف الأذى واحترام الناس والتجاوز عمّن أساء والرأفة والرحمة بالزوجة والاولاد والوالدين وبقية المؤمنين ومساعدة الضعفاء والايتام والمحرومين والإقبال على الاعمال الصالحة، حتى تكون هذه الأخلاق راسخة في النفس فإذا كنّا كذلك فقد استفدنا ونجحنا في ذلك الطريق والسلوك والسير الى الله تعالى.
كما لابد لنا من الالتفات إلى أمر مهم في كل العبادات وهو أن العبادة على نحوين:
١-عبادة يسقط الإنسان من خلالها الواجب ولم يكتسب منها شيئاً من آثارها وبركاتها كمن يصلي وهو منشغل بصلاته بأمور الدنيا وهمه هو أن يسقط التكليف فقط لأن هذا ليس له من آثار وفيوضات الصلاة شيئاً.
٢-عبادة ليس الغرض منها إسقاط الواجب بل الغرض منها تهذيب النفس والاستفادة من نورها وفيوضاتها لذا تراه في صلاته يعيش حالة الخشوع وفي صيامه يعيش حالة صوم الجوارح وحالة القرب من الله عز وجل لأن العبادات ليست وظيفة يؤديها العبد فقط بل هي تهذيب للسلوك وبناء للإنسان فكلما اقترب من مصدر النور ازداد نوراً.
وقودٌ ايماني
ويعد شهر رمضان من افضل الشهور كما ورد عن النبي صلى الله عليه وآله (شهر هو عند الله افضل الشهور وايامه افضل الايام ولياليه افضل الليالي وساعاته افضل الساعات) ولذلك فهو فرصة ثمينة للتزود بالوقود الايماني اذا صح التعبير ومن هذا المنطلق لابد من تغيير العادات والسلوكيات الخاطئة لان تغييرها أفضل العبادات.