مقالات

كيف تعكس الموسيقى العربية الهوية الثقافية

كيف تعكس الموسيقى العربية الهوية الثقافية

كتبت-كريمة عبد الوهاب

عندما نقوم بالتحدث عن الخصائص الفنية والمميزات التي تسهم في إبراز الهويات الثقافية من أجل إنتاج موسيقى الشعوب المختلفة والمحافظة عليها، فنحن نتحدث هنا عن تشكل لإرث نوعي يسهم في نقل صورة من صور التماهي بين الفرد ومجتمعه، وعلى العموم فإن الكثير من الدول سعت إلى أن يكون الفن جزءًا واقعيًّا لا يتجزأ من ثقافاتها المتعددة، كالملبس والمأكل وأدوات التواصل مع الآخرين.

ويعد الحرص على الهوية الثقافية والانتماء إلى مكان وبيئة ما وعدم الذوبان في ثقافة الآخر وتقليده هو الذي يميز موسيقى الشعوب وفنونها، حيث أن لكل شعب بصمته التي يجب أن لا تذوب في ظل الهيمنة العالمية لإيجاد تفوق لجنس ما دون آخر، فعلى سبيل المثال، الموسيقى الهندية لا ينكر أحد نكهتها وتميزها ومن ثم انطلاقها للعالمية تمامًا كما حدث مع الموسيقى المغربية التي شقت طريقها إلى العالمية بروحها الشعبية وحرصها على لونها الخاص وتجسيد هويتها الثقافية، ولاشك أن الخصائص الفنية الموسيقية المتمثلة في الصوت والإيقاع والانسجام والتنوع الثقافي والقدرة التعبيرية.

وفي شأن حرص المجتمعات على المحافظة على موسيقاها وتأثير ذلك على الثقافة العامة لأي مجتمع تحرص الشعوب على إرثها الحضاري عمومًا؛ لأنها ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالسياق الاجتماعي والثقافي الذي نشأت فيه، وهي قادرة على أن تعكس خصوصية مجموعة ثقافية ما وتعكس أصولها وتاريخها وتجسد لنا شخصيتها، بسبب طبيعتها وقدرتها التعبيرية والثقافية، ولهذا فإن الموسيقى قادرة على تقريب المجتمعات المختلفة من خلال خصائصها، فالموسيقى تمتلك قدرة على استثارة المشاعر وتهذيب العواطف الإنسانية مما يجعل المتعة تنساب عبر تذوقنا لما نستمع إليه ونستمتع به وهو الأمر الذي يجعل الأطفال يرددون إيقاعاتها ولذلك تحرص الشعوب دائماً على موسيقاها لأنها تسافر دون أن تعترف بالحدود المانعة، وتحلق بنا بدون أجنحة وينبغي للموسيقى أن تعبر عن الوجدان الوطني الذي يسعى المجتمع إلى أن ينبثق من رحم الأصالة والتمسك بالتراث.

وفي شأن حرص المجتمعات والمحافظة على موسيقاها تحتاج دائماً إلى تحديد هويتها الثقافية من خلال الغناء كونه المادة التي تحفظ اللهجة المحلية، مثل ما نرى بيان الأزياء والعادات والتقاليد على سبيل القول، ففي منطقة الخليج العربي خصوصًا لنا سمة تاريخية في تنوع الهوية الغنائية، فهناك غناء البحر والصحراء والمدينة، وهذا ما يعبر عن نسيج تاريخي لحياة هذه المنطقة الجغرافية وأصالة شعوبها

كما تعتبر الهوية الثقافية لأي أمة أو مجتمع أو فرد وأسلوبيته تأتي نتاج تلك التراكمات الفكرية والأدوات الثقافية التي يتعايش معها الإنسان، وإذا أخذنا الموسيقى كمثال ثقافي بحت سنجد أن الهوية الموسيقية تنتقل جغرافيًّا، وهذا مرتبط بالتنقل البشري، ورغم تطورها علمًا وأداةً وتأثرًا وتأثيرًا بقواعد ولغة علمية موحدة، لكنها تبقى دالة بشكل مباشر على أسلوبية المجتمعات وخصوصية معظم أقطار العالم

وتحتفل المجتمعات مفتخرة بأسلوبها الموسيقي الخاص وبفنانيها ومبدعيها، حيث تلامس من خلال الباحثين والمهتمين في شؤون الموسيقى دراسة التأليف الموسيقي والتلحين والغناء والأداء، والشعر والكلمات المصاحبة، والعزف والآلات المستخدمة ودواعي العمل الموسيقي وفلسفته والفنون والقوالب الموسيقية والنظام اللحني، والفنانين الممارسين والمؤلفين، والمصادر الموروث منها وأسلوب النقل والتوارث، وسلطنة عُمان مثالًا حقيقيًّا وبيئةً خصبةً في تنوعها الجغرافي، وطورت أساليب فنونها وامتزجت وأثرت وتأثرت أحياناً بشعوب تداخلت معها، ومن هنا يلمس الباحث الموسيقي هذا الثراء والتنوع الكبير الذي تحظى بها الفنون الموسيقية الموروثة في عُمان.

MEU

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى