
كل ما قد يهمك عن الفلكلور اللبناني
كتبت-كريمة عبد الوهاب
بالرغم من اندثار عادة اللباس التقليدي بالمدن اللبنانية إلا أنه ما زال يوجد تعلّق به في لبنان حيث نراه في ألبسة مزارعات حقول الليمون وفي العقال العربي الذي لم يتخلَّ عنه كبار السن، كما لا تخلو منه المناطق السياحية ورقصات الدبكة.
الفلكلور اللبناني
هو الرابط السري والأبدي الذي يربط “شعوب” هذا البلد الواحد، ولذلك من يتحدث عن الزي التقليدي من التراث اللبناني لا بد أن تخطر في باله صورة الرجل الذي يلبس الشروال وكلمة شروال مستمدة كذلك من اللغة الآرامية وفي تلك الحضارة كان “السروال” عبارة عن لباس خاص، ثم انتقل لاحقاً إلى العرب بواسطة الفرس، الذين سمّوه “الشلوار”.
ومن الفرس إلى العرب صار اسمه “الشروال” ولايزال الكثير من أجدادنا يرتدون “الشروال”، خصوصاً في المناطق الجبلية من سوريا ولبنان والعراق إذ يتركز ارتداء هذا اللباس في سوريا بين الساحل وجبل العرب، وبشكل عام في لبنان في الأرياف، وأيضاً في العراق يتركّز بشماله.
حيث يختلف بعض الشيء بين منطقة وأخرى والمشترك كما يظهر من أماكن ارتدائه، أنّه عبارة عن لباس الجبال والفلاحين والريفيين، نظراً لأنّه لباس فضفاض، ما يُسهّل ذلك من حركة من يلبسه وأيضاً تنقله ضمن المناطق الوعرة والشروال يلبس بدلاً من البنطلون وله عدة أشكال مختلفة ومتنوعة، وإن كان في جبل العرب أكثر اتساعاً خصوصاً “السرج” فهو في المنطقة الساحلية وفي لبنان منكمش إلى حدٍ ما، حيث يكون لونه أسود في الأغلب والأبيض منه يلبس أثناء النوم وأثناء فترات الراحة.
وفي يومنا هذا لا نرى الشروال ذي اللون الأسود والصدرية المزخرفة إلّا في المطاعم اللبنانية، حيث يلبسه من يقدّم النراجيل في محاولة لتقديم الصورة التراثية اللبنانية وإسعاد السياح طالبي القهوة و”الأركيلة” واليوم الذي إدخال الشروال إلى الأزياء الخاصة بالمرأة والى كل من تنشد الراحة والحريّة ولفت الأنظار فالمرأة تعتبر أكثر جرأة في ارتداء تصاميم ذكوريّة.
الحطة والعقال
يرتبط ارتداء الحطّة على الرأس بالأصالة والتقاليد المتوارثة بين الأجيال من أولاد العائلات والعشائر المختلفة والتي التي تسكن في الجبال والمناطق الريفية اللبنانية حتى الآن ويُلاحظ أن هؤلاء الأفراد غالباً ما يعملون في الزراعة.
كما كان في الماضي وما زالت الألبسة والإكسسوارات التقليدية كالعقال تعكس الهوية المحافظة لمرتديها والعباءة لديها ألوان المحددة بحسب المناطق فعلى سبيل المثال، أغلبية الرجال في البقاع يرتدون الجلابية ذات الألوان الداكنة مثل اللون الأسود أو البنّي وما يماثلها.
الطربوش
ارتبط ارتداء السروال بالطربوش الاحمر، وقد اشتهر به أبناء كبار العائلات اللبنانية ورجال الحكم ومنهم آل حيدر وآل أرسلان وآل الخازن وآل سلام وآل كيروز وغيرهم حتى قيل أن المسؤول في الوزارة أو في مجلس النواب إذا لم يكن يرتدي الطربوش فلا يمكن أن يكون على مستوى من المسؤولية والجدية في اتخاذ القرارات.
وكان في بيروت مقهى لا يدخله الشباب إلا إذا كانوا يعتمرون الطربوش وقد كان عبارة عن غطاء للرأس كالقبعة حمراء اللون، أو من مشتقات اللون الأحمر، بين الأحمر الفاتح والأحمر الغامق أو يكون أبيض اللون ويكون شكله عبارة عن مخروط ناقص تتدلى من جانبه الخلفي حزمة من خيوط الحرير السوداء.
كما نشأ الطربوش في اليونان ثمّ انتقل إلى الامبراطورية العثمانية، وكان في الماضي ضرورياً لاستكمال المظهر الرسمي إلى أن انتهى استخدامه وبقي في سير الذاكرة الشعبية والتراثية وكان سعره ليرة ذهبية أيام العثمانيين أمّا اليوم فقد ارتفع سعره كثيراً وذلك بسبب انقراضه وانقراض صنّاعه وصناعته ولكنّه موجود بكثرة في نسخ مقلدة وسريعة العطب وغير جدية.
العباءة:
كان الزي التقليدي الخاصّ بالمرأة على شكل سروال واسع وكنزة طويلة تطورت لاحقا وأصبحت عباءة وهي لم تخسر وهجها في لبنان رغم تغير طبيعة الحياة وإيقاعها لكن بالرغم ارتباطها بعراقة التراث، حيث تعتبر جزءًا لا يتجزأ من الفلكلور المحلي ولم تتخلّف عن ركب الموضة العصرية، من ناحية التصميم أو القماش أو الألوان أو الاكسسوارات والتي أدخلت عليها خصوصاً أنّها انتقلت من “التراث” إلى أن أصبحت لباساً تقليدياً لمن يعلنون هوية مذهبية أو دينية محدّدة.
ويعود تاريخ العباءة في التاريخ اللبناني إلى جذور قديمة جداً، فهي كانت الزيّ الرسمي لأميرات لبنان، اللواتي كنّ يحرصن على أن تكون عباءاتهنّ من الحرير المستخرج من دود القز، ثم ينسج بعد ذلك على النول ولا تزال سيدات المجتمع يتباهين ويفرحن بارتداء العباءة اللبنانية في مناسبات معينة.
الطنطور
بالإضافة إلى وجود العباءة يدخل الطنطور في استعمالات النساء اللبنانيات ضمن المناطق الجبلية وذلك باختلاف الانتماءات الدينية والمذهبية والعقائدية فهو خاصّ بالمرأة المتزوجة من مختلف الأوضاع الاجتماعية وهو انقرض بشكل تام وما عاد يلبس إلا لدى فرق الدبكة والتراث، خصوصاً في فرق “الزفّة” الخاصّة بحفلات الأعراس.
ولكنّ الفتيات الشابات اللواتي كن ينتمين إلى عائلات راقية يمكنهنّ حمله في مناسبات نادرة إذ يتلاءم علو الطنطور ومعدنه بحسب الوضع الاجتماعي وثراء الشخص الذي يحمله فالطنطور المصاغ من الذهب، وغالباً ما يكون مرصعاً بالأحجار الكريمة واللآلئ، وهو خاصاً ببنات العائلات الثرية بينما النساء الأقلّ ثراء كانت ترتدين طنطوراً من الفضة أو من الخشب.