القباطي وبراعة المصريين
✍️كتبت:- آيه أحمد حسن
كلمة قبطي هي التسمية العربية للمنسوجات المزخرفة ذوات اللواحم غير الممتدة، وبدراسة القطع النسيجية من العصر الفرعوني تبين أن طريقة القباطي كانت مستخدمة في مصر من أقدم العصور وبنفس الطريقة التي كانت تؤدى بها في العصر القبطي؛ كما استخدمت الطريقة نفسها في العصور الإسلامية، وبذلك فإن نسيج القباطي هو مصري المنشأة والفكرة والوسيلة حيث يمتاز بأن زخارفه تتكون من اللواحم غير ممتدة في عرض المنسوج وغير متقطعة.
وقد روى المقريزي أن المقوقس قد أهدى سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم- عشرون ثوباً من قباطي مصر، كما ورد عن الكّتاب المسلمين أن الكعبة كانت تُكسى بالقباطي وأن كسوتها منسوجة من كتان أبيض وبها زخارف كتابية إذ برع الأقباط في فن زخرفة المنسوجات.
عُرفت قطع النسيج المصرية “بالقباطي” وهي نسيج مصري المنشأة والفكرة والوسيلة، وهي إما مصنوعة من الكتان أو الصوف أو الحرير أو خليط من كل ذلك، ومفردها قبطية وكانت ماركة مسجلة (trade mark) اشتهرت بها مصر عالمياً عبر التاريخ، وقد وردت هذه الكلمة منذ القدم في الشعر الجاهلي، وأشهر استخداماتها في العصور الإسلامية كانت كسوة الكعبة من الكتان الأبيض وبها زخارف كتابية بشكل دوائر زخرفه بالطريقة التي برع فيها الأقباط وهي طريقة اللواحم غير الممتدة بعرض المنسوج.
وقد تأثر النسّاج بالأساطير الإغريقية، ومناظر الراقصات والمحاربين، والتي إستمرت جنباً إلى جنب مع موضوعات العهد القديم؛ مثل قصة سيدنا يوسف، وإسحاق (عليهما السلام)، هذا بالإضافة إلى موضوعات العهد الجديد، مثل المناظر التي تمثل البشارة والميلاد إلى جانب الرسوم النباتية المبالغ في تحويرها عن الطبيعة، فأصبحت بمثابة عناصر زخرفية تصل في ذلك إلى درجة الزخارف الهندسية.
وكان نسج القباطي يتم بالأنوال اليدوية -جمع نول-، والتي ما زالت موجودة في مصر حتى اليوم في بلاد بعينها مثل قرية ساقية أبو شعرة بمحافظة المنوفية، ومدينة فوه بمحافظه كفر الشيخ. كانت تشد خيوط نسيج رأسية (السداة) تتعارض مع خيوط أفقية (اللحمة)، وتجري الزخارف فيها غير ممتدة بعرض المنسوج، فمثلاً تكون خيوط نسيج من الكتان أو القطن أما الزخرفة فتكون من الصوف، والزخرفة إما أن تكون أساسية تجري بعرض المنسوج متداخلة مع خيوط السداة واللحمة كما ذكرنا، أو تكون مضافة وتثبت بالإبرة فوق النسيج، أو تكون مطبوعة عن طريق القوالب.
ويمكن تمييز النسيج بأنه قد مر بثلاث مراحل في الفن القبطي كالتالي:-
-المرحلة الأولى: من القرن الثاني وحتى الثالت الميلادي؛ وفيها قاربت الرسوم الطبيعية خاصة الرسوم الهندسية والنباتية.
-المرحلة الثانية: من القرن الرابع وحتى القرن الخامس الميلادي؛ وتعرف بفترة الإنتقال حيث امتازت فيها زخارف النسيج بالميل إلى التجريد واستخدام رموز فضلاً عن الألوان البراقة، من هذه المرحلة نجد ستاره عليها صوره آدمية لشخص يعزف على الناي.
كما تم العثور على بعض المنسوبات القبطية الكاملة كالأثواب والملابس والأقفال فقد ورث الأقباط عن أجدادهم عادة دفن الموتى وعليهم أفخر ملابسهم وحُليهم وأدوات زينتهم وبالنسبة لجفاف طقس مصر وإقامة المقابر بجهات مرتفعة لا تصلها مياه الفيضان على مقادير وافراره من تلك الأشياء في حالة جيدة نقل معظمها إلى متاحف أوروبا و أمريكا. وكان الأقباط يحيكون الأقمشة في الأديره بدليل ما وجدت من النصوص على جدران خرائب الأديره وعلى قطع الفخار بما كان يطلبه الرهبان من أنواع الصوف والكتان اللازمين لهم في الصناعة وحتى الآن تشتغل الراهبات بتطريز الملابس الكهنوتية.
المرحلة الثالثة: من القرن السادس وحتى القرن العاشر؛ وهي التي تتميز فيها النسيج القبطي بزخارفه الهندسية والنباتية مقترنة برسوم الكائنات الحية وبقى منها نسيج القبطي.