مقالات

كُل ما ترُيد معرفته عن العلاقات المؤذية 

كتبت: حنين الديب 

في البداية يجب أن نتحدث عن أهمية العلاقات في حياتنا حيث أن العلاقات محور أساسي في حياة الإنسان لكي يكن الإنسان مستقر ولديه توازن في حياته فيوجد عدة محاور يجب أن تكن لديه مثل جسد الإنسان لديه احتياجات من أكل وشراب وفيتامينات، أيضًا روحنا لديها احتياجات ومن ضمن هذه المحاور علاقة الإنسان بأهله و بالمجتمع حيث تتيح العلاقات الاجتماعية الشعور بالدعم والتواصل البنّاء و المساعدة على تحقيق الأهداف والطموحات وتمنح العلاقات الاجتماعية الصحية صحة أفضل للأفراد وبالتالي تزيد من أعمارهم لعدم تعرضهم بكثرة للمشاكل، حيث يشعر الأفراد الذين يملكون علاقات اجتماعية راضيين عنها بسعادة وارتياح، ولكن يوجد علاقات غير صحية”علاقات مؤذية أو سامة” المعروفة ب “Toxic relationship”

ماهي العلاقات المؤذية؟

تعد العلاقات المؤذية هي التي تحتوي على كلمات تتضمن التنمر والأذى النفسي و قد تصل إلى الأذى الجسدي والعنف المنزلي.

عندما نسلط الضوء على إحدى القضايا المتعلقة بصحة العلاقات أو الدعوة لمزيد من الوعي واتخاذ خطوات عملية من أجل حماية الاستقرار النفسي العاطفي داخل علاقة معينة سواء زوجية أو أسرية .

نجد حالة من اليأس و الاستسلام أو قد تكون حالة من الهروب من مواجهة الواقع وهذا من خلال خلق واقع مزيف وحالة من التقبل الظاهري لوضع لا يمكن تغييره أو تخشى حتى محاولة تغييره خوفًا من تحمل تبعات تغييره فنقرر التغافل أو التعايش إلى ما يشاء الله من خلال المسكنات مثل:

*أهي عيشة والسلام

*شغلانة أحسن من مفيش

*صابرين علشان الولاد

*هي الحياة كلها كده

*مفيش حد مبسوط في حياته

وهكذا، لكن للأسف هي ليست مسكنات فقط بقدر ما هي مثبطات للإرادة ومحاولة هدم للإيمان واليقين بالله ومواد مسرطنة للعقل البشري ولكن يا عزيزي أنت بيدك الكثير وأمامك الكثير لتفعله فما خلقنا الله ليشقينا وهو أرحم بعباده، ولكن التغيير الحقيقي لن يأتيك وأنت مستسلم ومكبل بحبال الخوف وضعفك .

والله أن التغيير الحقيقي لن يأتيك وأنت مبرمج ذاتيًا على وضعية الانتظار سواء كان انتظار من يؤذيك أن يكف عما يؤذيك أو انتظار من ينكر فضلك وتضحياتك أن يؤتى يومًا ويشعر بالامتنان والتقدير، “إن التغيير الحقيقي ينبع من داخلك” .

مرحلة الطفولة من أهم مراحل حياتنا، حيث أن عدم تسديد الاحتياجات في مراحل الطفولة المختلفة وحتى الرشد سيترك أثره الشديد على سلوك الطفل وشخصيته مستقبلاً مثلما يؤكد دكتور مصطفى أبو سعد دكتوراه في علم النفس التربوي “أن كل سلوك يصدر من الإنسان هو سلوك يسعى به إلى إشباع حاجه معينة وإن لكل سلوك دافعًا و الدوافع والحاجات النفسية هي التي تولد السلوك في حياتنا” فالطفل الذي حرم طيلة حياته من احساس التقدير والمدح من جانب والديه اللذين اعتاد إما على معاملته بقسوه أو حرمانه من حقه في كلمات المدح والتشجيع، فيتحول الأمر إلى عقدة نفسية لديه، تدفعه للدخول في علاقات غير صحية يتغاضى فيها عما قد يؤذيه، فقط لكي يشبع تلك الاحتياجات غير الملباة والتي تسبب شعورًا بالنقص لديه قد يؤدي إلى تعرضه للاستغلال أو الابتزاز نفسيًا و عاطفيًا.

و الطفله التي حرمت طيلة فترة طفولتها من تلبية احتياجتها للإشباع العاطفي عبر الاحتضان و التقبيل والقرب الجسدي من والديها، بحجة أن ذلك عيب ومفسد للبنات عندما تكبر فإن أول ما يشغلها في العلاقات أن تبحث عمن يشبعها عاطفيًا نتيجة إحساسها المستمر بالاحتياج والإهمال العاطفي، وهو ما يجعلها فريسة سهله للمتلاعبين والأشخاص الاستغلاليين.

للأسف الشديد فإن عوز الاحتياج وضغوط الاحتياجات النفسية المكبوتة منذ الصغر تعد قنابل موقوتة يمكن أن تنفجر في أي وقت لتدمير حياة الإنسان وتدفعه للخوض في علاقات سامة تستنزف مشاعره وتستهلك حياته، فكون الإنسان يتحرك مدفوعًا بضغوط تلك الاحتياجات، فإنها تجعله يتغاضى عمدًا عن عيوب واضحة إشارات واضحة تحذر من المضي قدمًا في تلك العلاقات المؤذيه ولكنه الجوع للحب.. للأمان.. للتقدير.. للقبول

إذن  أصل الحكاية وأول طرف الخيط نحو التعافي السليم عندما تعطي لنفسك الفرصة لكي تغوص قليلا في ذكرياتك من أجل فهم أفضل حول كيفية تأثير أحداث الماضي على معتقداتنا وتوقعاتنا وسلوكياتنا المتبعة في علاقتنا الحالية.

كُل ما ترُيد معرفته عن العلاقات المؤذية 
كُل ما ترُيد معرفته عن العلاقات المؤذية

دعونا نتعرف سويًا على ملامح العلاقة مع المؤذي

العلاقة المؤذية علاقة انفعالية مفعمة بالعواطف و الحرارة وتفتقر إلى العقلانية و الواقعية و الوصول دومًا لتعويض غياب العقلانية بمزيد من العاطفية المفرطة للموازنة .

العلاقة المؤذية علاقة تشبه الإدمان  حيث تستمر دومًا بشكل مؤذي، لا يتمكن أطراف العلاقة من التحرر منها رغم رغبتهم الكاملة في ذلك أنها ككل إدمان يشعر صاحبه أنه مُقيد ومتورط ولا يستطيع الفرار رغم احتياجه للرحيل، كأنه لم يعد حُرا ولم يعد يملك قراره ولم يعد مختارا البقاء أو الرحيل .

العلاقات المؤذية أقوى بكثير وأمتن من العلاقات الصحية، وأصعب كثيرًا في الفراق و التعافي وهو ما ستبينه بتحديد نوع التعلق في العلاقة المؤذيه

وهو “التعلق المبنى على الصدمة Traumatic bonding” وهو ذلك النوع من التعلق الذي ينشأ في العلاقات المؤذيه ينبني على التأرجح بين الإيذاء و المكافأة.. حيث أن الشخص نفسه الذي يؤذيك ويسئ إليك، و يرهقك نفسيًا وجسديًا وعاطفيًا و يستنزف طاقتك وينزل بصورتك الذاتية نحو الحضيض؛ هو نفسه أحيانًا من يكون حنونًا عطوفًا ممتلئًا بالدفء!

هي ببساطة تشبه نوع من فقدان كامل للسيطرة.. واستمرار لمسلسل الوجود و التبرير والعوده رغم كل وعودك السابقة لذاتك بالتوقف والفراق.

نخدع أنفسنا حين نظن في كل مرة نعود فيها رغم صراع الفراق وضد إرادتنا أن تلك علامة على الحب.. ودلالة على تفرد هذة العلاقة ولكنها ببساطة ليست متفردة إلا في كونها ليست علاقة أنها محض إدمان وتعلق مرضى قد انبنى على “حالة الصدمة طويلة المدى” التي كنا نعيشها في هذه العلاقة.

العلاقة المؤذية تكون دائمًا متأرجحة في مرحلة الانفصال والعودة تجد بعض هذه العلاقات تستمر في محاولات الانفصال ثم العودة ربما أكثر من مدة الارتباط نفسها .

العلاقة المؤذية عبارة عن الاضطراب لا السكينه، تدخلها مليئًا بالأحلام والطموحات والمبادئ، ثم بعد ذلك  تبدأ التنازلات، ثم تتخلى عن الطموحات والأهداف وتصبح كل طاقاتك مستغرقة هناك في محاولة لإرضاء أو محاولة التغيير و الإنقاذ أو محاولة التعافي منها و التحرر من إساءاته.

العلاقة المؤذيه قد تكون علاقة غير متكافئة تنعدم فيها معايير الكفاءة و التناسب بين الطرفين فقد تجد طرفًا يفوق الآخر بشكل مبالغ فيه منطقيًا وواقعيًا في العموم، أو المكانة الاجتماعية أو المستوى التعليمي، وقد تجد انعدام الكفاءة متجليًا في أن يكون أحد الطرفين غير متاح..

فأحدهما متزوج أو مرتبط أو غير موجود على نحو ملتزم داخل العلاقة لوجود عذر يستخدمه دومًا لتبرير الفرار.

“هناك نوعان من الجبناء :نوع يعيش مع نفسه ويخاف من مواجهة الناس، ونوع يعيش مع الناس ويخاف من مواجهة نفسه”‘روكسو سنودن ‘

العلاقة المؤذية لا تحمل مرضًا وحيدًا يصيب المؤذي وحده فيجعله يمارس الإساءة تجاه شريكه، فهناك مساحة من الخلل لدى الشريك/الضحية ، تجعل دخوله تلك العلاقة ليس مجرد مصادفة، كأن هناك نسبة من البشر يحملون نفسية المؤذي، ونسبة أخرى تحمل (القابلية للإيذاء) وكأن الخضوع للإيذاء ليس حظًا تعسًا أو قدرًا سيئًا، بل ربما هناك نماذج شخصية تكون أكثر إستعداد وجاهزية للإيذاء.

فما الذي يجعل البعض أكثر قابلية للإيذاء و التورط في علاقة مسمومة؟

_ العاطفة المثالية المفرطة

_الجوع للأب

_ الارضائية والأثرية و الانقاذية

_ الصورة الذاتية السلبية أو المهتزه

_ الفراغ العاطفي وتحقيق الانفعال

كيف يتم التعافي من العلاقات المؤذية؟

أولاً:

إنك تسمح لنفسك في أن تقع في خطأ وإن حدوث ذلك شيء طبيعي في الحياة ،وأن لكى نصل لمرحلة النضج يجب أن نمر بتجارب سيئة و قاسية .

ثانيًا:

الحديث مع الذات حول أن هذه التجربة مهما كانت قوتها التي كنت تعتقدها في أثناء وجودك في العلاقة، فهي ليست نهاية العالم، بل على العكس هي بداية لعالم جديد تكتشف فيه ذاتك وعلاقتك العاطفية بشريكك وتحديد قواعد جديدة لتبدأ حياة عاطفية متوازنة خالية من الضغوط.

ثالثُا:

أن تسمح لنفسك بالشعور بالألم، لكن عدم الغرق في هذه المشاعر والاكتئاب.

رابعًا:

في حالة أن تشعر بِحَنين يجب عليك تذكر عيوب هذا الشخص معك في العلاقة، وتذكر مستوى الضغط والإهانة الذي جعلك تشعر به.

وأشار استشاري الصحة النفسية إلى أن النصيحة الرابعة عامة جدًا لأولئك الذين وقعوا ضحايا شخص نرجسي، في علاقة عاطفية وصلت إلى زواج.

خامسًا:

أن تقطع جميع وسائل التواصل مع الطرف الآخر. 

 أن المراقبة تسهم في زيادة كثافة المشاعر تجاه الطرف الآخر، قائلاً: ” روحك بتموت بالبطيء إذا استمريت في مراقبة الطرف الآخر حياته ومشاعره، لأن من الطبيعي قطع جميع وسائل التواصل مثلما كان يفعل أهالينا قديماً”.

سادسًا:

يجب التفكير في المستقبل وحياتك و فرص نجاحك في الفترة المقبلة، وعدم النظر تحت قدميك.  

وفي النهاية عزيزي القارئ كما ذكرت أن كل تجربة سيئة مهما كان أثرها عليك و تأثيرها فهي تجعلك تنضج أكثر وتعلمك الكثير .

MEU

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى