تعرفي على جرح الأم وكيف تتعافي منه
✍️ روان عبدالعزيز
معظم الجروح لا تُميت ولكنها تحتاج لعملية جراحية سريعة حتى نلحق بالمريض، وأحياناً يستخدم الطبيب جهاز النبضات بقسوة على المريض حتى يُعيده للحياة، تستطيعين تشبيه هذا بجروح الحياة فهي لا تُميت أحد ولكنها تحتاج لسرعة بديهة وقوة وأحياناً بعض القسوة حتى تستفيقين من وضع الخمول الذي تتخذيه حتى لو كان صعباً فلا يوجد أصعب من احساس نزيف القلب بدون دماء، فأين يوجد العطب إذاً ؟
الأقسى من كل شيء إذا كان هذا الجرح مُسببه أغلى الغاليين على قلبك، شخص قريب، قريب جداً باختلاف درجة المعرفة فممكن أن يتسبب في جرحِك صديق، زوج، أب، أخوة أو أُم !
توجد مقولة تعني: “الإنسان لا ينجرح كثيراً إلا إذا أحَبّ كثيراً” ولو فكرنا فيها لبعض الوقت سنجد أنه صحيح، فإذا قام شخص غريب لا تعرفيه أو حتى تعرفيه معرفة سطحية وقام بأذيتك أو الافتراء عليكِ أو جرحك بأي شيء، ستجدين نفسك لا تُبالي به وإنما تستطيعين سحقه إذا أردتِ ولن تعبئي به، أما إذا كان هذا الشخص على درجة قرابة قوية منكِ فستجدِ نفسكِ مصدومة وستحتاجين وقتاً للاستيعاب حتى تستطيعين الوقوف مرة أخرى “فالجرح الذي لا يُميت يُقوي”
أقرب شخص لأي بنت في حياتها هي أمها فهي مأمنها، حضنها، صديقتها وبئر أسرارها، وهذه العلاقة السّوية بين أي أم وابنتها في الحياة؟ ولكن لا تنعم جميعهن بهذه العلاقة الودية بين الأم وابنتها، فبعضهن قد يعانين من علاقتهن الفاترة مع والدتهن، بل أحياناً ما تصبح الأم مصدر للألم والجرح والحزن الكامن في شخصية البنت بسبب أفعالها وتصرفاتها وحديثها.
جرح الأم مرض نفسي عصيب يستهلك معه كل شيء في نفسيتك، صحتك، شخصيتك وجسدك، لا يوجد الكثيرات اللاتي يستطعن اكتشاف هذا المرض أو محاولة علاجه، فهو يؤثر على حياتك بطريقة صعبة ممكن أن تدمر حياتك فيما بعد، ثم أن اكتشاف المرض أو العلَّة أُولى خطواته هي العلاج.
وإليكِ بعض العلامات التي تكشف لكِ إذا ما كنتِ مريضة بجرح الأم أم لا:-
في كل مجموعة بنات نجد واحدة تتصدر المشهد وتتخذ دور الأم الحنونة العطوفة الخائفة على بناتها وهي التي تفعل ذلك لإحساسها بفقد حنان الأمومة.
الاهتمام المبالغ لمشاعر الآخرين ومحاولة ارضائهم حتى لو على حساب نفسها.
إيجاد صعوبة في رفض أي طلب من أحد والاحساس بأن كلمة “لا” تكون صعبة ولا يمكنها النطق بها أبداً.
الإحساس بالنقص وبأنها انسان غير مكتمل ومكتفي بذاته فدائماً ما يوجد احساس أن مهما وصلت لإنجازات لا يُعتبر شيء وأنها لاتزال أقل من الآخرين.
فعل أي شيء فقط لتلقي الحب والتشجيع من الآخرين وتنتظر الكلمة الحسنة التي قد يقولها أحد على أي تصرف قامت به.
التعلق الشديد بالآخرين والاحساس بعدم المقدرة على الحياة بدونهم وهذا الاحتياج المبالغ يعتبر “هَوس” بشخص وهذا مرض آخر صعب التعافي منه ولكنه لازم.
إيجاد صعوبة في التعبير عن مشاعرهم فيجدون نفسهم غير واضحين مع الآخرين للخجل الذي يعانون منه في التعبير عن مَن أنا وكيف أشعر؟
إذا قامت بإنجاب طفل فدائماً ما تشعر بالشفقة تجاهه وبدون سبب واضح.
البحث عن من يوفر لها الحماية الكافية نظراً للشعور بالقلق وعدم الاطمئنان في فترة الطفولة بسبب ابتعاد الأم عن طفلتها.
الخوف من تحمل المسؤولية والاستمرار في تمثيل دور الضحية وإلقاء اللوم على الآخرين حتى لا يؤنبها أحد.
عدم القدرة على اتخاذ القرارات المصيرية في الحياة هذا لأنها تعودت على أن رأيها لن يكون صحيحاً وأن الأم هي المتحكمة في كل شيء.
دائماً ما تكون شخصية اتكالية ترمي كل شيء على غيرها ولا تحب أن تفعل شيء بنفسها، وتبحث عن من يدير لها حياتها ويعتني بها .
وأخيراً الشعور بالتوتر في التعامل مع الأم والاحساس بالضعف والنقص دائماً أمامها وأنها مهما فعلت لن تُرضيها.
جرح الأم ليس بالهين وعليك معرفة أنكِ إذا دخلتِ في طريق العلاج فإنكِ تحتاجين لصبر وقوة وبذل جهد حتى تصلين للشفاء.
وهذه بعض طرق العلاج :-
ابدأي من جديد، افتحي كتاب جديد بقصة جديدة وخُطي بقلمك أولى حكاياتك وكأنك ابنة اليومين، حرري كل آثام وسلبيات الماضي، امحي من ذاكرتك كل آلام جرح الأم الماضية وابدأي كأنك خُلِقتِ من جديد.
ابدأي في استكشاف مشاعرك من جديد كالطفل الذي يخرب كل شيء حوله فقط لغرض الاكتشاف والإجابة على سؤال ما هذا؟ اكتشفي نفسك ومشاعرك وشخصيتك ومن أنتِ، تعرفي على نفسك وكأنك لأول مرة ترينها.
تذكري أنك وُلِدتِ من جديد فتعاملي على أنكِ طفل صغير يتعلم الزحف والكلام والأفعال، تعلمي سلوكيات جديدة وأشياء جديدة تغيري بها نمط حياتك وتعلمي سلوكيات جديدة لتبتكري حلول للمشاكل التي تواجهك.
ساندي نفسك وقويها واحتويها واجعلى نسختك البالغة والقوية تحتوي الصغيرة التي وُلِدت من جديد على يدك.
انتبهي لصوت نفسك الداخلي واسمعي من يتحدث إليكِ فإذا سمعتِ الصوت المعتاد عليه وهو والدتك الناقدة فاقتلي هذا الصوت فهو مؤذي لكِ واستمعي صوت التفاؤل والتشجيع بداخلك حتى تكملين حياتك بهدوء نفسي.
وأخيراً إذا تطلب الأمر استشارة طبية فلا تترددِ في الذهاب للطبيب فقد يكون عنده الحل المناسب لجعلك أكثر قوة وهدوء نفسي وارتياح.
بعض الجروح لا تزول ولكنها تندمل وتخفت مساحتها مع الوقت، وبنعمة النسيان التي أنعم الله -عز وجل- علينا بها قد تكون سَهّلت علينا الحياة أكثر، قد يكون الأمر صعب لأنك لا تستطيعين الانفصال عن والدتك مكاناً أو ترابطياً ولكن تستطيعين الانفصال نفسياً أو عقلياً عنها بالقدر الذي يجعلك لا تدورين في محيطها الذي قد يجرحك أو يجعلك مريضة بها وبجروحها.
كانت وستكون والدتك لمدى الحياة وهذا لا جدال فيه ويجب عليكِ برها مهما كان إلا في المحرمات، ولكن اصنعي شخصية مستقلة خاصة بكِ أنتِ لا أحد يتدخل فيها أو يستطيع فرض سيطرته عليها، أحبي نفسك واعطيها الثقة الكافية فهي تستحق..
كوني أنتِ…
إقرأ أيضاً:-