المرأة والحياة

شخصية المرأة بين الماضي والحاضر

 

 

✍️ روان عبدالعزيز

 

إذا كنا نجد اختلافاً في الأماكن، والأرض التي تدور بنا نفسها تختلف وتتغير عبر الزمان، وتجدِ مع مرور الشهور فصول العام تتغير من شتاء لربيع لصيف ونختم بالخريف ونعيد من البداية، فماذا يحدث إذا نظرنا لأنفسنا نحن فكيف سنجدها؟ هل تتغير أم تظل كالمياة الراكدة في البحر الميت لا حياة ولا روح ولا تقدم ولا تغير.

 

الحقيقة أننا كنساء نتغير بمرور الساعات ولا أبالغ إذا قلت أننا نتغير خلال دقائق، للحظة نجدنا في قمة حماسنا ونشاطنا؟ وفي اللحظة التالية يُصيبنا الخمول والرغبة في الانعزال، فهل كل هذا يحدث هباءً أم له سبب؟ الحقيقة أن لا يوجد شيء يحدث هباءً فكل شيء له فائدة وسبب ونظرية ونتيجة، وهذا يفسر سبب تغير المرأة من العصر القديم حتى الحديث.

 

فقديماً كنا نجدها تحب الجو الهادئ المسالم الذي تجده في المنزل، تسعى فقط لخدمة منزلها وزوجها وأطفالها، ومع مرور الوقت أصبحت تعي أن الحياة ليست كلها في المنزل ولا في المطبخ – الذي هو جزء منها- وإنما توجد حياة أخرى أكثر نشاطاً وانطلاقاً تسطيع أن تجد نفسها فيها بجانب حياة المنزل.

 

فدعونا نُلقي نظرة للوراء وتكتشف كيف كانت المرأة:

 

كانت المرأة قديماً تصب كل اهتمامتها على كيفية صنع أكلة جيدة، وعلى أن تربي أولادها الذكور على الخروج من المنزل للعمل مع والدهم أو أي عمل عموماً، وعلى أن تربي بناتها على طاعة رجال البيت وأنها خُلقت لتطيع الغير وتنفذ عمل المنزل معها، حتى تُصبح ربة منزل ممتازة وتتفوق على نفسها في الطبخ و التنظيف ومشاق البيت فقط، فكانت تُعرف البنت الشاطرة بتفوقها في عمل المنزل وكأنها لم تُخلق إلا لتخدم الغير وكأن الحياة كلها تلخصت في المنزل وكأن خروجها منه خاطئ ولا يصح، فينتج جيل أنثوي يسير على نفس النهج، كل همها أن تهتم بزوجها وأسرتها وبيتها، واستقبالهم بأكلة لذيذة وبيت نظيف و ملابس مرتبة وكفى.

 

أما اليوم..

 

اختلفت أولوياتنا جميعاً، فمنذ أن وجدنا نماذج عظام مثل: “سميرة موسى، هدى شعراوي، صفية زغلول، وغيرهن الكثيرات”، أصبحنا نختلف يوماً بعد يوم، عاماً بعد عام، قرناً بعد قرن، وتتوالى الأيام ونجدنا نتطور ونطفو على قمم عالية، أصبح اسم المرأة يُعرف فيها ويُذكر بفخر وعزة وكرامة.

 

نجدنا اليوم بعدماا كنا في المنزل والمطبخ، أصبحنا في المدرسة والجامعة و العمل في شتى المجالات ونكتسح بتفوقنا شوارب كثيرة كانت تظن أن هذا ليس مكاننا وأننا لن نجني سوى خُفيّ حُنين.

 

ولكن بالإصرار والتحدي والمثابرة استطاعنا تحقيق النجاحات، أصبحت تعمل المرأة في المنزل وفي الشارع في المدرسة والمستشفى والجامعة و الشركات والبنوك والشرطة والطيران والإعلام والصحافة إلخ، إذا استمرينا في ذكر المجالات كلها لن يكفي الوقت.

 

رأيتِ بنفسك كيف كُنتِ تُدفنين وأنتِ على قيد الحياة مثلما كانوا يفعلون بالجاهلية – وأد البنات أحياء تحت التراب- هكذا أنتِ كنتِ تدفنين نفسكِ ومواهبك ومهاراتك التي تتخطى أعتى الرجال، فالأنثىٰ ذكائها يجعلها تفعل كل شيء، فقط تستعمله بشكل صحيح.

 

فأصبحت المرأة الآن لها دور في كل مجالات الحياة، أصبحت تعمل وتدرس وتُدرِس للطلاب والطالبات، أصبحت ذات شأن وقيمة والكثير من الرجال يستشيرونها في الكثير من المعلومات، أصبحت تسعى لتطور من نفسها ومن مهاراتها لتصنع شخصية يُحتذى بها من قِبل الآخرين، أصبحت تُحارب بشجاعة للحصول على ما تريد من الحياة، أصبحت أنثى تستخدم مواهبها التي منحها لها الله لتكون أفضل، أصبحت تعلم كل شيء عن أي شيء، عَلِمَت أن مكانها ليس المنزل وإنما هو فقط جزء من حياتها وأنه يوجد الكثير ينتظرها، وأخيراً أصبحت إنسانة لها قيمة وتُحسب من المجتمع بعد أن خرجت من عُنق الزجاجة الذي كان يحكمها من قبل.

 

لا تُضيعين شبابك ومهاراتك العظيمة في وهم المنزل والراحة وطاعة الزوج فقط، صحيح أن هذا شيء دافئ وجميل وضروري، ولكن لا يمكن أن تبديه على نفسك وشخصيتك في الحياة، لا تسمحي لنفسك أن تندمي على شيء في وقت لن ينفعك فيه الندم، فلا تجعلي بناء شخصيتك يتعارض مع مهامك كأم وزوجة، وحاولي الموازنة بين حياتك الشخصية وحياتك الأسرية.

 

أنتِ نصف المجتمع فكيف تهدرين وقتك كله في تعلم وصفة أكلة جديدة فقط؟ في حين أنكِ ممكن أن تكتشفِ شيء تكنولوجي جديد يُحدث طفرة في المجتمع، او الإبداع في أي مجال تشعرين بالشغف تجاهه بجانب مراعاة أسرتك ومنزلك، استخدمي كل شيء فيكِ لتكوني أفضل، فأنتُ تستحقي أن تكوني لامعة في السماء ينبهر بكِ الجميع..

 

النجاح يجعلك أكثر راحة في الحياة ويوفر لكِ كل شيء تحتاجينه، يجعلك أكثر ثقة بنفسك و أكثر خفةً وجمالاً وتميزاً، فمَن لا يُحب التميز والتفرد في الحياة؟

كوني ناجحة..

إقرأ أيضاً:- 

 

رحلة استكشاف لقوة المرأة الكامنة

 

MEU

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى