أنتِ قبل الزواج
✍️ روان عبدالعزيز
لو أخذنا ساعة، لا بل أقل من ساعة وسألنا أنفسنا سؤال واحد..
ما هو الزواج؟
سؤال واسع، عميق، قوي وصريح، ويحتاج إجابة، هل نتزوج لأنه سُنة الحياة، أم لأنه عادة وجدناها منذ أن وُلِدنا، أم لأن ديننا يحثنا على الزواج، أم لأننا نحتاج شريك آخر في حياتنا؟
كُلها أسئلة وجودية ممكن أن يكون لها إجابة وممكن لا، وتكمن إجابتها على حسب طبيعة كل شخص عن الآخر.
فكري في نفسك وحياتك وشخصيتك، اختاري زوجك المناسب، اختاري الوقت المناسب، فالأهم من اختيار الزوج اختيار الوقت المناسب للزواج، منذ قديم الأزل كانت البنت تتزوج منذ بلوغها لمجرد أن تفكيرهم قديماً كان هو سَتر الفتاة، وكأن البنت وعاء مفتوح ويحتاج لمن يغطيه، إهانة فظيعة أن نتحول لدمية يلقيها الأهل -الجاهلون- مع زوج لا يراعي كونها طفلة، طفلة صغيرة بسيطة غير ناضجة لا عقلياً ولا جسدياً ولا صحياً لتحمل زواج وحمل وإنجاب و تربية أطفال.
فتخيلي معي طفلة تُربي أطفال، كارثة مريبة تقشعر لها الأبدان، كيف نقضي على حياة طفلة كل آمالها في الحياة أن تلهو وتلعب وتجري وتتنزه و تأكل المثلجات في مدينة الألعاب وترتدي فستان جديد مليء بالألوان المُبهجة، ففجأة تنقلب حياتها رأساً على عقب وتجد الفستان المبهج تحول لكفن أبيض يقتل برائتها وطفولتها الجميلة وهي التي لم تفهم بعد معنى الحياة، تتحول أولوياتها وهي التي لم تفهم معني كلمة أولويات أساساً، فكيف تفعلي ذلك بابنتك، لا عفواً بطفلتك، كيف نقسو عليهن؟ كيف نرهقهن وهن لا يستحقن إلا الدلال؟، فهن المؤنسات الغاليات كما وصفهن رسولنا الكريم -صلى الله عليه وسلم-.
وإذا بلغت البنت سنة العشرين أصبحت عانس، ممكن أن نصنف سوياً أولويات كل عُمر تصل إليه الفتاة لنعرف أي جريمة نرتكب.
من عُمر الولادة حتى 10 سنوات: عمر تأسيس الطفلة وتعليمها أشياء يستوعبها عقلها الصغير، مثل الحروف والأرقام والكلمات البسيطة و أساسيات الحياة البسيطة، بالإضافة للمعلومات الدينية المبدئية كالصلاة والصوم والله ورسله وكتبه وهكذا.
من عُمر 11 إلى 18 : الدخول في مرحلة المراهقة وبدأ البلوغ و بداية الاهتمام بالدراسة وبالذات ومحاولة اكتشاف كل شيء عن نفسك من هوايات تمارسينها، واكتشاف المشاعر البريئة التي غالباً ما تقع الفتيات تحت تأثيرها في هذه الفترة من العمر ولكن يجب أن تدركين أن هذه المشاعر مؤقتة وأنها ستزول مع الوقت وعن المحيطين بكِ.
ومن عُمر 19 إلى 25 : أنا أعتقد أن هذا عُمر النجاح وتطوير الذات فهذا الوقت الذي تبدأين فيه الخروج من مرحلة الطالبة الصغيرة صاحبة العلم، وتعيشين مرحلة النضوج العقلي والنفسي وتبدأين مرحلة العمل والتعامل المباشر مع البشر باختلاف أعمارهم وشخصياتهم، بالرغم من حقيقة أن النضج فعلياً لا يأتي مع كِبر العمر وإنما يأتي مع مواقف الحياة.
والآن هل بعد ما ذكرنا أولويات الأعمار، مازال يوجد أحد يُفكر بزواج البنت قبل العشرين حتى لا تُصبح عانس في نظر المجتمع؟ لماذا نتعجل في خطوة الزواج بالرغم من أننا إذا تمهلنا فيها وفكرنا بشكل صحيح قد نختار الزيجة التي تستمر العمر كله -والله أعلم- لا يوجد شيء مضمون في الحياة، فأعمارنا ليست مضمونة فكيف نضمن وجود شخص في حياتنا حتى الممات، إن بعض الزيجات تنتهي بالمودة بل أن الزوجين يظلوا أصدقاء خاصة إذا كان يوجد أطفال.
تواجه الفتاة التي تتعدى العشرين بدون زواج وخاصةً في المجتمعات الريفية مشكلات كثيرة أضعفها هي النظرات التي تُشعرها وكأنها صغيرة أو ضئيلة في الحجم والمكانة وليس عمراً، فإذا كانت نظراتهم بها استصغار لها ففيها نظرة تُكبر من عمرها ألف عام، تُكسر نفسها وتشعر بالاحتقار وبأنها أقل من الباقيين، وكأن مصيبتها في الحياة أنها قررت التمهل واختيار نفسها قبل أي شيء.
تصبح الفتاة نكرة وكأن الزواج هو من يعطيها القيمة، تواجه اللوم والحقد بل وأحياناً الضرب والتعنيف بأنواعه لمجرد رفضها الزواج، وكأنها قنبلة موقوتة ويجب نزع فتيلها قبل الانفجار عن طريق الزواج، لماذا نحول العلاقة السامية المُقدسة التي عظمها المولى -عز وجل- لعلاقة قاسية مؤلمة نهدر حياتنا فيها بدلاً من الاستمتاع بها؟
لا ترتكبي جريمة في حق نفسك عندما تقررين الزواج بدون تفكير عميق حتى تهربين من نظرات الناس التي تحرق روحك، فحرق الروح أهون من حرق عُمرك الباقي، الناس دائماً يحبون تقديم آرائهم ويحبون التفلسف والظهور بشخصية العارف الفاهم الذي لا يخفى عليه شيء، فحينما تتزوجين مُبكراً يقولون لماذا مازالتِ صغيرة، وحينما تتأخرين في الزواج وتتمهلي في اختياره يطلقون عليكي لقب العانس
وحينما تتزوجين وتطلقين لأي سببٍ كان يقولون كان عليكِ بالصبر وكما يقول المثل الشعبي – ظل رجل ولا ظل حائط- ولكن في رأيي أن ظل حائط قد يفيدك أكثر على الأقل لن يؤذيك، والكثير من النصائح المُقدمة من أناس متفلسفون يدمرون حياتك إذا اتبعتيهم، لا تتركِ لأحد مجال للتدخل في حياتك، كوني صاحبة قرارك.
نظرات الاحتقار التي يُصاحبك بها الناس لأنك تأخرت في الزواج لا تُعيبك إطلاقاً ولا تُقلل منكِ أبداً، بالعكس بل تظهر مدى شجاعتك وثباتك وأنك لا تسيرين مع التيار.
كوني نفسك وشخصيتك المُستقلة، افعلي كل ما تشتهيه مادام صحيحاً ولا يقل من كونك شخصية محترمة مُلتزمة، فالناس لا يهوون غير التعليق بالسلب على غيرهم وكأنهم بأجنحة نزلوا بها من السماء، فإذا كنت تترددين وأنتِ تشترين ثوباً جديداً فكيف تختارين شريك حياتك بدون تردد أو لحظة تفكير؟
الزواج علاقة مقدسة جميلة تشبعين بها عواطفك واحتياجاتك، نجاحك فيها مهماً و من انجابك لأطفال أسوياء هدف تنفعين به أمتك بل وتفخرين به أمام الناس ونفسك أولاً ، ولكن كيف تفعلي ذلك وأنتِ لستِ جاهزة للزواج والإنجاب وأنتِ طفلة؟
فكري في مستقبلك وحياتك وحاولي ثم حاولي ثم حاولي النجاح والوصول للقمة وإظهار لجميع الناقدين أنك أفضل منهم، اجعلي نقدهم واستهانتهم بكِ هدفاً نصب عينيكِ وعند الوصول اعطيهم ظهرك وقتها سيشعرون أنهم بحاجة إليكٌ وأنهم خسروا شخصاً عظيماً مثلك كان يمكنهم الاعتماد عليه.
اختاري الشخص الذي يدفعك للنجاح الذي يعتبر نجاحك جزء من نجاحه، الذي إذا ثبطت هِمَتك يحفزها، تزوجي المِعطاء الذي لا يبخل عليكِ بأي شيء في مقدرته فعله، اختاري سعادتك وراحتك قبل أي شيء اختاري نفسك قبل أي شخص.
وحينما تتزوجين استمتعي بالعلاقة عيشيها بكل جوارحك سيري معها بحلوها ومرها، وحينما تنجبين فتاة علميها أن تكون ذكية وقوية و شجاعة وقادرة على المواجهة علميها أن تكون ناجحة في حياتها وأن العلاقة العاطفية جميلة وممتعة وبها الجميل كما فيها السيء، ولكنها لها وقتها الذي تصبح جاهزة فيه لهذه الخطوة، لا أن تأخذها تحت ضغط المجتمع.
بإختصار اختاري قلبك وروحك ونجاحك وزوجك الذي يحافظ معك على ما سبق..
ورددي دائماً أمام نفسك والآخرين…
“أنا قوية أنا قوية”..
إقرأ أيضاً:-
نصائح فعالة للعيش بسعادة دون حب
هل تؤثر تكيسات المبيض على الإنجاب؟
الرضاعة الطبيعية أجمل بداية لكِ ولطفلك