مقالات

تعريفات ومعاني السعادة في العلوم المختلفة

تعريفات ومعاني السعادة في العلوم المختلفة

كتبت / بسنت الغباري

السعادة من المفاهيم التي ترتبط بالرضا والراحة، وهي مفهوم من غير الممكن رؤيته ولمسه، بل يظهر على الفرد الذي يعيش داخل محيطها حيث تجد النفس البشرية الهدوء وراحة البال التي يلجأ إليها الناس من مثيرات العالم الخارجي الصاخبة والمليئة بالحروب والصراعات، ومن الممكن تعريف وشرح مفهوم السعادة لغةً على أنّها الفرح والابتهاج وكل ما يُدخل الفرح والسرور على النفس، أما السعادة فمصدرها سَعدَ يسعدُ سعادةً فهو سعيد، ويختلف مفهومها من فرد لآخر، إلّا أنها شعور عام يشعر الناس به، أي أنها متاحة في يد الجميع، فالناس تختلف في طباعها، حيث قد يرى البعض السعادة بالمال والبعض الآخر قد يرى السعادة بالإنجاز والنجاح، كما من الممكن أن الفرد ذاته قد تختلف نظرته للحياة باختلاف أطواره الزمنية وظروفه وأحواله، ولكل مرحلة عمرية أفقها الخاص الذي يعيش الفرد بداخله، وفي الوقت الذي يحصل الفرد على ما يلائمه وما يسعى إليه فإنه يعيش بهذا التلاؤم شكل من أشكال السعادة بحصوله على ما كان يسعى إليه بالرغم من الصعوبات المختلفة التي واجهته.

تعريفات السعادة في العلوم المختلفة

تختلف تعريفاتها من مجال إنساني إلى آخر، ومن فرد إلى فرد، ومن مجتمع إلى مجتمع آخر، ومن أبرز العلوم الإنسانية التي تناولت تعريفها ما يلي:

تعريف السعادة في الفلسفة

اختلف تعريفها عند الفلاسفة القدماء باختلاف آرائهم ونظرياتهم وتوجهاتهم، ومن هؤلاء الفلاسفة ما يلي:
ينظر أفلاطون إليها على أنّها عبارة عن فضائل الأخلاق والنفس؛ كالحكمة والشجاعة والعدالة والعفة، كما أضاف أيضاً بأن سعادة الفرد لا تكتمل إلا بمآل روحه إلى العالم الآخر.
عرّفها أرسطو على أنّها هبة من الله وقسمها إلى خمسة أبعاد، وهي: الصحة البدنية، والحصول على الثروة وحسن تدبيرها واستثمارها، وتحقيق الأهداف والنجاحات العملية، وسلامة العقل والعقيدة، والسمعة الحسنة والسيرة الطيبة بين الناس.

تعريف العلماء والمفكرين المسلمين للسعادة

ذكروا أنّ السعادة هي وصول الفرد إلى حالة من تحقيق التوازن بين ما يتطلّبه الجسم والروح، وبين متطلبات الفرد ذاته وبين متطلبات المجتمع الذي يعيش به، وبين الحياة الدنيوية للفرد وبين آخرته وعمله لها، كما أشاروا أيضاً إلى أن السعادة الدنيوية هي سعادة آنيّة وناقصة، وأن السعادة الحقيقية هي السعادة الخالدة في الدار الآخرة والظفر في الدخول إلى الجنة؛ أي أنّ السعادة تشتمل على مرحلتين، وهما: السعادة الدنيوية في ظل الأحكام والضوابط الشرعية، والسعادة الأخرويّة التي تتحقّق بدخول الجنة كل فرد بحسب درجة صلاحه في حياته الدنيا السابقة.

تعريف علم النفس للسعادة

حيث اهتم علم النفس بدراستها وأثرها على النفس البشرية من خلال فرع من فروعه، وهو ما يُطلَق عليه علم النفس الإيجابي، حيث يعمل هذا الفرع على رفع مستوى أداء الفرد الوظيفي النفسي بشكل أعمق وأبعد من معنى الصحة النفسية، حيثُ عرّفها من خلال محدداتها، والعوامل التي تسير بالفرد إلى العيش بسعادة وسرور، كالرضا العام عن الحياة، وإشباع الرغبات، والتمكُّن من تحقيق الأهداف المرجو تحقيقها، والوصول إلى الطموحات التي يسعى الفرد إليها، بالإضافة إلى القدرة على توظيف القدرات والاستعدادات للوصول إلى مرحلة الرضا عن الذات وعن الآخرين، وبشكل عام فقد عرّفها علم النفس من الجانب الانفعالي على أنّها الإحساس باعتدال المزاج والحالة النفسية، ومن الجانب التأمُّلي المعرفي فهي الوصول إلى مرحلة الشعور والإحساس بالرضا.

أنواع السعادة

تنقسم إلى نوعين رئيسيين يعتمدان على مستوى المؤثرات المحفزة لها، فهناك السعادة قصيرة المدى وهي التي تستمر لفترات قصيرة من الزمن، وهناك السعادة طويلة المدى وهي عبارة عن سلسلة من بواعث ومحفزات السعادة قصيرة المدى وهي عادةً في تجدد دائم لتؤدي دورها في التجديد والتحفيز المستمر للسعادة لتستمر بذلك مدى الحياة.

متطلبات السعادة

تختلف وتكثر بحسب اختلاف جوانب الحياة البشرية فهناك السعادة التي يحصل عليه الفرد بتلبية الجوانب المادية، وهناك السعادة التي تُشبع الجوانب المعنوية، مثل هذه المتطلبات، الاكتفاء المادي والحصول على الدخل المادي الذي يلبّي الحاجات الضرورية للفرد، والتحلّي بالصحة البدنية، ووضع الأهداف وتحديدها بحيث تكون أهداف واقعية وقابلة للتحقيق، وشغل الأوقات بالأعمال المفيدة والنشاطات المنتجة، وتحلي الفرد بالأنماط السلوكية السوية بشكل عام، وقدرة الفرد على تجاهل المثيرات السلبية ومسببات التعاسة.

الوصول إلى السعادة

إنّ حصول الفرد على سعادته ليست كافية لاستمراريتها، بل إنّ هناك العديد من العوامل التي إذا استطاع الفرد تحقيقها من الممكن أن تتحقّق له السعادة، ومن أبرز هذه العوامل ما يلي:

الثقة بالنفس وتقدير الذات.
الإنجاز والقيام بالأعمال المفيدة باستمرار. الاهتمام بالجانب الترفيهي الذي يُدخِل البهجة والسرور على النفس.
الاهتمام بالعلاقات الإجتماعية الودودة والدافئة.

إذاً الحياة فيها الكثير من لحظات السعادة، وفيها أيضًا الكثير من لحظات الحزن، فالصعوبات اليومية، والضغوطات، والفقر، والحروب، والمرض، والبطالة، وانعدام الثقة، وقلّة الحيلة، جميعها تحوّل حياتنا لجحيم لا يطاق فنعجز عن المضي قدمًا، وبما أننا خليفة الله على الأرض كان لابد من أن نتحدّى كل الظروف ونسعى بإخلاص لتحويل لحظات الحزن إلى لحظات سعادة وبهجة.

MEU

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى