أهمية الإيمان والتأمل في حياتنا
أهمية الإيمان والتأمل في حياتنا
كتبت-كريمة عبد الوهاب
أجل العبادات وأفضلها هو ما يزيد الإيمان ويربط الخلق بالخالق، ومن بين العبادات التي تكسب الإنسان الإيمان واليقين وراحة النفس والطمأنينة والسعادة في الدنيا والآخرة عبادة التفكر والتأمل، تلك العبادة الغائبة عن كثير من الناس رغم ضرورتها واحتياج الناس إليها، وقد أعطى القرآن الكريم وكذلك السنة المطهرة مساحة كبيرة للحديث عن عبادة التفكر والتأمل في الكون والنفس والأفاق، وكان هذا الاهتمام بهذه العبادة؛ لأن لها ثمرات متعددة، فعن طريقها يدرك الإنسان عظمة الخالق سبحانه وتعالى، فيرى بديع قدرته وعجيب صنعه وإتقانه: “سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ”، وهذا الإدراك يدل على عظمة الله سبحانه وتعالى الذي يقوى الإيمان، ويقود الإنسان إلى الخشوع واليقين دائماً، فقد قال الله تعالى: “وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ”، وعلى الرغم من أهمية عبادة التفكر والتأمل إلا أن كثيرًا من الناس يغفلون عنها، مع أنها من أهم عوامل تحريك الإيمان بل وثباته في القلوب، وقد عاب القرآن الكريم على الذين يعطلون هذه العبادة؛ لأن تعطيلها يحجب الإنسان عن الوصول إلى الحقائق والعبادة الحقة، قال تعالى:”لَهُمْ قُلُوبٌ لَّا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَّا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَّا يَسْمَعُونَ بِهَا ۚ أُولَٰئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ ۚ أُولَٰئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ”.
الجمع بين عبادة المحراب والتفكر والتأمل منهج إسلامي:
لم يرد القرآن الكريم للأمة المسلمة أن تنشغل بعبادة الأجسام في المحراب دون دمجها بعبادة العقل والفكر والتأمل، لأنها عبادة ليس فيها روح التعقل والتفكر فعي عبادة مردودة على صاحبها؛ ولذلك جمع القرآن الكريم بين عبادة المحراب وعبادة التفكير والتأمل، فقد قال الله سبحانه وتعالى “قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُم بِوَاحِدَةٍ ۖ أَن تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَىٰ وَفُرَادَىٰ ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا.
طريقنا لإحياء عبادة التفكر والتأمل:
١-اعتبار عبادة التفكر والتأمل على أنها أمر واجب وليست أمرًا هامشيا:
وهناك أدلة كثيرة تدل على ذلك ،منها:
أ-“قُلِ انظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ”
ب-كثير من آيات القرآن الكريم تختم بقوله تعالى:”أفلا يعقلون”،وبقوله:”لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ”،وقوله” لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ”..إلى غير ذلك من الآيات.
٢-النظر والتدبر في آيات الله المسطورة والمنظورة، وتحويل حياة العادة إلى عبادة بمعنى أننا نخرج كل يوم فنرى الكون من حولنا، ونرى بديع صنع الله ولكن هذا النظر أصبح من قبيل العادات وليس من قبيل العبادات، وهذا يحتاج منا أن نفعل الآيات القرآنية والأحاديث النبوية، فأين تفعيل قول الله تعالى في حياتنا:”أَفَلَا يَنظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ وَإِلَى السَّمَاء كَيْفَ رُفِعَتْ -وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنتَ مُذَكِّرٌ لَسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِرٍ”.
٣-فتح آفاق للمعرفة والتعلم والاهتمام بقضايا الاعجاز العلمي:
من نافلة القول أن نبين اهتمام الإسلام بالعلم، فأول آية نزلت أمرت بالعلم، والرسول صلى الله عليه وسلم طلب من ربه زيادة في العلم كما حكى لنا القرآن الكريم:”وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا” والعلم الذى طلب الزيادة منه نبينا صلى الله عليه وسلم ليس مقتصراً فقط على العلم الشرعى بل علم جمع بين مختلف العلوم، وهو ما حث أصحابه عليه كثيرًا، فقد أمر أسامة بن زيد أن يتعلم العلوم الأخرى، فكل علم يفيد وينمى الإنسان هو علم مطلوب، ومن هنا يجب علينا أن نفتح آفاق المعرفة والتعلم وخاصة العلوم المتعلقة بقضايا الإعجاز العلمي، فالإعجاز العلمي يعد بابا من أبواب الفقه في الدين ،ودليل ذلك أن أهل اليمن عندما جاءوا إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وهم يسألونه عن التفقه أعطاهم وغيرهم حقيقة علمية ؛وذلك ليدل على أن البحث عن الحقائق العلمية والإعجاز العلمي من التفقه في الدين.
وروى البخاري عن محرز بن حصين قال: قال أهل اليمن لرسول الله صلى الله عليه وسلم جئناك لنتفقه في الدين ولنسألك عن أول هذا الأمر فقال: “كان الله ولم يكن شيء قبله وكان عرشه على الماء” كما أن الإعجاز العلمي من أمضى الأدلة في عصرنا الحالي لإقامة الحجة على الملاحدة، وإثبات صحة الرسالة وصدق الرسول صلى الله عليه وسلم.كما أنه يعمل على:
أ-تجديد بينة الرسالة في عصر الكشوف العلمية.
ب-تصحيح مسار العلم التجريبي في العالم.
ج-تنشيط المسلمين للاكتشافات الكونية، بدافع من الحوافز الإيمانية.
د-يعد من أيسر الطرق لجذب عقول الغربيين إلى الإسلام وإقناع الماديين والملحدين وغيرهم وبخاصة في عصرنا الحاضر.