كتب: إسلام عبد الفتاح
في الوعي الجماعي البشري، ترتبط الطاقة النووية بالتدمير ومع ذلك، ظهرت في الآونة الأخيرة دعوات للنظر في استخدام الطاقة النووية كبديل لطاقة الوقود الأحفوري، الذي يولد المزيد من الانبعاثات والغازات الدفيئة ويساهم في ارتفاع درجات الحرارة العالمية، وإذا ثبت أن هذا الاتجاه قابل للتطبيق، فمن الممكن أن تُمحى خطايا الطاقة النووية، وقد تصبح حتى البطل الذي ينقذ الكوكب.
يشكل تغير المناخ تهديدًا حقيقي
إذا كان هناك حدث واحد من المؤكد أن يؤثر على كل شخص على هذا الكوكب، فهو بلا شك تغير المناخ وآثاره الصادمة بشكل واضح في جفاف الأنهار في بعض أنحاء أوروبا، وخاصة في الجنوب، وجاء ذلك بمثابة مفاجأة غير سارة للمجتمع الدولي، الذي كان يدرك ضعف الجهود التي تبذلها القارة لمكافحة تغير المناخ.
ويأتي هذا الإنذار في الوقت الذي يحذر فيه خبراء المناخ والبيئة من أن ظاهرة الإحتباس الحراري قد ترتفع بمقدار 1.5 درجة مئوية بين عامي 2030 و2050 إذا استمر تجاهل درجات حرارة الكوكب المرتفعة في الواقع التحذيرات بشأن تغير المناخ ليست جديدة ويتفق الآن أكثر من 97% من علماء المناخ على أن تغير المناخ يؤثر على الكوكب.
الأرض بين العصور الجيولوجية والثورة الصناعية
ومن المعروف أن الأرض مرت بالعديد من العصور الجيولوجية وشهدت تغيرات مناخية عديدة خلال تلك الفترة وقد أدت هذه التغيرات إلى زيادات كبيرة في ظاهرة الإحتباس الحراري، وأحيانًا نتيجة للانفجارات البركانية التي تطلق الحمم البركانية أو الغازات المدفونة التي تجمد أجزاء من الكوكب أو تسبب ارتفاع درجات الحرارة بشكل حاد، وأدى ذلك إلى الإنقراض الجماعي للكائنات الحية التي كانت بنيتها الفيزيائية ووظائفها الحياتية كبيرة جدًا لدرجة أنها لم تتمكن من مواجهة التغيرات المناخية المفاجئة.
ومع ذلك، مع ظهور الثورة الصناعية واستخدام البشر لثاني أكسيد الكربون لتشغيل أدوات قياس درجة الحرارة في القطارات والمصانع ومحطات الأرصاد الجوية والسفن في منتصف القرن التاسع عشر، تم تسجيل زيادة كبيرة في درجات الحرارة العالمية، ارتفعت درجات الحرارة إلى درجتين مئويتين أدت هذه الزيادة الكبيرة والسريعة في درجة حرارة الأرض في فترة زمنية قصيرة نسبيًا إلى ظهور البشر وهم يسرعون في تدمير الأرض.
هل تحل الطاقة النووية مشكلة المناخ؟
تنقسم الآراء حول ما إذا كان هناك أي فائدة حقيقية للطاقة النووية كمصدر للطاقة لأن الطاقة النووية يمكن أن تساعد في استقرار ظاهرة الإحتباس الحراري عند 1.5 درجة مئوية علاوة على ذلك، تمثل الطاقة النووية الآن ربع إجمالي الطاقة النظيفة العالمية لقد أثبتت العديد من دراسات الطاقة النظيفة أن الطاقة النووية مكمل جيد لمصادر الطاقة المتجددة، خاصة بالنظر إلى فكرة استخدام مصادر الطاقة المتجددة النظيفة عند استنفاد مصادر الطاقة الموجودة وهذا من شأنه أن يجعل الطاقة النووية مصدرًا عالميًا للطاقة، مع امتياز تحقيق الحياد الكربوني ومضاعفة إنتاج الطاقة الحالي بحلول عام 2050 وعلى عكس طاقة الرياح والطاقة الشمسية التي تتأثر بالطقس، فهي مصدر طاقة مستقر حتى مع تغير المناخ وعلى الرغم من الإستثمارات الحكومية والتكاليف المرتفعة وكثافة الطاقة، فإن هذين المصدرين الطبيعيين للطاقة يوفران 4% فقط من الطاقة في العالم.
تكمن معضلة الطاقة النووية في أن بناء وتطوير محطات الطاقة النووية باهظ التكلفة لأن الحكومة تكلف مبلغًا ضخمًا من المال للموافقة على مشروع محطة للطاقة النووية مرة واحدة ويمكن حل هذه المعضلة جزئيًا عن طريق بناء محطات صغيرة للطاقة النووية، مما يوفر الجهد والوقت والمال وهناك معضلة أخرى تتلخص في التكاليف المرتفعة لتخصيب اليورانيوم وارتباطه بطموحات العديد من البلدان في إنتاج الأسلحة النووية، الأمر الذي يزيد من احتمالات الإرهاب النووي.
وبالإضافة إلى ذلك، هناك أيضاً مسألة النفايات النووية وموادها المشعة التي تبقى لفترة طويلة وأهم معضلة أخلاقية عالمية في استخدام هذه الطاقة هي أن الدول الأفريقية تمتلئ بالنفايات النووية الأوروبية، وتتعامل الدول الأوروبية مع القارة على أنها مستودع للنفايات النووية.
مؤتمر تغير المناخ في مصر: هل يجد العالم الحل؟
يبدو أن أداء الطاقة المتجددة واعد للغاية في العديد من الدول العربية، ووفقًا لتقرير صادر عن الوكالة الدولية للطاقة المتجددة نُشر عام 2018، يمكن لمصر تلبية 53% من احتياجاتها من الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة بحلول عام 2030 عُمان والمغرب مرشحان قويان لتصدر قائمة الدول حول العالم الدول التي ستنتج أكبر قدر من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح في المستقبل القريب ومن المتوقع أن تتفق دول العالم في القمة على عدد من القضايا أهمها مشكلة الإحتباس الحراري وانبعاثات الغازات الدفيئة ومحاولات خفض معدل ارتفاع درجة الحرارة العالمية إلى ما دون 1.5 درجة مئوية.
وبالإضافة إلى اتخاذ خطوات حقيقية للحد من استخدام الوقود الأحفوري، فسوف نفي بالتزاماتنا التي قطعناها على أنفسنا في قمة المناخ الأخيرة، والتي خصصت 100 مليون دولار للمساعدة في حل مشكلة تغير المناخ.