كتبت: كريمة عبد الوهاب
لدينا جميعًا الحق في التمتع بحقوق الإنسان وهي تشمل الحق في العيش بدون التعرُّض للعنف والتمييز المجحف؛ والتمتع بأعلى مستوى ممكن من الصحة الجسدية والنفسية؛ والحصول على التعليم؛ وحيازة الممتلكات؛ والتصويت؛ والحصول على أجور متساوية، ويبدو أن العديد من النساء والفتيات في شتى أنحاء العالم ما زلن يتعرضن للتمييز القائم على أساس الجنس والنوع الإجتماعي، إذ أن عدم المساواة بين النوع الإجتماعي يكمن خلفه العديد من المشكلات التي تؤثر على النساء والفتيات بشكل غير متناسب، ومن بينها العنف المنزلي والجنسي، وتدني الأجور، والافتقار إلى سبل الحصول على التعليم، وعدم كفاية الرعاية الصحية، وقد ناضلت حركات الدفاع عن حقوق المرأة على مدى سنوات بشدة من أجل التصدي لانعدام المساواة، عبر إطلاق حملات لتغيير القوانين أو النزول إلى الشوارع للمطالبة باحترام هذه الحقوق، وقد ازدهرت حركات جديدة في العصر الرقمي، كحملة أنا- أيضًا، والتي تسلِّط الضوء على تفشِّي ممارسات العنف القائم على أساس النوع الإجتماعي والتحرش الجنسي، ومن خلال البحوث وأنشطة كسب التأييد والحملات، تمارس منظمة العفو الدولية ضغوطًا على أصحاب السلطة لحملهم على إحترام حقوق المرأة، وفي الأردن، حثَّت منظمة العفو الدولية السلطات على وقف التواطؤ مع نظام “وصاية” الرجل على المرأة المسيء، والذي يسيطر على حياة النساء ويقيِّد حرياتهن الشخصية، بما في ذلك احتجاز النساء المتَّهمات بمغادرة المنزل بدون إذن، وغيرها من الجرائم المختلفة التي تُطبق على الفتيات.
حرية التنقل
حرية التنقل تعني الحق في التنقل بحريَّة كما يحلو لنا وذلك ليس داخل البلد الذي نعيش فيه فحسب، بل زيارة بلدان أخرى أيضًا، ولكن العديد من النساء يواجهن تحديات حقيقية عندما يتعلق الأمر بذلك، فقد لا يُسمح لهن بالاحتفاظ بجوازات السفر الخاصة بهن، أو قد يتوجب عليهن طلب الإذن من وصيٍّ ذكر من أجل السفر، فـ على سبيل المثال، أُطلقت في السعودية مؤخرًا حملة تكلَّلت بالنجاح من أجل السماح للمرأة بقيادة السيارة، وهو فعل كان ممنوعًا لعدة عقود، وبالرغم من هذا المكتسب المُميز، تظل السلطات في اضطهاد واحتجاز العديد من الناشطات في مجال حقوق المرأة وذلك لمجرد مطالبتهن بحقوقهن سلميًا.
حق المرأة في التصويت
بدأ الناس بالاحتجاج للمطالبة بحق المرأة في التصويت وذلك خلال القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين، ففي عام ١٨٩٣ أصبحت نيوزيلندا أول بلد يمنح المرأة الحق في التصويت على المستوى الوطني، حيث ولدت ونمت هذه الحركة وانتشرت في شتى أنحاء العالم، واليوم أصبح حق المرأة في التصويت حقًا منصوصًا عليه في اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة ١٩٧٩، ويعود الفضل في ذلك إلى الجهود التي بذلها كلُّ مَن انخرط في هذا النضال، وبالرغم من تلك التطورات، لا يزال هناك أماكن كثيرة يصعب فيها على المرأة ممارسة هذا الحق إلى حد كبير.
وفي باكستان، على الرغم من أن التصويت حق دستوري، مُنعت النساء فعليًا من التصويت في بعض المناطق بسبب استخدام شخصيات نافذة في مجتمعاتهن الأعراف المحلية الأبوية لمنعهن من الذهاب إلى صناديق الاقتراع، وفي أفغانستان، قررت السلطات مؤخرًا استخدام أسلوب التقاط الصور الشخصية الإلزامي في مراكز الاقتراع، الأمر الذي خلق مشكلة للنساء في عملية التصويت في المناطق المحافظة، حيث تغطي أغلبية النساء وجوههن في الأماكن العامة، ولذلك فإن منظمة العفو الدولية تناضل من أجل تمكين جميع النساء من المشاركة الفعالة في العملية السياسية.
وفي سيراليون، تقوم منظمة العفو الدولية بالعمل مع المجتمعات المحلية ضمن برنامج التربية على حقوق الإنسان، الذي يركز على عدد من قضايا حقوق الإنسان، وفي الأردن، حثَّت منظمة العفو الدولية السلطات على وقف التواطؤ مع نظام “وصاية” الرجل على المرأة المسيء، الذي يسيطر على حياة النساء ويقيِّد حرياتهن الشخصية، بما في ذلك احتجاز النساء المتَّهمات بمغادرة المنزل بدون إذن وغيرها من الجرائم التي تُسئ للفتيات.
كما تخوض مصر اليوم معركة مصيرية لإعادة البناء على أسس جديدة بعد ثورتين أفرزتا تطلعات مشروعة نحو حياة أفضل لكافة المصريين ومستقبل يليق بالمكانة الحضارية لمصر وبطموحات بناتها وأبنائها، وهذا المسعى النبيل يستدعي شحذ همم المصريين كلهم، رجالاًً ونساء وحشد طاقاتهم الكاملة لتحقيق التنمية الشاملة على كافة الأصعدة الإجتماعية والإقتصادية والسياسية، والتي لا غنى عنها لتتبوأ مصر مكانة تستحقها بجدارة في مصاف الدول المتقدمة، فدون تمكين حقيقي يتيح للمرأة فرصة تحقيق ذاتها، ومن ثم يحرر طاقاتها للعطاء ويدعم مشاركتها بيسر وأمان، ولا يكتمل أي جهد تنموي ولا ينجح في تحقيق أهدافه.
ولهذا فإن تمكين المرأة لا يعتبر شأناً أو مطلباً خاصاً بالنساء وحدهن، وإنما هو ضرورة عامة لجميع المصريين من أجل بناء وطن قوي متماسك واثق في مستقبله، وفي هذا السياق كان للمجلس القومي للمرأة شرف السعي لخلق حوار مجتمعي واسع النطاق من أجل تطوير هذه الاستراتيجية الوطنية لتمكين المرأة المصرية، حيث تتوافق حولها كافة القوى الوطنية والأجهزة المعنية في الدولة، في ظل إرادة سياسية حاسمة في دعمها للمرأة المصرية، وعازمة على المضي بجدية في تفعيل كل ما من شأنه تمكينها وتأهيلها للعب دورها باستحقاق في تنمية وإعلاء شأن الوطن.