أسطورة شعب أطلانتس الشعب الذي لا يحلم
كتبت: آيات مصطفى
تعتبر أسطورة أطلانتس واحدة من أشهر الأساطير في التاريخ، حيث يروى أنها كانت مدينة ضائعة تقع في المحيط الأطلسي وغرقت في البحر بسبب غضب الله ومنذ ذلك الحين، أصبحت أطلانتس رمزًا للقوة والفخامة والضياع.
ومع ذلك، هناك جانب آخر لأسطورة أطلانتس يروى عن شعب كان يعيش فيها، شعب لا يحلم ففي هذه الأسطورة، يقال إن سكان أطلانتس كانوا شعبًا عظيمًا من حيث التكنولوجيا والثقافة والقوة، لكنهم كانوا يفتقرون إلى القدرة على الحلم فلقد كانوا شعبًا عقلانيًا للغاية، حتى درجة أنهم لم يكن يحلمون أبدًا فلقد كانوا يؤمنون بالعقل والمنطق فقط، وكانوا يروجون لفكرة أن الأحلام هي مجرد خيال غير منطقي.
في هذه المدينة، كان الشعب يعيش حياته بشكل ميكانيكي دون تصور لمستقبل أفضل لم يكن لديهم رغبات أو طموحات تجعلهم يستفزون لتحقيق المزيد و بدلاً من ترك العنان لأفكارهم ، كانوا مستسلمين بالحال الراهنة ولا يرجون أي تغير.
و على الرغم من قدراتهم التكنولوجية المذهلة وثرواتهم الضخمة، فإن شعب أطلانتس كان مصيره محتومًا. فإنهم لم يكن لديهم رؤية وتخطيط لمستقبل أفضل، فإن نهاية المدينة كان محتومًا بالهلاك .
و إذا نظرنا إلى هذه الأسطورة فأطلانتس هي مدينة غامضة ومنسية تقع في قاع المحيط الأطلسي، يقال إنها كانت موطنًا لشعب عظيم وقوي، ولكنها اختفت فجأة تحت أمواج البحر دون أثر،ومنذ ذلك الحين أصبحت أطلانتس موضوعًا للبحث والتخيل والرواية للعديد من الكتاب والمستكشفين والمغامرين.
ومن بين هؤلاء الكتاب، يبرز اسم جورج أورويل، الذي كتب رواية خيال علمي بعنوان 1984 والتي صدرت بتاريخ 1949.
في هذه الرواية، يتحدث أورويل عن مجتمع مثالي ومتناغم،ومن بين المفاهيم التي استند عليها أورويل في الرواية هو مفهوم اليوتوبيا، أي المدينة الفاضلة حيث يعيش الناس في سلام وسعادة، ولا يعرفون معنى الحرب أو الظلم أو الفقر، ولكن هناك سر مظلم وراء هذا النظام الاجتماعي وهو أن الشعب لا يحلم وهذا بالضبط مثلما وصف عن الشعب الأطلانتي .
وإذا ربطنا بين رواية أورويل وأسطورة شعب أطلانتس ، فنجد أن في القصتين يعتقد المواطنون أن الأحلام هي مصدر الشر والفوضى والانحراف، وأنها تضعف العقل والجسد والروح.
و وفقًا لرواية أورويل كان النظام يستخدم تقنية خاصة لمنع الأحلام من الحدوث، و تتمثل في حقن مادة كيميائية في الدماغ قبل النوم، والتي تسبب النوم العميق والهادئ، دون أي رؤى أو مشاعر وبهذه الطريقة كان المواطنون يحافظون على توازنهم النفسي والجسدي والروحي، ويتجنبون أي تهديد لنظامهم الاجتماعي.
لكن هذا النظام لم يدم طويلاُ، ففي يوم من الأيام ظهر رجل يدعى وينستون سميث، وهو موظف في وزارة الحقيقة، وهي الجهة المسؤولة عن تزوير التاريخ والأخبار والمعلومات لصالح الحكومة.
وكان وينستون سميث مختلفًا عن بقية المواطنين، فهو كان يحلم وليس فقط يحلم، بل يتذكر أحلامه، ويكتبها في مذكرة سرية يخفيها عن السلطات للهروب من الاستبداد والتحكم ، على الأقل داخل عقله وبدأ ونستون في كتابة مذكراته وهذا الفعل لو عرف قد يؤدي به إلى الإعدام .
وفي رحلته للبحث عن الحقيقة التقى وينستون سميث بامرأة تدعى جوليا، وهي عضوة في حركة سرية تسمى “الأخوة”، وهي تهدف إلى إسقاط الحكومة وإعادة الحرية والأحلام للناس ووقع وينستون سميث في حب جوليا، وانضم إلى حركتها، وبدأ يتلقى تعليمات من رجل غامض يدعى أوبراين وهو زعيم الأخوة ويدعي أنه يمتلك كتابًا سريًا يحتوي على الحقيقة الكاملة .
لكن هذه الرواية لا تنتهي بسعادة، ففي النهاية يتم القبض على وينستون سميث وجوليا من قبل الشرطة السرية ويتبين أن أوبراين كان عميلًا مزدوجًا وأن الكتاب السري كان مجرد فخ لاصطياد المتمردين.
ويتم تعذيب وينستون سميث وجوليا بوحشية، ويتم غسل أدمغتهم، ويتم إجبارهم على التخلي عن حبهم وأحلامهم، ويتم تحويلهم إلى مواطنين مطيعين و مخلصين ،وتنتهي الرواية نهاية مأساوية وهي أن بعد خروجهم من التأهيل ينتهي بهما الحال في النهاية “بحب الأخ الأكبر وتقديره” والمقصود به هنا هو رأس النظام الحاكم .
نعم فكم هو مؤلم أن يحب الفرد وطنه، ولكن بعد اتخاذ إجراءات ممنهجة ضده ، فطبيعة البشر أن يولد وتولد معه مفاهيم فطرية تنمو معه دون تدخل أحد ألا وهي الحب والوطنية وحتى الحلم ،وعندما تتدخل قوة ما لتغير مفهوم من تلك المفاهيم الفطرية يختل عندها ميزان العدل فليس من الطبيعي أن تتحكم في قلب أو عقل أنسان وتسيطر وتهيمن عليه .
فهل كانت أطلانتس حقيقية أم خيالية؟
هذا هو السؤال الذي شغل عقول العديد من المؤرخين والمستكشفين والباحثين على مر العصور بعضهم يعتقدون أن أطلانتس كانت مجرد مثال تمثيلي استخدمه أفلاطون لإيصال رسالة فلسفية عن المجتمع المثالي والانحطاط الأخلاقي.
وبعضهم يرى أن أطلانتس كانت حضارة حقيقية متقدمة تقنيًا وعلميًا، وأن آثارها ما زالت موجودة في أماكن مختلفة من العالم.
و لا يوجد دليل قاطع حتى الآن على وجود أطلانتس أو غرقها، ولكن هناك العديد من النظريات والفرضيات التي تحاول تفسير أصلها و موقعها ومصيرها، ولكن هذه القارة الغامضة ستظل تلهم الإنسان بالفضول والإبداع والمغامرة.
فإذا كان شعب أطلانتس حقً فعلينا أن نرجع لقول الله تعالى:
“وَكَذَٰلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَىٰ وَهِيَ ظَالِمَةٌ ۚ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ (102)
“سورة هود”
و هذه الآية تتحدث عن قدرة الله وحكمته في إهلاك الأمم السابقة التي كفرت برسله وآياته، وتحذر باقي الأمم من السير على نفس الطريق الذي سلكته تلك الأمم.
والقرى هنا هي البلدان والمدن والقارات التي يسكنها الناس، والمراد بها هنا القرى الظالمة التي عصت الله و ابتدعت أمور باطلة ، وأنكرت الحق واتبعوا الباطل، وهذا الوصف لأخذ الله تعالى للقرى الظالمة كم هو وصف مخيف ومهيب يجعلنا نفكر في مصائر قرى كانت آمنة بحفظ الله حتى ابتدعت وتمادت في الطغيان إلى أن أتاها أمر الله فوجب علينا تدبر حكمة الله والأخذ بالأسباب لمرضاة الله تعالى حفظنا الله وإياكم من كل مكروه .