مقالات

اكتشف نفسك….. وقم ببنائها

كتبت: نورا أشرف 

 

يعد حب الذات هو صفة بشرية يتميز بها الإنسان عن غيره من سائر الكائنات، كما أن الحياة مجموع من العلاقات النفسية البشرية، والذي تحكم علينا العلاقات والتعامل مع الآخرين وإنجاز المهام، منذ نعومة أظافرنا تعلمنا التحكم بجسدنا وأجزائه المختلفة ثم النطق والكلام والمراحل التعليمية ثم العمل.

 

وفي كل مراحل حياتنا نسجل تقدمات مختلفة، ولكن هناك ما غفلنا عنه ويقف أمام معظمنا كعائق ينغص علينا حياتنا، ونتجاهل هويته الحقيقية ألا وإنها حب ذاتنا و قبولها كما هي علاقتنا بأنفسنا أصبحت أكثر من هشة ويرجع ذلك؛ لتجاهلنا لها وتجاهل تعبها من ضغوط الحياة حتى أصبحت ضعيفة قابلة للتحطيم في أي وقت.

دعنا نعرض عليك بعض من هذه العلامات التي تدل أنك بحاجة إلى حب الذات والاهتمام بنفسك أكثر.

 

أولًا: تعريف حب الذات

يعد حب الذات صفة بشرية، تولد معنا وهو قبول الإنسان ذاته و أوجه قصورها و المعرفة التامة حول أنه لا يوجد سبيل إلى الكمال الذاتي وأن الكمال هو لله وحده لذلك واجب علينا تجاه أنفسنا أن لا نحملها فوق طاقتها لقول الله تبارك وتعالى:

“لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا”

أي: لا يكلف أحدًا فوق طاقته، فالله لم يكلف عباده إلا ما يستطيعون، كما قال الله تعالى:

“يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ”

{البقرة:185}.

أن الله تعالى وهبه القدرة إلى النفوس بشكل متفاوت فإن ما يناسب غيري لا يناسبني .

ويرجع بعض تلك القصور إلى التربية الخطأ من قبل الأهالي أو تربيتهم بنفس سوء التربية؛ إلا أنه جهل بالشيء ليس إلا ظنًا منهم أن هذا سوف يجعلهم أحسن، مثل مقارنة بعض الأهالي أطفالهم باطفال غيرهم أو توصيل بعض الرسائل النفسية التي تصل للطفل من خلال الكلام أو التصرفات بانه ليس كافي وأنما دائمًا هو أقل شأن من غيره .

البعد عن هوايتك أو اهتمامتك المفضلة

هو فقدان الشغف تجاه أكثر الأشياء كانت تدخل السعادة إليك، والإحساس الدائم بالاكتئاب الحاد، وعدم القدرة على اجتياز أحب الأمور إليك، مثل اللاعب الذي توقف مرة واحدة عن التدريب وقرر الاعتزال؛ للخوف من عدم فوزه بالمبارة القادمة ويعد هذا علامة من علامات أنه بحاجة إلى حب ذاته والوثوق بها أكثر .

 

ربما تكون البيئة المحيطة هي عامل من عوامل الاكتئاب مثل العمل الذي يواجه في الشخص الكثير من المتاعب والضغوط النفسية، ومن واجب الشخص تجاه نفسه هو تغيير بيئته أو بيئة العمل .

البعد عن العلاقات وحب الاعتزال بعيد عن الناس  

إن العلاقات الإنسانية، شيء لا يوجد عليه خلاف فمنذ أن عرفته البشرية وهي تعيش في جماعات، كما أن علماء النفس الذين دائمًا ما يحثوا على العلاقات البشرية ببعضها و أهمية المجتمع الداعم و البيئة الإيجابية التي تكون ذات تأثير فعال على الإنسان وعلى قدرته الإبداعية و نضجه و تحقيق التوازن النفسي له.

 

تعريف ( الإنسان ) كما عرفه العالم العربي المسلم، والمؤسس الأول لعلم الإجتماع ( عبد الرحمن ابن خلدون ) وضع ابن خلدون تعريف للإنسان بأنه (كائن إجتماعي بالضرورة )، و وصفه للضرورة هنا يرجع إلى أنه مضطر أي مرغم وليس مخيار، يعيش الإنسان في جماعات منذ القدم يعتمد عليهم ويعتمدوا عليه ويتبادل معاهم المصالح.

 

من الناحية الدينية كان رسول الله صلى الله علية وسلم يكثر من دعاء ( اللهم رحمتك أرجو فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين، وأصلح لي شأني كله لا إله إلا أنت)، ويوكد هذا الحديث عن حاجة الإنسان الملحة على ألا يعتزل بنفسة؛ لذلك إذا وجدت نفسك تميل إلى العزلة بهذا يدل على حاجتك إلى حب الذات و التقرب منها ومعرفت مشكلتها وأوجه قصورها أو حتى اللجأء إلى مختص.

 

عدم قبول النفس وعادة جلد الذات

عندما تريد النوم بعد يوم طويل شاق، يبداء عقلك برفض هذا النوم في إعادة ذكريات مؤلمة حدثت لك في الماضي أو حتى الحاضر أو افتراضات لم تحدث بعد، أو حتى التحدث إليك بطريقه يملأها السخرية منك، وعن أنك فاشل وأنه ليس لك مستقبل ويبداء بتشتيكك وتحطيم ثقتك في نفسك، كما أنه يعمل على فقدان ذاكرة مؤقت في ذلك الوقت لنجاحتك أو انجازاتك.

 

يعد جلد الذات من الأمور المنتشرة، والذي يدل بشكل كبير عن الافتقار لحب الذات أو حتى المقدرة على مسامحتها، ما عليك وقتها إلا أن تحرر نفسك من كل الضغوط فقط أعطي لنفسك مساحة؛ لحبه و مسامحة نفسك على ما مضي أو حتى على ما سوف يحدث.

 

اكتساب الثقه بالنفس من الآخرين  

في أحد الأفلام الأجنبية مشهد مؤلم جدًا هو عبارة (عن أبطال الفيلم قابلو في رحلتهم قرد كبير في السن، هربان من سجون الجنود الأمريكان، وعايش لوحده في كهف من سنين) .

 

المؤلم أنه لما حب يعرفهم بنفسه قالهم أن اسمه هو ( باد ايب) قرد سيئ و قدرنا نستنج أن ده اللقب إللي الجنود الأمريكان كانوا بيندهوا باللقب ده لحد ما اقتنع أنه كده فعلًا، وده كان مجرد مشهد من فيلم حدث مع حيوان، لكن في الواقع هذا ما يحدث بالفعل مع بعض الأشخاص، أنهم بيتعرضه لمعامله غير لائقه أو حتى بستهانه لحد ما يقتنع أنه أقل من أي حد وأنه أقل من أنه يتعامل بشكل طبيعي، و مثل ما تحدثنا من قبل أن ده بنقابله في الأول من قبل الأهالي اللي بغير قصد بيتعاملوا مع أطفالهم بشي من العنف أو المقارنة المستمرة، وأنه دائمًا لازم يبذل أقصى مجهود عشان يحصل على الكمال أو الرضا من الناس الموجوده حوليه.

 

ساعات كتير بنقابل ناس مش بتعرف قيمة نفسها غير من خلال الآخرين، وده بيكون غلط مش دائما إللي برا بيحكم صح، و أن لازم حب وثقة الإنسان تكون نبعه من داخل نفسه هو، وده بكون نتيجه لحب لنفسه وتقديرها .

 

مش لازم أكون مثالي طوال الوقت

مش معني إننا بشر بنكون دايما محتاجين لبعض، أو إني أكون متسامح مع نفسي ومع الأخرين، أن أسمح لحد تاني يستغلني أو يحملني فوق طاقتي (لا) لازم اتعلم أقول (لا )اللي تحميني، هنا بيكون دليل أن بحب ذاتي وبقدرها، مش معنها أبدًا إني أناني، لو قدرت أقول لا لصد الأذى عن نفسي فده معني إني قدرة اتصالح مع نفسي واحبها، وإني مسمحش بأذى ليها من أي حد، لكن كلمة لا اللي هتعلمها دي لازم يكون لها معني وهي حماية نفسي مش لا لأسباب فيها أذى لغيري لحاسب نفسي بس.

 

بنشوف النهارده كتير من الناس بتخاف تكشف عن خوفها أو عن حزنها؛ عشان محدش يقول عليها درامية أو حتى نكدية؛ ولكن في الحقيقة ده غلط جدًا وجريمة في حق النفس وهو حرمنها من جزء طبيعي فيها وهو الخوف أو الحزن، إني أكون حزين معني ده في حاجه أذتني، خوفي مرتبط بموقف اتعرضت ليه أو حتى خوف فطري، شئ طبيعي أنك تصرح عن حزنك أو خوفك بشكل يلائم الموقف، وإذا وجدت نفسك تفعل غير ذلك فإنك بحاجة إلى حب ذاتك أكثر.

 

الشخصية المتنمره

يواجه العالم اليوم حالة فظه من التنمر المنتشر، والذي يعد أحد مظاهر القصور و التشوهات النفسية، يواجه الشخص عيوبة وقصورة النفسية بتسبيب الأذى إلى الأخرين وانتقادهم بشكل مستمر، بدلًا مواجهة تلك القصور في شخصيته و محاولات إصلاحها، أو أنه تعرض لمثل هذة الحالة وكان يتعرض للتنمر وأثر عليه ذلك بتشويه نفسي عميق .

 

أن ما يوجد اليوم في المجتمع ويظهر بشده وهي ظاهرة كارثية، وهي الكاميدية السوداء وهي أحد فرع التنمر، تكون عبارة عن الاستخفاف بخوف أحد أو وصفة بشكل غير محبوب كنوع من أنواع الهزار ولكن هذا النوع لا يمد إلى الهزار بشي فهو تنمر يؤذي فقط.

 

معرفة المشكلة النفسية هي أولى الطرق لحلها وعيش حياة سلمية صحية، حب الذات وقبول النفس كما هي يجعلنا نتجاوز كل مصاعب الحياة ويقوي العلاقات، وبناء مجتمعات خالية من التعقيدات، أن ما نري اليوم في معظم المجتمعات من عنف و تنمر واغتصاب و تحرش وهو انتهاك لحقوق البشرية لا تعرف شي عن حب الذات وتطويرها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى